جي دي فانس يكشف أولويات الإدارة الأميركية الجديدة
في أول مقابلة له بعد توليه منصبه، تناول نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس مجموعة من القضايا التي تشغل الساحة السياسية في الولايات المتحدة، بدءاً من قرارات الرئيس دونالد ترمب التنفيذية بشأن الهجرة والعفو عن المشاركين في أحداث 6 يناير، وصولاً إلى تصوره لإصلاح وزارة الدفاع الأميركية.
وناقش فانس في حديثه مع شبكة CBS News، العديد من الملفات مثل تأثير شركات التكنولوجيا الكبرى، وقضايا الهجرة واللاجئين، بالإضافة إلى أولوية الاستثمار الرأسمالي في خفض الأسعار.
ورفض نائب الرئيس الأميركي المخاوف من أن البيت الأبيض لا يعطي الأولوية للقضايا الاقتصادية الخاصة بالولايات المتحدة، وأشار إلى أن تعليق برنامج استقبال اللاجئين في البلاد كان “مُبرراً”.
وفيما يلي بعض النقاط البارزة من مقابلة نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس الواسعة مع برنامج “Face the Nation” التي جرى بثها يوم الأحد.
وزير الدفاع الأميركي الجديد
اضطر فانس، مساء الجمعة، إلى الإدلاء بصوت الحسم للمضي قدماً في تأكيد تعيين بيت هيجسيث وزيراً للدفاع، وجاء ذلك بعد أن صوَّت ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين ضد ترشيحه، مما أدى إلى تعطل مؤقت في المجلس عند نسبة 50-50، وهو أصغر هامش للموافقة على وزير دفاع منذ إنشاء المنصب.
وكان قد تم التشكيك في ترشيح هيجسيث بسبب مزاعم حول تعاطيه المشروبات الكحولية، والاعتداء الجنسي.
وعن هامش التصويت الضيق، قال فانس: “أعتقد أن هيجسيث سيُحدث تغييراً، والكثير من الناس لا يحبون هذا الأمر”.
وأضاف: “إذا فكرنا في كل تلك الأصوات الضخمة الموجودة في الحزبين، فإنه يتعين علينا أن نسأل أنفسنا، ماذا جلبت لنا؟ لقد منحونا دولة خاضت العديد من الحروب على مدى السنوات الأربعين الماضية، لكنها لم تفز بأي حرب منذ مدة طويلة توازي عُمري”.
وأشار فانس إلى أن المهمة الأساسية للوزير الجديد ستكون “إصلاح المشاكل في وزارة الدفاع”، والتي قال إنها “تشمل زيادة أعداد التجنيد وإصلاح عملية شراء الأسلحة المُعطلة بشكل لا يُصدَّق”.
وتابع: “إذا نظرنا إلى ما نحن عليه مع صعود تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والطائرات بدون طيار والحروب بالطائرات المُسيَّرة، فإنه يتعين علينا جميعاً أن نغير الطريقة التي نمول بها عمليات شراء الأسلحة، والطريقة التي نسلح بها قواتنا”.
تأكيد تعيين تولسي جابارد
تعرضت النائبة السابقة في مجلس النواب الأميركي تولسي جابارد، التي اختارها ترمب لتولي منصب مديرة الاستخبارات الوطنية، لانتقادات متكررة بسبب آرائها المثيرة للجدل بشأن القضايا الدبلوماسية الأميركية.
وتلقت جابارد، التي تمتلك خبرة في مجال الاستخبارات، ردود فعل عنيفة بسبب رحلة قامت بها في عام 2017 إلى دمشق التقت خلالها بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، كما قالت في عام 2019 إن الأسد “ليس عدواً للولايات المتحدة لأن سوريا لا تشكل تهديداً مباشراً للولايات المتحدة”.
ورفض فانس الانتقادات التي وُجهت لترشيح جابارد من بعض وسائل الإعلام المحافظة، قائلاً إنه “واثق” من أنها “ستنجح في النهاية”، ووصفها بأنها “محترفة في الخدمة العسكرية وحصلت على تصنيفات على أعلى المستويات لما يقرب من عقدين”، مضيفاً: “أعتقد أنها ستُعيد بعض الثقة إلى أجهزة الاستخبارات”.
وعند سؤاله عن كيفية بناء الثقة العامة في الوكالات، والتي أعربت جابارد في السابق عن عدم ثقتها فيها، رد فانس بأن الأخيرة “تُدرك أن البيروقراطيين قد خرجوا عن السيطرة، وإننا بحاجة إلى شخص يكبح جماحهم، ويُعيد هذه الوكالات إلى مهمتها الأساسية المتمثلة في تحديد المعلومات التي ستحافظ على سلامتنا”.
الاستثمار الرأسمالي وخفض الأسعار
وعندما سُئل نائب الرئيس الأميركي عن أي الإجراءات الأولية لإدارة ترمب التي ستساعد الأميركيين مالياً، أشار إلى عدد من الأوامر التنفيذية التي أدت بالفعل إلى عودة الوظائف إلى البلاد، وهو ما اعتبره “جزءاً أساسياً من خفض الأسعار”.
وقال فانس إن “الاستثمار الرأسمالي سيساعد في خفض الأسعار أيضاً”، لكنه لم يحدد متى سيبدأ المستهلكون في رؤية الأسعار تنخفض.
فانس ينتقد FEMA
وبسؤاله عن كيفية تعافي الولايات منخفضة الدخل مثل ميسيسيبي وألاباما من الكوارث الطبيعية بدون مساعدة الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ FEMA، أجاب فانس بأن “ترمب لا يقول إننا سنترك أي شخص خلفنا، بل إننا سنتخلص من البيروقراطيين ونُعيد المساعدات إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها بشكل أكبر”.
ولم يوضح نائب الرئيس الأميركي تفاصيل ما سيبدو عليه ذلك، لكنه قال إن دور الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ كان في كثير من الأحيان “كارثياً”، منتقداً الوكالة لـ “عدم تعاونها بشكل جيد بما فيه الكفاية مع المسؤولين الحكوميين والمحليين لتوصيل الموارد اللازمة للأشخاص الذين يحتاجون إليها”.
اعتقالات المهاجرين بالقرب من الكنائس والمدارس
شهد الأسبوع الأول لإدارة ترمب موجة من التحركات التي استهدفت سياسة الهجرة الأميركية، بما في ذلك إرسال مئات من الجنود إلى الحدود الجنوبية، وتعليق إجراءات اللجوء، وإطلاق رحلات ترحيل إلى جواتيمالا لمَن وصفتهم الإدارة بـ”المهاجرين غير الشرعيين المجرمين”.
ومن بين أكثر القرارات إثارة للجدل كان أمراً بإلغاء سياسة عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن التي كانت تحظر على مسؤولي الهجرة اعتقال المهاجرين بالقرب من المدارس وأماكن العبادة.
وبسؤاله عما إذا كانت هذه الخطوة ستجعل الآباء يترددون في إرسال أطفالهم إلى المدارس، أجاب فانس: “آمل بشدة أن يكون لها تأثير رادع على المهاجرين غير الشرعيين القادمين إلى بلادنا”.
وكانت الأوامر التنفيذية المرتبطة بالهجرة التي وقَّعها ترمب قد أثارت انتقادات في بيان صادر عن مؤتمر الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة، وعلَّق فانس في المقابلة على الأمر قائلاً إنه بصفته “كاثوليكياً فإنه شعر بالحزن من بيان المنظمة”، متهماً إياها بأنها قد يكون لها “دوافع خفية”.
وأضاف: “أعتقد أن مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الأميركيين بحاجة إلى النظر في المرآة قليلاً والاعتراف بأنه عندما يتلقون أكثر من 100 مليون دولار للمساعدة في إعادة توطين المهاجرين غير الشرعيين، فهل هم قلقون حقاً بشأن القضايا الإنسانية؟ أم أنهم قلقون بشأن أرباحهم؟”.
حق الجنسية بالولادة
منع قاضٍ فيدرالي، الأسبوع الماضي، أمر ترمب التنفيذي الذي كان يهدف إلى إلغاء حق الجنسية بالولادة، والذي تم ترسيخه في التعديل الرابع عشر للدستور، والذي ينُص على أن “جميع الأشخاص المولودين أو المُجنسين في الولايات المتحدة، والخاضعين لسلطتها القضائية، هم مواطنون أميركيون”.
ووصف القاضي، الذي عيَّنه الرئيس الأميركي السابق رونالد ريجان، جهود ترمب بأنها “غير دستورية بشكل صارخ”.
وقال فانس في المقابلة: “بالطبع أختلف مع هذا القاضي”، مشيراً إلى أطفال الدبلوماسيين، الذين يوجد بالفعل استثناء لهم في التعديل الرابع عشر، كمثال.
وأضاف: “نحن نقول إن هذا الاستثناء يجب أن ينطبق على أي شخص لا يخطط للبقاء هنا، فإذا أتيت إلى الولايات المتحدة لقضاء إجازة وأنجبت طفلاً في مستشفى أميركي، فإن هذا الطفل لا يصبح مواطناً أميركياً، وإذا كنت مهاجراً غير شرعي وجئت إلى هنا بشكل مؤقت، فإن طفلك لا يصبح مواطناً أميركياً لمجرد أنه وُلِد على أرض الولايات المتحدة”.
وعندما تمت الإشارة خلال المقابلة إلى أن الولايات المتحدة هي دولة مهاجرين، رد فانس: “هذه دولة فريدة للغاية، وقد أسسها بعض المهاجرين والمستوطنين، لكن كونها تأسست من قبل مهاجرين لا يعني أنه بعد 240 عاماً يجب أن يكون لدينا أغبى سياسة هجرة في العالم، فلا يوجد دولة تقول إن أطفال الزوَّار المؤقتين يحصلون على كامل حقوق ومزايا المواطنة الأميركية”.
وأشارت CBS إلى أنه وفقاً لكتاب حقائق العالم الصادر عن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، فإن هناك 30 دولة تطبق شكلاً من أشكال المواطنة بالولادة.
تعليق برنامج اللاجئين
بعد ساعات من توليه منصبه في 20 يناير، علَّق ترمب برنامج قبول اللاجئين في الولايات المتحدة، مما ترك الآلاف من الأفغان عالقين في المطارات، والذين عمل بعضهم مع الولايات المتحدة قبل انسحابها من كابول.
وبرنامج اللاجئين هو عملية تستغرق من 18 إلى 24 شهراً تتضمن إجراء مقابلات وفحوصات طبية وأمنية، ويجب على المتقدمين بطلبات اللجوء إثبات أنهم يفرون من الاضطهاد قبل السماح لهم بدخول الولايات المتحدة.
وكان فانس قد صرَّح سابقاً لبرنامج “Face the Nation” في أغسطس الماضي، قائلاً: “لا أعتقد أنه يجب أن نتخلى عن أي شخص تم فحصه أمنياً بشكل مناسب، وقدَّم لنا المساعدة بالفعل”.
لكن نائب الرئيس بدا يوم السبت وكأنه يتراجع عن موقفه، إذ تساءل عما إذا كان البرنامج قد “فحص اللاجئين بشكل مناسب”، قائلاً: “الآن بعد أن علمنا أن لدينا مشاكل في عمليات الفحص في الكثير من برامج اللاجئين، فإننا لا نستطيع أبداً أن نسمح للآلاف من الأشخاص الذين لم يخضعوا لهذه العمليات بدخول بلادنا”.
وأعطى فانس مثالاً لأحد الأفغان الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة فوراً بعد الانسحاب من كابول في عام 2021، والذي تم القبض عليه في ولاية أوكلاهوما، أكتوبر الماضي، بتهمة التخطيط لشن هجوم إرهابي في يوم الانتخابات دعماً لتنظيم “داعش”.
وأشار فانس إلى أن “العديد من الأشخاص في وسائل الإعلام والحزب الديمقراطي أكدوا أن المُشتبه به قد تم فحصه بشكل صحيح، لكن من الواضح أنه لم يكن كذلك”.
ووفقاً لشبكة CBS News، فإن المُشتبه به لم يصل إلى الولايات المتحدة عبر برنامج اللاجئين، بل تم إدخاله إلى البلاد مثل معظم الأفغان الذين تم إجلاؤهم، وسُمح له بالعيش في الولايات المتحدة بشكل مؤقت أثناء تقديمه طلباً للحصول على تأشيرة الهجرة الخاصة.
العفو عن متهمي أحداث 6 يناير
وعندما سُئل عن سبب استحقاق المتهمين في أحداث السادس من يناير الذين ارتكبوا أعمال عنف للعفو، ألقى فانس باللوم على وزارة العدل الأميركية، قائلاً: “لقد حرمتهم (الوزارة) من الحماية الدستورية في المحاكمات”، زاعماً دون دليل، أن هناك “معايير مزدوجة في كيفية تطبيق الأحكام على المتظاهرين في 6 يناير مقارنةً بمجموعات أخرى”.
أما بشأن الطبيعة الشاملة للعفو، فقال فانس: “ما كان يقوله الرئيس باستمرار في الحملة هو أنه سينظر في كل حالة على حدة، وهذا هو بالضبط ما فعلناه”.
وأضاف: “لقد نظرنا في 1600 قضية، وما وجدناه خلال ذلك هو أنه كان هناك حرماناً هائلاً من الحقوق الدستورية.. الرئيس يعتقد ذلك، وأنا أعتقد ذلك، وأرى أنه اتخذ القرار الصحيح”.
وذكر فانس أنه في حين أن “ممارسة العنف ضد ضباط الشرطة هو أمر غير مُبرَر”، فإن المدعي العام الأميركي السابق ميريك جارلاند قام بـ “تسليح” وزارة العدل.
نفوذ شركات التكنولوجيا الكبرى
وكان الحضور في حفل تنصيب الرئيس ترمب يشمل كبار عمالقة قطاع التكنولوجيا، بما في ذلك مؤسس شركة “تِسلا” إيلون ماسك، والرئيس التنفيذي لشركة “ميتا” مارك زوكربيرج، ومؤسس “أمازون” جيف بيزوس، والرئيس التنفيذي لشركة “جوجل” سوندار بيتشاي.
لكن عندما تحدث فانس إلى الشبكة في أغسطس الماضي، قال إن شركات مثل جوجل “كبيرة جداً وقوية جداً”، وأضاف في ذلك الوقت: “يجب علينا أن نتبع نهج (الرئيس الأميركي السابق) ثيودور روزفلت تجاه بعضهم، والذي يتمثل في تفريقهم، وعدم السماح لهم بالسيطرة على ما يُسمح للناس بقوله”.
وكانت شركات “أمازون”، و”ميتا”، وOpenAI من بين العديد من الشركات التي قدمت تبرعات بقيمة مليون دولار لصندوق تنصيب ترمب.
وبسؤاله عما إذا كان لا يزال يُخطط لاتخاذ موقف صارم ضد شركات التكنولوجيا الكبرى، قال فانس إن “قادة التكنولوجيا لم يُمنحوا مقاعد جيدة في حفل التنصيب بنفس مستوى المقعد الذي حظيت به والدتي”.
وأضاف: “نعتقد بشكل أساسي أن شركات التكنولوجيا الكبرى تتمتع بقدر كبير من النفوذ، والآن هم تحت المراقبة بشكل كبير”.