لم يكن التسجيل المصوّر الذي بثته حركة حسم تزامناً مع أحداث 3 يوليو التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان المسلمين قبل 12 عامًا، مجرد “رسالة” عابرة، حيث أحبطت الداخلية المصرية مخططاً لهجمات كانت تعدها الجماعة، فيما يبدو أنها عادت للعنف وتهديد مصر مجدداً، لكن كيف ستواجهها القاهرة هذه المرّة، وما علاقة قياداتها في تركيا بالأمر؟
مصر تحبط مخطط حركة حسم
أكدت وزارة الداخلية المصرية إحباط مخطط كانت تقوده حركة “حسم” التابعة لتنظيم الإخوان، وذلك بعد نحو أسبوعين من نشر هذه الحركة مقطعاً مصوراً بإحدى الدول المجاورة لمصر، يتوعد الدولة المصرية، فيما يؤكد مراقبون أن بيان الوزارة حمل رسائلاً غير مباشرة إلى تركيا بأنها لا تزال ترعى عناصر معادية لمصر.
يقول مصطفى أمين، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية والجهادية، في حديث لوكالة ستيب نيوز: “إن العملية الأمنية الأخيرة التي نفذتها وزارة الداخلية المصرية ضد خلية تابعة لحركة “حسم” تُعدّ عملية نوعية، وتأتي في سياق الرد المباشر على الفيديو الذي نُشر مؤخراً من خارج مصر ويُظهر نشاطاً للحركة”.
ويؤكد أمين أن هذه العملية تحمل دلالات هامة، أبرزها تعاطي وزارة الداخلية المصرية بجدية وفعالية مع كافة الأنشطة التي تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين، وخاصة عبر جناحها المسلح المتمثل في “حسم”. ويقول: “الداخلية المصرية تعاملت بجدية مع المستجدات، فتم رصد أحد عناصر الحركة وتفكيك خلية تم تجنيدها داخلياً، قبل أن تنفذ مخططها الإرهابي.”
تجنيد الخلايا النائمة داخل مصر
يرى أمين أن العملية تكشف عن استمرار جماعة الإخوان في قدرتها على تجنيد عناصر جديدة من داخل مصر، ضمن ما يُعرف بـ”الخلايا النائمة”.
ويوضح: “الجماعة ما زالت تحتفظ بهيكل تنظيمي نشط يمتد من الأسر الإخوانية إلى المكاتب الإدارية، ولديها القدرة على تفعيل عناصرها لتنفيذ أعمال عنف مسلح.”
ويضيف: أن أفكار الجماعة القائمة على العنف لم تتوقف منذ 30 يونيو 2013، وأنها تواصل مساعيها لإحياء مشروعها التخريبي، لكن الدولة المصرية تمكنت من تقويض هذا المشروع إلى حد كبير، عبر القضاء على أذرعها المسلحة مثل “حسم”، و”لواء الثورة”، و”كتائب حلوان”، بالإضافة إلى تفكيك الجماعات الرديفة أو المتحالفة معها.
القضاء على الجغرافيا الإرهابية حتى 2021
يؤكد أمين أن الدولة المصرية استطاعت حتى عام 2021 القضاء على ما وصفه بـ”الجغرافيا الإرهابية”، سواء في وادي ودلتا النيل أو في شبه جزيرة سيناء. ويقول: “حتى تنظيم داعش في سيناء، الذي حاول التماهي مع مخططات الإخوان، تمت مواجهته وتفكيك أفرعه المسلحة بشكل حاسم.”
لكن عودة بعض التحركات الأخيرة من قبل خلايا صغيرة يشير، بحسب أمين، إلى محاولات الجماعة للانتقال مجدداً من مرحلة الحرب الإلكترونية والإعلامية إلى “الإرهاب” الميداني داخل الأراضي المصرية.
تركيا وعلاقتها بجماعة الإخوان
وفيما يتعلق بالدور التركي، يرى أمين أن تركيا لم تكن جادة في إنهاء ملف جماعة الإخوان على أراضيها، رغم التقارب السياسي الأخير بين القاهرة وأنقرة.
ويقول: “رغم المطالب المصرية، لم تسلّم أنقرة قيادات الإخوان المقيمين فيها، كما أن عناصر الجماعة ما زالوا يحتفظون بقدرتهم على تفعيل أذرعهم التمويلية والإعلامية داخل تركيا.”
ويشير إلى أن العلاقات التي تربط الإخوان بالنظام التركي تتجاوز البعد السياسي، إذ إن هناك استغلالاً أيديولوجياً من قبل تركيا للجماعة، كجزء من مشروعها الإقليمي في المنطقة.
ويضيف: “النظام التركي يعتبر هذا الملف ورقة ضغط قد يستخدمها ضد مصر في أي وقت، رغم ما يبدو من تجاوزات للخلافات السياسية مؤخراً بين الرئيسين السيسي وأردوغان.”
وتزامن الحدث مع نقل وسائل إعلام تركية أخباراً عن توقيف محمد عبد الحفيظ، الذي تقول وزارة الداخلية المصرية إنه قيادي في حركة “حسم”.
وقالت وزارة الداخلية المصرية، إن عبد الحفيظ متورط في مخططات لمهاجمة الطائرة الرئاسية، واغتيال مسؤولين كبار في الدولة. وتؤكد السلطات المصرية أن العديد من أعضاء حركة “حسم” ينشطون انطلاقاً من تركيا، ويواصلون نشر دعواتهم ورسائلهم إلى الداخلي المصري عبر وسائل الإعلام.
التعاون الإقليمي في مواجهة الجماعة
وحول قدرة الدولة المصرية على مواجهة هذه التحديات، يؤكد أمين أن مصر تمتلك أدوات قوية، سواء أمنية أو فكرية أو إعلامية، لمحاربة جماعة الإخوان.
ويقول: “الأجهزة الأمنية المصرية تمكّنت من تفكيك معظم الهيكل التنظيمي للجماعة داخل البلاد، والقبض على العديد من عناصرها، فيما فرّ آخرون إلى الخارج.”
ويضيف: “مصر تتعاون مع دول عربية جادة في محاربة الجماعة، مثل الإمارات والسعودية، بينما توجد دول أخرى في إشارة إلى تركيا لا تتعاون بالكامل وتعتبر ملف الإخوان أداة للضغط على القاهرة.”
وحذّر أمين من أن الجماعة قد تستلهم ما وصفه بـ”نموذج العنف في سوريا”، في محاولة لإعادة تفعيل أنشطتها داخل مصر. ويقول: “الجماعة مرت بفترة إعادة تموضع وتقوية خلال السنوات الماضية، والآن يبدو أنها تستعد لاستئناف نشاطها الإرهابي بشكل أكثر تنظيماً.”
ويختم بالقول: “رغم التحديات الإقليمية والدولية، مصر مستمرة في جهودها لتجفيف منابع الإرهاب، وستواصل ضرباتها الاستباقية ضد كل من يهدد أمنها واستقرارها.”
اقرأ أيضاً|| حركة حسم تعود لتهديد مصر.. خبير يتحدث عن محاولة جماعة الإخوان المسلمين استحضار التجربة السورية

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية