اتهمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الصين، باتباع ممارسات تجارية غير عادلة بالسعي للهيمنة على صناعة الرقائق العالمية، لكنها أعلنت تأجيل رفع الرسوم الجمركية على واردات الصين حتى منتصف 2027، فيما قالت بكين إنها تعارض “الاستخدام العشوائي ​للرسوم الجمركية”، وتوعدت باتخاذ الإجراءات المقابلة لحماية مصالحها. 

وأوضحت وزارة التجارة الأميركية، في ملف نشر عبر الإنترنت، نتائج تحقيق استمر عاماً حول سيطرة الصين على صناعة أشباه الموصلات، بدأ خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وفقاً لصحيفة “فاينانشيال تايمز”.

وأشار الملف إلى أن الصين قد تستخدم سيطرتها على صناعة الرقائق العالمية كوسيلة للضغط الاقتصادي على الدول الأخرى، معتمدة على ممارسات “تتنافى مع المنافسة العادلة ومبادئ السوق الحرة”، بحسب مكتب الممثل التجاري الأميركي.

ورغم ذلك، أكد التقرير أن إدارة ترمب لن تزيد الرسوم على الرقائق الصينية قبل عام 2027 على الأقل.

ويأتي هذا التقرير قبل اجتماع متوقع بين ترمب والرئيس الصيني شي جين بينج في بكين خلال الأشهر المقبلة، ويختتم عاماً مضطرباً شهد حرباً تجارية بين الولايات المتحدة والصين، أثرت أحياناً على الأسواق العالمية، وظلت تلقي بظلالها على الاقتصاد الأميركي.

“هدنة متوترة”

كما يأتي التقرير أيضاً في ظل هدنة تجارية متوترة بين أكبر اقتصادين في العالم، بعد أن رفعت كل منهما الرسوم الجمركية إلى مستويات تصل إلى 145% في وقت سابق من العام، ما أدى إلى تعطيل التجارة قبل الاتفاق على تخفيف هذه الرسوم. 

وقطعت بكين إمدادات المعادن النادرة الضرورية لصناعة منتجات تتراوح بين السيارات والطائرات المقاتلة.

وبعد اجتماع ترمب وشي في كوريا الجنوبية في أكتوبر، اتفقت بكين وواشنطن على تخفيف قيود التصدير على التكنولوجيا والمعادن الحيوية.

وفي الملف الذي نُشر الثلاثاء، قالت الولايات المتحدة إن بكين تستخدم مزاياها كـ”اقتصاد غير سوقي” لتوجيه صناعة الرقائق الصينية “في كل قطاع رئيسي من سلسلة توريد أشباه الموصلات”.

وأضاف مسؤولو مكتب الممثل التجاري الأميركي: “تشمل هذه المزايا غير السوقية الدعم المالي الضخم والمستمر من الدولة للصناعة، بما في ذلك قيود الوصول إلى السوق والتوجيه الحكومي، وصناديق التوجيه الحكومية، ونقل التكنولوجيا القسري وسرقة الملكية الفكرية، والتفضيلات التنظيمية غير الشفافة والتمييز، وممارسات العمل التي تقلل الأجور”.

تحقيق أوسع

ورغم تأجيل رفع الرسوم الجمركية، أكدت الولايات المتحدة أنها قد ترفعها اعتباراً من 23 يونيو 2027، بمعدل سيتم تحديده قبل 30 يوماً من ذلك التاريخ.

وتجري إدارة ترمب تحقيقاً أمنياً أوسع حول صناعة الرقائق قد يؤدي إلى فرض رسوم إضافية، لكنها حتى الآن لم تنشر نتائج التحقيق، أو تفرض أي رسوم جديدة.

وكان ترمب قد هدد منفرداً بفرض رسوم على واردات الرقائق تصل إلى 100%، لكنه ألمح إلى أن الشركات التي تستثمر في التصنيع داخل الولايات المتحدة قد تُعفى من هذه الرسوم.

بكين تعارض الرسوم الجمركية الأميركية

بدورها، قالت وزارة الخارجية الصينية، رداً على خطة الولايات المتحدة لفرض رسوم جمركية على صناعة أشباه الموصلات الصينية اعتباراً من يونيو 2027، إنها “تعارض بشدة التضييق غير المبرر للصناعة الصينية”.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، في مؤتمر صحافي، إن “الصين تعارض بحزم إساءة الولايات المتحدة استخدام الرسوم الجمركية، والقمع غير المعقول الذي تمارسه ضد الصناعات الصينية”.

وأضاف أن “النهج الأميركي يزعزع استقرار سلاسل الإنتاج والإمداد العالمية، ويعرقل تطوير صناعات أشباه الموصلات في مختلف الدول، ويُلحق الضرر بالآخرين وبالولايات المتحدة نفسها”.

وأشار لين إلى أن “الصين تحث الولايات المتحدة على تصحيح ممارساتها الخاطئة في أقرب وقت ممكن، والالتزام بالتوافقات المهمة التي توصل إليها رئيسا البلدين، ومعالجة الشواغل عبر الحوار على أساس المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة، وإدارة الخلافات على نحو مناسب، بما يضمن الحفاظ على تنمية مستقرة وصحية ومستدامة للعلاقات الصينية- الأميركية”.

وأضاف أنه “إذا أصرت الولايات المتحدة على المضي قدماً في هذا المسار، فإن الصين ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة”.

سباق صيني وإقبال غير مسبوق

ويتسابق صانعو الرقائق في الصين إلى سوق الطروحات العامة الأولية لجمع تمويلات تعد أساسية لتحقيق هدف البلاد في تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي، والفوز في السباق العالمي على الذكاء الاصطناعي، وفقاً لـ”بلومبرغ”.

وتأتي موجة الاكتتابات الجديدة بعد ظهور شركتين حققتا أداءً مذهلاً في أول أيام التداول، ما أظهر شهية لا تشبع تجاه ما يُتوقع أن تصبح شركات رائدة وطنية مستقبلاً، يرى محللون أنها قد تنافس يوماً ما شركات مثل “إنفيديا”.

ورغم أن بعض هذه الشركات يعد بالفعل من كبار اللاعبين المحليين في القطاع، إلا أنها لا تزال مغمورة إلى حد كبير بالنسبة إلى المستثمرين الدوليين، ما يجعل إدراج أسهمها في هونغ كونج اختباراً مهماً للثقة في السوق.

في وقت سابق من هذا الشهر، قفز سهم شركة “مور ثريدز تكنولوجي” (Moore Threads Technology Co) المتخصصة في رقائق الذكاء الاصطناعي بنسبة 425% في أول أيام تداوله في بورصة شنغهاي، تلتها قفزة بنسبة 693% في سهم شركة “ميتا إكس إنتغريتد سيركتس شنغهاي” (MetaX Integrated Circuits Shanghai Co).

شاركها.