كشفت تحقيقات نيابة شمال الجيزة الكلية عن تفاصيل مروّعة واقعة مقتل سيدة على يد زوجها داخل منزلهما بدائرة مركز أوسيم بمحافظة الجيزة، بعد أن استبدّ به الشك واعتقد دون دليل أن زوجته تخونه، فقرر الخلاص منها على طريقته الخاصة، بعنفٍ ووحشيةٍ لا تعرف الرحمة.

بلاغ غامض.. وبداية الخيط

البداية كانت بتلقّي الرائد عبد الظاهر صالح عبد الحفيظ، معاون مباحث مركز أوسيم، بلاغًا من الأهالي يفيد بمقتل سيدة داخل منزلها، وعلى الفور انتقلت قوة من رجال المباحث إلى موقع الحادث، حيث عُثر على جثة المجني عليها غارقة في دمائها، وقد بدت عليها آثار اعتداء عنيف باستخدام أداة صلبة.
التحريات الأولية كشفت أن مرتكب الجريمة ليس غريبًا، بل هو زوجها البالغ من العمر 47 عامًا، الذي فرّ من مكان الواقعة تاركًا زوجته جثة هامدة داخل غرفة النوم.

تحريات المباحث: شكوك وسوء ظن تحوّلت إلى دم

بدأت المباحث في جمع المعلومات وسماع أقوال الشهود والجيران، إلى أن قادت التحريات إلى الزوج القاتل.

وتبيّن أن المتهم كان يعيش حالة من الارتياب والشك في سلوك زوجته، رغم عدم وجود دليل واحد يؤكد ظنونه. ومع تزايد توتر العلاقة بينهما، قرر التخلص منها نهائيًا.

تحريات الرائد عبد الظاهر عبد الحفيظ أكدت أن المتهم بيّت النية وعقد العزم على قتلها، وأعد لذلك الغرض عصًا خشبية قوية، وانتظر حتى خلت الشقة، ثم انهال عليها بوابلٍ من الضربات المتكرّرة حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.

شهادة الابنتين.. لحظة الرعب التي لا تُنسى

وفي مشهد مؤلم، كشفت التحقيقات أن ابنتي المجني عليها كانتا في المنزل وقت الجريمة، وشاهدتا والدهما وهو يعتدي على والدتهما بوحشية.

وقالت الطفلتان في أقوالهما أمام النيابة إنهما «سمعتا صراخ والدتهما»، وحين هرعتا إلى الغرفة «رأتا والدهما يضربها بعصا غليظة في رأسها وجسدها»، ثم سقطت أرضًا بلا حراك.

وأضافتا أن والدهما «لم يتوقف رغم توسلاتهما له»، واستمر في ضربها حتى تأكد من وفاتها، ثم جلس بجوارها لحظات في صمت قبل أن يغادر المنزل.

الاعتراف أمام النيابة: ضربتها علشان تشككت فيها

ألقت الأجهزة الأمنية القبض على المتهم بعد ساعات من الحادث، وبمواجهته في النيابة العامة، اعترف تفصيليًا بارتكاب الجريمة.

قال المتهم في اعترافاته: «كنت بشك فيها… كنت حاسس إنها بتخوني… مكنتش قادر أعيش كده، مسكت العصا وضربتها».

وأضاف أنه كان تحت تأثير المواد المخدرة وقت الحادث، مؤكدًا أنه «ماكانش يقصد يقتلها»، لكن التحقيقات أثبتت عكس ذلك، بعدما تبين أنه أعد العصا مسبقًا وتحيّن الوقت المناسب للاعتداء عليها.

تقرير الطب الشرعي: ضربات متفرقة ووفاة بسبب الإصابات الرضّية

وأثبت تقرير مصلحة الطب الشرعي أن جسد المجني عليها مليء بالعديد من الإصابات الرضّية الحديثة في مناطق متفرقة من الرأس والوجه والذراعين والساقين والفخذين.

وجاء في التقرير أن تلك الإصابات «حيوية وحديثة، حدثت نتيجة المصادمة بجسم صلب راضٍ كالعصا»، وأنها تتفق تمامًا مع الأداة المستخدمة والمضبوطة في مسرح الجريمة.

وأكد التقرير أن الوفاة نتجت عن مجموعة الإصابات الرضّية بالرأس والأطراف ومضاعفاتها، وأن الواقعة «جائزة الحدوث» وفق ما ورد في مذكرة النيابة العامة، 
كما أثبت تقرير المعمل الكيماوي أن المتهم كان متعاطيًا لمواد مخدرة وقت ارتكاب الجريمة.

النيابة: القتل تم عمدًا مع سبق الإصرار

بعد انتهاء التحقيقات، أسندت نيابة شمال الجيزة الكلية إلى المتهم تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، إذ بيت النية وعقد العزم على قتل زوجته، وأعد لذلك عصا استخدمها في الاعتداء عليها ضربًا حتى الموت.

وأوضحت النيابة في قرار الإحالة أن «الجريمة تمثل أبشع صور العنف الأسري، إذ ارتكبها المتهم ضد زوجته التي كانت في عصمته وتحت حمايته»، مؤكدة أن سبق الإصرار ثابت من التحريات واعتراف المتهم وتقرير الطب الشرعي.

وأمرت النيابة بإحالته إلى محكمة جنايات الجيزة، لمعاقبته طبقًا لنصوص المواد 230 و231 من قانون العقوبات، اللتين تنصان على الإعدام أو السجن المؤبد لمن يقتل غيره عمدًا مع سبق الإصرار.

جريمة تهز المجتمع.. ورسالة موجعة عن العنف الأسري

أثارت الواقعة حالة من الصدمة بين أهالي أوسيم الذين لم يصدقوا أن ربّ الأسرة يمكن أن يتحوّل إلى قاتل لأم بناته.

ويرى مختصون أن الجريمة تعكس تصاعد ظاهرة العنف الأسري في بعض المناطق، خاصة في ظل انتشار المخدرات وضعف الوعي الأسري، مؤكدين ضرورة تشديد الرقابة على تداول المواد المخدرة، وتكثيف حملات التوعية المجتمعية حول طرق حل الخلافات الزوجية بعيدًا عن العنف.

العدالة في انتظار كلمتها

بهذه التفاصيل، أُغلقت صفحات التحقيق في جريمة أوسيم، وأُحيل الزوج القاتل إلى محكمة الجنايات، لتقول العدالة كلمتها في جريمةٍ جمعت بين الشك، والمخدرات، والعنف، والندم المتأخر.

ومن المنتظر أن تنظر المحكمة القضية خلال الأسابيع المقبلة، وسط ترقب واسع من أهالي المنطقة الذين ما زالوا غير مصدّقين أن الخلافات الزوجية يمكن أن تنتهي إلى مأساة دامية داخل بيتٍ واحد.

شاركها.