ثلاث مراحل لـ”خارطة طريق” رفع العقوبات عن سوريا

يجري تحضير “خارطة طريق” في أروقة البيت الأبيض لرفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، تنفيذًا لما أعلنه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 13 من أيار.
واقترح فريق السياسات والتخطيط بوزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي، “وثيقة أولية” تضمنت خارطة طريق من ثلاث مراحل لتخفيف العقوبات عن سوريا، تبدأ بإعفاءات قصيرة الأجل، وسيرتبط التقدم نحو تخفيف إضافي ورفع تام للعقوبات في مراحل لاحقة بشروط صارمة أثارت معارضة بعض المسؤولين، وفقا لما قالته وكالة “أسوشيتيد برس” الأمريكية، اليوم الجمعة 23 من أيار.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، ماكس بلوستاين، للوكالة الخميس، إن “العقوبات المفروضة على سوريا عبارة عن شبكة معقدة من القوانين والإجراءات التنفيذية وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي يتعين التعامل معها بعناية وحذر”.
وأضاف بلوستاين أن الإدارة “تحلل حاليًا الطريقة المثلى للقيام بذلك” وستصدر إعلانًا قريبًا.
تفكيك الجماعات الفلسطينية
مسؤول أمريكي كبير مطلع على الخطة، لم يكن مخولًا بالتعليق علنًا وتحدث للوكالة الأمريكية بشرط عدم الكشف عن هويته، قال إن “اقتراحًا من وزارة الخارجية تم تداوله بين المسؤولين بعد تعهد ترامب خلال زيارته للشرق الأوسط الأسبوع الماضي، برفع العقوبات، يضع شروطًا شاملة لمراحل مستقبلية من تخفيف العقوبات أو رفعها بشكل دائم، بما في ذلك تفكيك الجماعات الفلسطينية المسلحة كمطلب رئيسي”.
ويُعدّ إبعاد “جماعات فلسطينية”، تصنفها واشنطن كـ”إرهابية” من سوريا، أول متطلبات المرحلة الثانية، بحسب وصف وكالة “أسوشيتيد برس”.
ويقول مؤيدو تخفيف العقوبات إن هذا الشرط قد يكون مستحيلًا، نظرًا لطبيعة تحديد الجماعات التي ينطبق عليها هذا التعريف، ومتى يُمكن إعلان إبعادها.
في 19 من نيسان الماضي، سربت مجلة “المجلة” السعودية،، ثمانية شروط أمريكية لرفع العقوبات عن سوريا وإعادة العلاقات الدبلوماسية، ومن بينها “إصدار إعلان رسمي عام يحظر جميع الميليشيات الفلسطينية والأنشطة السياسية، وترحيل أعضائها، لتهدئة المخاوف الإسرائيلية”.
وأعقب ذلك رد سوري، عبر رسالة من أربع صفحات، إلى الولايات المتحدة، كشفت عنها “رويترز”، في 26 من نيسان، جاء فيها أن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، شكّل لجنة “لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية”، وأنه لن يُسمح للفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة بالعمل.
إن صح هذا التسريب، بحسب الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، عرابي عبد الحي عرابي، فهو مؤشر على نية السلطات ضبط كامل الملف الفلسطيني ومراقبة أنشطة الفصائل وحصرها بالنشاط السياسي.
ولهذا الأمر بعدان، وفق ما قاله عرابي ل في وقت سابق، الأول داخلي، يتمثل بأن السلاح خارج الدولة لم يعد مقبولًا، وخارجي يشي بأن سوريا الجديدة ليست منصة للابتزاز العسكري المنضبط ضد دول الجوار.
دمج “قسد” وتسلُّم معتقلي التنظيم
وقالت الوكالة إنه من بين الشروط الأخرى للانتقال إلى المرحلة الثانية أن “تتولى الحكومة الجديدة رعاية مراكز الاحتجاز التي تضم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرقي سوريا”، وتنفيذ الاتفاق الأخير مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، والذي يتضمن دمجها في الجيش السوري.
ويبدو أن ضغطًا تركيًا يبذل من أجل هذا الأمر، فقد جرى تشكيل لجنة رباعية ين تركيا وأمريكا وسوريا والعراق، لمناقشة مصير مسلحي تنظيم “الدولة” داخل معسكرات الاعتقال، وفق ما أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 22 من أيار.
ويُحتجز ما بين 9 و10 آلاف مقاتل من التنظيم، ونحو 40 ألفًا من أفراد عائلاتهم في شمال شرقي سوريا.
ونقلت وكالة “رويترز” عن أردوغان قوله إن “تركيا وسوريا والعراق والولايات المتحدة شكلوا لجنة لمناقشة مصير مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، في معسكرات الاعتقال بشمال شرق سوريا، والتي تديرها قوات سوريا الديمقراطية منذ سنوات”.
واعتبر أردوغان، أنه “يتعين على الحكومة السورية التركيز على اتفاقها مع قوات سوريا الديمقراطية، والذي ينص على اندماجها في القوات المسلحة السورية”، وهو ما حث الرئيس التركي دمشق على تنفيذه.
كما أن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، التقى برئيس الاستخبارات التركية، إبراهيم قالن في دمشق، والذي بحث مسألة دمج عناصر “حزب العمال الكردستاني” (PKK) و”وحدات حماية الشعب” (YPG)، على غرار المجموعات الأخرى بسوريا الجديدة بعد إلقاء السلاح، وفق ما نقلت وكالة “الأناضول” التركية، عن مصادر أمنية.
اتفاقيات “أبراهام”
وللوصول إلى المرحلة الثالثة، بحسب الوكالة الأمريكية “يتعين على سوريا الانضمام إلى اتفاقيات “أبراهام” لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وإثبات أنها دمرت كل الأسلحة الكيميائية للحكومة السابقة”.
ترامب، الذي أعلن من السعودية، في 13 من أيار الحالي، رفع العقوبات عن سوريا، قال إن سوريا ستنضم في نهاية المطاف إلى اتفاقيات “أبراهام”.
وهذه إحدى التوجيهات الرئيسية التي طرحها الرئيس الأمريكي مع نظيره السوري خلال لقائهما، وقال ترامب إن الشرع أبدى موافقة مبدئية.
وربط ترامب دخول سوريا بالاتفاقيات، باستقرار الوضع في البلاد وتنظيم البيت الداخلي، وفق ما أوردته وسائل إعلام أمريكية، ومنها “CNN“.
وخلال لقاء الرئيسين الأمريكي والسوري، بالعاصمة السعودية الرياض، قالت مساعدة الرئيس والسكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، عبر “إكس” إن ترامب شجّع نظيره الشرع على خمس قضايا رئيسة، منها، التوقيع على اتفاقيات “أبراهام” مع إسرائيل.
وفي حين يمكن رفع بعض العقوبات من خلال إجراء تنفيذي، فإن عقوبات أخرى تواجه عملية أكثر تعقيدا، ولعل الأصعب هو قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، وهو مجموعة واسعة النطاق من العقوبات أقرها الكونجرس في عام 2019 ردا على جرائم الحرب التي ارتكبتها حكومة الأسد، وفقا لـ “أسوشيتيد برس”.
وترى الوكالة أن العقوبات الجديدة (قيصر) تمنع بشكل خاص أنشطة إعادة الإعمار، وعلى الرغم من أنه يمكن التنازل عنها لمدة 180 يومًا بموجب أمر تنفيذي، فمن المرجح أن يكون المستثمرون حذرين من مشاريع إعادة الإعمار عندما يمكن إعادة فرض العقوبات بعد ستة أشهر.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي