طلبت الصين من الشركات العاملة في قطاع المعادن النادرة تزويد الحكومة بقوائم بأسماء الموظفين ذوي الخبرة الفنية، وذلك لضمان عدم إفشائهم للأسرار التجارية للأجانب، وفق ما أوردته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وقالت مصادر مطلعة إن وزارة التجارة الصينية طلبت في الأسابيع الأخيرة من شركات المعادن النادرة في الصين، قوائم بأسماء موظفين المتخصصين ومؤهلاتهم التعليمية وخلفياتهم البحثية ومعلوماتهم الشخصية.
وأضافت المصادر أن الهدف هو “إعداد قائمة رسمية بالمواطنين الصينيين ذوي الخبرة في المعادن النادرة، ومراقبة هؤلاء الموظفين لضمان عدم سفرهم إلى الخارج وكشفهم عن أسرار”.
وأفاد أحد المصادر بأنه طُلب من بعض الخبراء في الشركات الصينية تسليم جوازات سفرهم لشركاتهم أو السلطات المحلية، لضمان عدم قيامهم بأي رحلات غير مصرح بها، إذ تُلزم الصين بالفعل المسؤولين الحكوميين وموظفي الشركات المملوكة للدولة بتسليم وثائق السفر والتقدم بطلب للحصول على موافقة للسفر إلى الخارج.
وتشمل القوائم الموظفين الذين يشغلون مناصب في المراحل الأولية، مثل معالجة المعادن النادرة، والموظفون الذين يشغلون مناصب في المراحل النهائية، مثل أولئك الذين يستخدمون المعادن المعالجة لصنع مغناطيسات المعادن النادرة، إذ تُستخدم هذه المغناطيسات في السيارات، وتوربينات الرياح، والمسيرات والمقاتلات النفاثة.
وقالت الوزارة إن الكيانات الأجنبية “تستخدم كل الوسائل للحصول على بياناتنا الداخلية، وإذا حصلت على بيانات مسربة، فقد يضع ذلك الصين في وضع غير مؤات في المنافسة الاستراتيجية الدولية”.
وتشير الاستفسارات إلى الأهمية الجيوسياسية المتزايدة لسيطرة الصين على هذه المواد، التي تُستخدم على نطاق واسع في السيارات والإلكترونيات والأسلحة، وتُشكّل محور الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
الصين.. أكبر مُعدّن
وتُعدّ الصين أكبر مُعدّن ومُعالج للمعادن الأرضية النادرة في العالم، وتُصنّع حوالي 90% من مغناطيسات الأرض النادرة.
ومع تصاعد التوترات التجارية، أنشأت الصين في أبريل الماضي نظاماً جديداً لترخيص تصدير المعادن الأرضية النادرة ومغناطيساتها، وأدى ذلك إلى تقييد التجارة العالمية في المغناطيس، ما أثار قلق شركات السيارات والإلكترونيات الغربية، وأدى إلى إغلاق بعض المصانع التي تعتمد على الإمدادات الصينية مؤقتاً.
ولسنوات، أنتجت الصين هذه المغناطيسات بأسعار زهيدة لدرجة أنه كان من شبه المستحيل على الشركات الأخرى مُنافستها، لكن القيود الأخيرة على التصدير تعطي حياة جديدة للجهود الرامية إلى تطوير صناعات المعادن النادرة في بلدان مثل الولايات المتحدة وفرنسا.
ومن أهم العوائق ندرة الخبرة في إنتاج المعادن النادرة خارج الصين، إذ تتضمن معالجتها فصلاً دقيقاً لعناصرها المنفردة عن المواد الخام، إذ تُخلط العديد من العناصر ذات الخصائص الكيميائية المتشابهة.
وطور العلماء الصينيون معدات وعمليات تُعتبر على نطاق واسع الأفضل في فئتها، ويُمثل هذا تحولاً جذرياً عما كان عليه الحال قبل عقود، عندما كانت الصين تُطور صناعة المعادن النادرة لأول مرة، واستفادت من خبراء أجانب دربوا العمال على أحدث التقنيات.
ولتعزيز ميزتها، أصدرت الحكومة الصينية في ديسمبر 2023 لوائح جديدة تحظر تصدير بعض التقنيات الصينية المستخدمة في معالجة المعادن النادرة، ما يُصعّب على المنافسين الأجانب محاكاة نقاط القوة الصينية.
وفي سبتمبر الماضي، أعلنت وزارة أمن الدولة الصينية أن مواطناً صينياً حُكم عليه بالسجن 11 عاماً، لبيعه أسراراً حول مخزونات الصين من المعادن النادرة إلى جهات أجنبية غير محددة.