عام 1951، كانت بغداد عاصمة تنبض بالفن والحياة، أطلق حينها مجموعة من  الفنانين، بمن فيهم النحّات جواد سليم، والرسام شاكر حسن آل سعيد، ما سمي بـ “جماعة بغداد” للفن الحديث، التي كرّست عملها لرسم مسار جديد للفن العراقي، تحت شعار “استلهام التراث”، مرفقاً بخطاب تضمن دعوة جاء فيها: لا تتوقف عند هذا الحد، استقصِه، جرّده، اسحبه إلى الحاضر.

بعد أكثر من سبعين عاماً، لا يزال صدى هذا النداء يتردّد في العراق ودول الشتات، وللمرّة الأولى يحظى إرث “جماعة بغداد” الذي امتزج فيه التاريخ بالثورة باهتمام عالمي، إذ انطلق في 21 يونيو معرض رئيسي في متحف “Hessel” للفنون في نيويورك، يضم 64 عملاً فنياً من الرسم والنحت، لثلاثين فناناً عراقياً، من بينهم  ضياء العزاوي وجواد سليم ومحمد غني حكمت، يستمر حتى 19 أكتوبر.

يقدّم المعرض منظوراً فريداً لفن ما بعد الاستعمار في العراق، تحت عنوان “جميع أنواع التجارب: إرث جماعة بغداد للفن الحديث”، وتشرف عليه الخبيرتان ندى شبوط المتخصصة بالفن العراقي الحديث، وأستاذة في جامعة شمال تكساس وأستاذة زائرة وباحثة في جامعة نيويورك أبوظبي، بالتعاون مع تيفاني فلويد، محاضرة الفن الحديث والمعاصر في جامعة شمال تكساس، بالتعاون مع لورين كورنيل، كبيرة أمناء المتحف.

يرتكز المعرض على أعمال نادرة من الفترة التأسيسية للمجموعة، تعود إلى الفترة بين عامي 1951 و 2023، مثل الوثائق والأفلام والكتيبات، كما تتدفق الهندسة الإسلامية، والزخارف الرافدينية في صالة العرض.

يستمدّ المعرض أعماله من مجموعات فنية رئيسية مثل مؤسسة بارجيل للفنون (الشارقة، الإمارات العربية المتحدة)، ومؤسسة رمزي وسعيدة دلول للفنون (بيروت، لبنان)، ومؤسسة فرجم (دبي، الإمارات العربية المتحدة)، ومجموعة الإبراهيمي (عمان، الأردن وبغداد، العراق)، والمتحف العربي للفن الحديث (الدوحة، قطر)، فضلاً عن أعمال خاصة، ومجموعات عربية بارزة.

ومع أن التركيز عموماً اتجه نحو المواقع الأثرية إبان غزو العراق عام 2003، لكن الاحتلال الأميركي أسهم بسرقة الفن الحديث والمعاصر. من هنا يركز المعرض على الجهود التنظيمية المبذولة لتجسيد غياب الأعمال المنهوبة. إذ سيتم استحضار ذكراها من خلال المطبوعات والملصقات والأفلام والكتالوجات وغيرها من المواد، التي ستساعد في وضع تجربة العراق ما بعد الاستعمار في سياقها.

تقول ندى الشبوط: “لا يمكننا تحديد حجم الخسارة بدقة، نظراً لعدم اكتمال السجلات الأرشيفية، لكن التقدير السائد، هو أن ما لا يقل عن 85 % من أصل 8 آلاف عمل فني من القرن العشرين، كانت تابعة لمركز صدام للفنون، تمّت سرقتها أو تضررت”.

شاركها.