جاستن ترودو.. رحلة صعود وسقوط رئيس وزراء كندا المستقيل
في رحلة امتدت لنحو 25 عاماً، أوقف رئيس وزراء كندا المستقيل جاستن ترودو، مسيرة سياسية بدأها في وقت مبكر، منذ ودَّع والده الراحل بيير إليوت ترودو في عام 2000، والذي شغل بدورة المنصب ذاته لنحو 15 عاماً.
لم تخل مسيرة ترودو الابن من التحديات والأزمات التي أفضت في النهاية إلى استقالته التي اعتبرتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية “متوقعة”.
وذكرت الصحيفة أن استقالة ترودو مثَّلت “سقوطاً مدوياً لزعيم كان محبوباً للغاية في السابق”، لدرجة أن اجتماعاته الدبلوماسية كانت تشهد اصطفاف المعجبين لالتقاط صور ذاتية “سيلفي” معه.
واستعرضت “نيويورك تايمز”، محطات الصعود والسقوط في مسيرة ترودو السياسية الممتدة لنحو ربع قرن.
2000
وُلد ترودو يوم عيد الميلاد في عام 1971، ليصبح نجماً منذ نعومة أظفاره، كونه ابن رئيس الوزراء السابق بيير إليوت ترودو وزوجته مارجريت، لكن عودته إلى الأضواء جاءت من خلال الكلمة التأبينية المؤثرة التي ألقاها في جنازة والده عام 2000، حيث أظهرت طموحاته السياسية المبكرة.
وقال ترودو، وكان عمره آنذاك 28 عاماً، وسط حضور غفير: “لقد اجتمعنا من الساحل إلى الساحل، من محيط إلى آخر، متحدين في حزننا لنقول وداعاً. لكن هذه ليست النهاية”.
2008
انتُخب ترودو، الذي كان يعمل مُعلّماً في مدرسة ثانوية، عضواً في البرلمان وعمره 36 عاماً.
2012
حقَّق ترودو انتصاراً في مباراة ملاكمة خيرية ضد خصم محافظ يحمل الحزام الأسود في الكاراتيه، ما عزَّز شعبيته ومكانته السياسية.
2013
انتُخب ترودو لقيادة “الحزب الليبرالي” الذي كان يعاني من أزمة سياسية. وكان الحزب قد هيمن على المشهد السياسي الفيدرالي في كندا لمعظم تاريخها، خاصة خلال السنوات الـ15 التي شغل فيها والده منصب رئيس الوزراء، لكن الحزب عانى لعقد كامل من تداعيات فضيحة أخلاقية كبرى في مقاطعة كيبيك، إضافة إلى 3 زعماء متعاقبين يتمتعون بسير ذاتية مميزة، لكنهم لم ينجحوا في كسب إعجاب الناخبين.
2015
برز ترودو على الساحة الدولية كقائد شاب منتخب حديثاً لكندا، وشكّل أول حكومة كندية تضم عدداً متساوياً من الرجال والنساء، وعندما سُئل عن السبب، أجاب مازحاً: “لأننا في عام 2015”. وعزز هذا الرد صورته التقدمية التي عمل على بنائها خلال العقد التالي.
وقدَّم ترودو نفسه كمدافع عن حقوق المرأة، والبيئة، واللاجئين، وحقوق السكان الأصليين. وصنَّفته مجلة “فوج” ضمن قائمة “الوسيمين المتمردين” لعام 2015، واصفة إياه بأنه “سياسي كندي جذاب للغاية”.
2016
أطلق ترودو برنامجاً وطنياً لفرْض الضرائب على الانبعاثات الكربونية، يتضمن تقديم تعويضات للمستهلكين. واعتُبر هذا البرنامج أحد أهم إنجازات ترودو كرئيس للوزراء، لكنه تعرَّض لانتقادات شديدة من خصومه السياسيين الذين اعتبروه “عبئاً” على الكنديين العاديين.
2017
بعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، حاول ترودو تقديم صورة مغايرة لكندا.
وعندما فرض ترمب حظراً مؤقتاً على سفر مواطني بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة إلى الولايات المتحدة وقيوداً على برامج اللاجئين، كتب ترودو على وسائل التواصل الاجتماعي: “لأولئك الذين يفرون من الاضطهاد، والإرهاب، والحرب، الكنديون سيرحبون بكم بغض النظر عن معتقداتكم. التنوع هو قوتنا”.
لكن ذلك العام شهد بداية سلسلة فضائح أثَّرت على صورته، بعدما أقرَّت لجنة مسؤولة عن الأخلاقيات بأنه خالف قواعد تضارب المصالح في عام 2016 بقضائه عطلة فاخرة مجانية لم يكشف عنها.
2018
قاد ترودو مبادرات للمصالحة مع السكان الأصليين، لكنه اتُهم أيضاً بالتحرش بصحافية عام 2000، وهو ما نفاه.
2019
تعرَّضت سمعة جاستن ترودو لضربة جديدة عندما قرر مفوض فيدرالي للشؤون الأخلاقية أنه حاول التحايل على وزيرة العدل السابقة، وتقويض عملها وتشويه سمعتها، وذلك فيما يتعلق بقضية جنائية ضد شركة “إس إن سي-لافالين” (SNC-Lavalin) وهي شركة هندسة وإنشاءات متعددة الجنسيات مقرها مونتريال.
كما ظهرت صور قديمة لترودو وهو يرتدي وجهاً أسود، أو بنياً خلال فترة دراسته في تسعينيات القرن الماضي، وعمله كمدرس في مدرسة خاصة عام 2001.
وعلى الرغم من إعادة انتخابه، فقد خسر حزبه الليبرالي أغلبيته البرلمانية.
2020
في أثناء جائحة كورونا، أصبح ترودو أول زعيم في مجموعة السبع يعزل نفسه بعد أن جاءت نتيجة فحص زوجته، صوفي جريجوار ترودو، إيجابية. (وهما الآن منفصلان).
ودفع ترودو نحو إجراءات تقييدية صارمة، لكنه واجه انتقادات من المحافظين رغم أن معظم القيود فُرضت من قِبَل حكومات المقاطعات.
2021
مع ارتفاع معدلات شعبيته نسبياً، دعا ترودو إلى انتخابات مبكرة، وقال إنه يريد الحصول على تفويض قوي لحزبه لقيادة البلاد خلال التعافي الاقتصادي بعد الجائحة. ورغم تحقيقه انتصاراً ضئيلاً، فشل الحزب الليبرالي مرة أخرى في الحصول على الأغلبية.
2022
أدت احتجاجات الكنديين المعارضين للقيود المرتبطة باللقاحات إلى شلل العاصمة أوتاوا وعدد من المعابر الحدودية.
واتخذ ترودو خطوة نادرة بإعلان حالة طوارئ وطنية، مما سمح للسلطات باتخاذ إجراءات صارمة لاستعادة النظام العام، بما في ذلك حظر التجمعات العامة وفرض قيود على السفر.
وكانت هذه الخطوة بمثابة “وقود للغضب” من بعض الأوساط المحافظة ضده، في الوقت الذي كان فيه ارتفاع تكاليف الإسكان والتضخم مصدر إحباط للكنديين من جميع الاتجاهات السياسية.
2023
أقرَّ ترودو في مقابلة مع “نيويورك تايمز” بأن الناس غاضبون. وقال: “الأمور سيئة الآن. كل شيء سيئ بالنسبة للناس، حتى في كندا. من المفترض أن نكون مهذبين ولطفاء، لكنَّ الناس غاضبون”.
وبينما كان يواجه غضباً شعبياً بسبب ارتفاع تكاليف الإسكان وارتفاع معدلات البطالة، نشب خلاف بين ترودو والهند، حيث اتهم “عملاء للحكومة الهندية” بتنفيذ اغتيال زعيم سيخي في كولومبيا البريطانية.
2024
في سبتمبر، بدأ نفوذ ترودو في السلطة يتراجع قليلاً بعد أن سحب “الحزب الديمقراطي الجديد” اليساري دعمه المضمون لـ”الحزب الليبرالي”، ما أفقدهم الدعم اللازم لتمرير التشريعات.
وفي أكتوبر من العام ذاته، أعلن ترودو عن تشديد سياسات الهجرة في كندا بعد أن استقبلت البلاد ما يقرب من 3 ملايين شخص خلال 3 سنوات، مما وضع ضغوطاً على نظام الرعاية الصحية وغيره من الخدمات، وهو ما اعتُبر بمثابة اعتراف بفشل سياسته.
وفي ديسمبر، استقالت كريستيا فريلاند، نائبة رئيس الوزراء ووزيرة المالية بشكل مفاجئ، ما تسبب في توجيه انتقادات حادة لترودو.
2025
في مواجهة ضغوط متزايدة من داخل حزبه، أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء.