رفعت مديرة الاستخبارات الوطنية في الولايات المتحدة تولسي جابارد، الأربعاء، السرية عن تقرير سابق لمجلس النواب يتضمن أدلة جديدة تزعم أن الرئيس الأميركي السابق الديمقراطي باراك أوباما وكبار مساعديه “تآمروا لتقويض” فوز الرئيس الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات عام 2016.
يتناول التقرير، المؤلف من 44 صفحة، مراجعة أجراها الجمهوريون في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، وذلك بناءً على تكليف صدر عقب فوز ترمب على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016.
واتهمت جابارد إدارة أوباما بـ”ترويج رواية مختلقة” مفادها أن روسيا تدخلت في انتخابات عام 2016، وذلك بعد أن اتهم ترمب سلفه أوباما بأنه “العقل المدبر” لتحقيقات سابقة بشأن ما إذا كانت حملة الرئيس الجمهوري قد تواطأت مع روسيا خلال تلك الانتخابات.
ووصف الديمقراطيون في الكونجرس نشر هذه الوثائق، بأنه “تصرف متهور هدفه إرضاء ترمب”، زاعمين أن المراجعة التي أجراها الجمهوريون في مجلس النواب تشوبها “عيوب جوهرية”، بحسب مجلة “بوليتيكو” الأميركية.
وقالت جابارد في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، إن “الحقائق الصادمة التي نكشف عنها اليوم يجب أن تُثير قلق كل أميركي، فالمسألة لا تتعلق بالحزب الديمقراطي أو الجمهوري، بل بنزاهة جمهوريتنا الديمقراطية وثقة الناخبين الأميركيين بأن أصواتهم تُحتسب فعلاً”.
وذكرت أن “هناك أدلة دامغة تُبيّن كيف أن الرئيس السابق باراك أوباما وفريقه للأمن القومي وجّهوا بإعداد تقييم استخباراتي داخل مجتمع الاستخبارات، كانوا يعلمون أنه كاذب”.
وأضافت: “لقد علموا أنه سيُعزز رواية مختلقة مفادها أن روسيا تدخلت في انتخابات 2016 لمساعدة دونالد ترمب على الفوز، وقاموا ببيع هذه الرواية للشعب الأميركي وكأنها حقيقة”.
“معلومات مضللة”
وأشارت جابارد، إلى أن “تقرير مجلس النواب تناول بالتفصيل المعلومات التي كانت بحوزة روسيا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن هيلاري كلينتون، والتي تضمنت أعمالاً إجرامية محتملة، مثل اجتماعات سرية مع عدد من المنظمات الدينية الأميركية المعروفة”.
ولفتت إلى أن “مسؤولين في وزارة الخارجية عرضوا زيادات كبيرة في التمويل المقدم من الوزارة لتلك الجهات مقابل دعم حملة كلينتون الانتخابية للرئاسة”.
وزعمت مديرة الاستخبارات الوطنية، أن “مدير وكالة الاستخبارات المركزية CIA حينها جون برينان ومجتمع الاستخبارات قدما وصفاً مضللاً للمعلومات الاستخباراتية، واعتمدوا على مصادر مشكوك فيها وضعيفة الجودة لبناء رواية زائفة ومُختلقة، تزعم أن بوتين يفضل فوز ترمب”.
وأضافت أن برينان ومجتمع الاستخبارات “ضللوا المشرعين الأميركيين” من خلال اعتمادهم على ملف (ستيل) في تقييم نوايا روسيا المزعومة، رغم علمهم المسبق بأن الملف لا يحمل أي قيمة استخباراتية بعد ثبوت زيف محتواه. ويُقصد بملف (ستيل) تقريراً أعده ضابط استخبارات بريطاني سابق يُدعى كريستوفر ستيل، اتّهم فيه روسيا بالتدخل في انتخابات 2016 لصالح دونالد ترمب.
واعتبرت جابارد، أن “مجتمع الاستخبارات استبعد معلومات استخباراتية مهمة، وتجاهل أو اقتبس بشكل انتقائي من مصادر موثوقة تناقض الاستنتاجات الرئيسية للتقييم الاستخباراتي بشأن الدعم المزعوم من بوتين لترمب”.
وأشارت إلى أنه “لو تم تضمين تلك المعلومات، لكانت كافية لكشف أن ادعاء تقييم مجتمع الاستخبارات غير معقول، إن لم يكن سخيفاً”.
ولفتت إلى أن التقييم الاستخباراتي استبعد معلومات موثوقة المصدر، من بينها تقارير تشير إلى أن بعض مسؤولي الاستخبارات الروسية كانوا يفضلون فوز هيلاري كلينتون.
وأضافت أن هناك تقديرات أخرى رأت أن كلاً من ترمب وكلينتون لن يحترما مصالح روسيا، وهو ما ورد في وثائق مكتب مدير الاستخبارات الوطنية التي نُشرت الجمعة.
وخلصت عدة تقارير صادرة عن مجتمع الاستخبارات خلال الأشهر التي سبقت انتخابات نوفمبر 2016، إلى أن “روسيا ليس لديها النية ولا القدرة على التأثير في نتيجة الانتخابات الأميركية”، بحسب جاباراد.
وتابعت: “كشف تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، الذي نُشر اليوم (الأربعاء)، أن على عكس التحليلات الروتينية لمجتمع الاستخبارات، فإن التقييم الاستخباراتي الذي أُعد في يناير 2017 كان منتجاً بارزاً وعالي المستوى أمر به الرئيس أوباما شخصياً”.
وأصدر أوباما توجيهاً لـ”رؤساء وكالات مجتمع الاستخبارات لإعداد تقييم استخباراتي”، وفقاً لجاباراد التي أشارت إلى أنه “حصر العملية بـ5 محللين فقط، استخدموا مسودة رئيسية واحدة، وهذا الإجراء لا يحدث في السياق الطبيعي لإعداد تقييم استخباراتي يمثل وجهات نظر مختلف وكالات الاستخبارات”.
وذكرت أن “هذا التقييم خضع لتوجيهات استثنائية ومباشرة من الرئيس وكبار المعينين السياسيين، وعلى وجه الخصوص مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق جون برينان”.
وأشارت إلى أن “تقرير الرقابة الصادر عن لجنة الاستخبارات في مجلس النواب يكشف أن برينان أمر في 9 ديسمبر 2016 بنشر تقارير دون المستوى المطلوب حول أنشطة روسيا، كانت قد حُجبت سابقاً من التقييمات السابقة لأن المعلومات اعتُبرت غير مستوفية لمعايير النشر المتعارف عليها منذ زمن طويل”.
وترى أن “بعض هذه المعلومات، التي استخدمت لاحقاً في التقييم الاستخباراتي بأمر من أوباما، كانت غامضة أو صادرة من مصادر غير معروفة، رغم اعتراض ضباط مخضرمين في وكالة الاستخبارات المركزية على استخدامها”.
وكشف تقرير لجنة الرقابة، أن “برينان تجاهل اعتراضات ضباط كبار في الوكالة قالوا بوضوح: لا نمتلك معلومات مباشرة تفيد بأن بوتين أراد أن يُنتخب ترمب”، وفقاً جابارد.
“تعزيز فرص انتخاب ترمب”
ونُشر التقييم الاستخباراتي في 6 يناير 2017، وورد فيه: “نُقيّم أن بوتين والحكومة الروسية كانوا يطمحون إلى تعزيز فرص انتخاب الرئيس المنتخب ترمب، متى ما كان ذلك ممكناً، من خلال تقويض كلينتون، ومقارنتها به بشكل سلبي علنياً”.
وأعربت وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، عن “ثقة عالية في هذا الاستنتاج، بينما أبدت وكالة الأمن القومي NSA ثقة متوسطة”.
واعتبرت جابارد خلال المؤتمر الصحافي، أن “التقرير الذي نُشر اليوم (الأربعاء) يُظهر أن التقييم الاستخباراتي لم يستند إلى أي تقرير مباشر يُفيد بأن بوتين كان يريد بالفعل فوز ترمب، بل العكس هو الصحيح”.
وأضافت: “فيما يتعلق بملف ستيل، أصبح من المؤكد الآن أن أحد الوثائق التي استخدمتها إدارة أوباما في إعداد التقييم الاستخباراتي الصادر في يناير 2017 لم يكن سوى الملف غير المؤكد المعروف باسم ملف ستيل”.
واستعرضت جابارد أبرز النتائج التي توصل إليها تقرير لجنة الاستخبارات، والتي حققت في الادعاءات التي وردت في تقييم مجتمع الاستخبارات الصادر بأمر من الرئيس أوباما، والمنشور في يناير 2017.
وجاء فيه، وفقاً للمسؤولة الأميركية، أن “المصالح الرئيسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيما يخص انتخابات 2016 كانت تتمثل في تقويض الثقة بالعملية الديمقراطية الأميركية، لا دعم مرشح معين”.
ويُظهر التقرير، أن “بوتين امتنع عن تسريب معلومات محرجة تخص هيلاري كلينتون قبل الانتخابات، وكان يخطط لنشرها بعد الانتخابات، بهدف إضعاف ما كانت تراه موسكو رئاسة كلينتون الحتمية”، بحسب جاباراد