جاهزية سلاح الجو الأميركي في أدنى مستوياتها منذ 10 سنوات

تظل القوات الجوية الأميركية، بما في ذلك الحرس الوطني الجوي، أكبر قوة جوية في العالم، حيث تضم 2094 طائرة مقاتلة من الجيلين الرابع والخامس، إضافة إلى طائرات دعم جوي قريب، لكنها تواجه “أزمة استعداد مقلقة”، إذ وصلت معدلات القدرة على أداء المهام إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقد، وفق موقع EurAsian Times.
وبحسب أحدث مراجعة أجراها مكتب المحاسبة الحكومية – GAO، انخفض متوسط معدل قدرة القوات الجوية الأميركية على أداء المهام إلى 67.15% في السنة المالية 2024، وهو انخفاض من 69.92% في عام 2023، و71.24% في عام 2022.
وتسلط هذه الأرقام الضوء على قضية بالغة الأهمية، تتمثل في “عدد أقل من الطائرات جاهزة للقتال عند الحاجة”.
ضغط كبير
وتُصنَّف الطائرة على أنها “قادرة على أداء المهام” إذا كانت قادرة على أداء أحد الأدوار المحددة لها على الأقل. وعلى سبيل المثال، تُعد طائرة F-35A، المصممة لمهام التفوق الجوي، والحرب الإلكترونية، والهجوم الأرضي، وجمْع المعلومات الاستخباراتية، قادرة على أداء المهام إذا كان بإمكانها تنفيذ أي من هذه المهام.
ولا يكشف سلاح الجو الأميركي عن معدلات القدرة الكاملة للمهام، والتي تقيس ما إذا كانت الطائرة قادرة على أداء جميع المهام الموكلة إليها.
وبحسب تقرير القوات الجوية والفضائية، شهدت أساطيل الطائرات القديمة من طراز F-15C وD ارتفاعاً في الجاهزية مع تقاعد الطائرات القديمة، حيث بلغت 52.9% و63.7% على التوالي.
فيما حققت طائرة F-15EX الجديدة، التي تضم 8 طائرات فقط في الخدمة، معدل جاهزية هو الأعلى بعدما بلغ 83.13%.
وفي الوقت نفسه، واجهت أساطيل القاذفات صعوبات، حيث أظهرت قاذفة B-1B تحسناً طفيفاً في المعدل، لكن قاذفتَي B-2 وB-52 انخفضتا بشكل أكبر.
وشهدت مقاتلة F-22 Raptor الشبحية أكبر انخفاض، حيث هبطت حصتها من 52% إلى 40.19%، بالرغم من الجهود المبذولة للتخلص التدريجي من طائراتها الأقل قدرة، وهي المبادرة التي أوقفها الكونجرس حتى عام 2028 على الأقل.
وحققت طائرة F-35A أداء أفضل قليلاً، حيث تحسنت إلى 51.5%، ويرجع ذلك على الأرجح إلى تحسُّن توفٌّر قطع الغيار، وسط تأخر تسليم الطائرات الجديدة.
وعلى الرغم من حجمها الهائل، تواجه القوات الجوية الأميركية أزمة استعداد متزايدة، وهو ما يثير تساؤلات بشأن قدرتها على تلبية المطالب العملياتية في عصر التهديدات العالمية المتزايدة.
ناقوس خطر
في خضم هذه التحديات، دقَّ رئيس أركان القوات الجوية الأميركية ديفيد أولفين “ناقوس الخطر”، داعياً إلى “مزيد من القوة الجوية”.
وفي حديثه بمنتدى مستقبل القوة الجوية، أقرَّ أولفين بالضغط الذي تتعرض له الخدمة، مؤكداً أنها لا تزال تعاني من صعوبات شديدة.
وتأتي دعوته لزيادة التمويل والتحديث في الوقت الذي تنشر فيه الصين لقطات لطائرتين جديدتين من الجيل السادس، ما يعزز الحاجة الملحة إلى الحفاظ على الهيمنة الجوية الأميركية.
وأكد ألفين أن “المزيد من القوات الجوية يعني دعم كل هذه العناصر بقوة نووية يتم تحديثها لتتجاوز النمو السريع للترسانة النووية للصين، وإعادة تشكيل الأسلحة النووية واسعة النطاق لروسيا”.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن طلبت في ميزانيتها الدفاعية للسنة المالية 2025، التي كُشف عنها في 11 مارس 2024، تخصيص 7.5 تريليون دولار لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، وتم تخصيص 188.1 مليار دولار لسلاح الجو، بزيادة قدرها 1.7% مقارنة بالسنة المالية السابقة، مع تخصيص 75.6 مليار دولار لعمليات التشغيل والصيانة.
وتُشكل عملية التحديث أولوية، حيث تم تخصيص 37.7 مليار دولار أميركي للبحث والتطوير والاختبار والتقييم.
وتشمل المبادرات الرئيسية ترقيات الأصول القادرة على حمل أسلحة نووية مثل B-21 Raider، وSentinel ICBM، وسلاح Long-Range Standoff (LRSO)، ومركز العمليات المحمولة جواً للبقاء SAOC.
وتبلغ نفقات المشتريات 29 مليار دولار، وتغطي منصات الجيل التالي مثل F-35A وF-15EX وناقلة KC-46A وطائرة التدريب المتقدمة T-7A.
وتمتد الاستثمارات أيضاً إلى الأسلحة الموجهة بدقة، بما في ذلك صاروخ جو-أرض بعيد المدى (JASSM-ER)، والصواريخ المضادة للسفن بعيدة المدى (LRASM) والصواريخ الموجهة المضادة للإشعاع المتقدمة ذات المدى الممتد – AARGM-ER.
وتلوح القيود المالية في الأفق، فقانون المسؤولية المالية يحدد نمو ميزانية الدفاع بنسبة 1% سنوياً في السنة المالية 2025، مع إمكانية تمديد حدود الإنفاق حتى عام 2029، وهو التحدي الذي قد يؤثر بشكل كبير على التمويل العسكري والأولويات في المستقبل.
قوة صينية متزايدة
وعبَّر أولفين عن مخاوفه بشأن التقدم السريع الذي أحرزته الصين في مجال القوة الجوية، قائلاً في مقابلة مع موقع Breaking Defense، إن الصين أنشأت قوة جوية من الدرجة الأولى ببرامج تدريب واقعية تنافس البرامج الأميركية.
وزعم أن هذه التطورات تنبع من “الملكية الفكرية المسروقة” من القاعدة الأميركية الصناعية، وفي بعض الأحيان بمساعدة طيارين مدربين في الغرب، تشير إلى أن الولايات المتحدة ما زالت تتمتع بميزة حاسمة، لافتاً إلى أهمية الاستثمار فيها.
ويُحذّر التقرير الأخير الصادر عن القوات الجوية الأميركية من أن المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين وروسيا ستشتد.
وفاجأ التحديث السريع للقوات الجوية الصينية الولايات المتحدة، فقد شهدت الطائرات المقاتلة والطائرات المسيّرة من الجيل التالي التي تنتجها الصين، تحسينات كبيرة من حيث الجودة والكمية، الأمر الذي يشكل “تحدياً متزايداً” للهيمنة الجوية الأميركية.
وأشار التقرير إلى أن القوات الجوية الصينية هي الشغل الشاغل بالنسبة لمستقبل القوة الجوية الأميركية. وفي الوقت نفسه، تفرض جهود التحديث النووي ضغوطاً على الميزانيات، ما يعرّض برامج مستقبلية رئيسية للخطر.
ومن بين هذه البرامج، الطائرات المقاتلة المأهولة من برنامج الهيمنة الجوية من الجيل التالي – NGAD، والتي لا تزال في حالة من الغموض، وقد تواجه تخفيضات للسيطرة على التكاليف عندما تعمل الصين وروسيا على تطوير قدرات الجيل التالي الخاصة بهما.
وستكون السنوات المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كان سلاح الجو الأميركي قادراً على عكس هذا الاتجاه والحفاظ على مكانته باعتباره القوة الجوية الأولى في العالم.