يتناول الكاتب عبد المسيح حداد في كتابه “حكايات المهجر” الذي صدر عام 2021، واقع المهاجرين العرب، وخاصة السوريين، في الأمريكيتين خلال العقود الأولى من القرن الـ20.
صدر كتاب “حكايات المهجر” أول مرة عام 1921، ثم صدرت نسخته الأخيرة عن مؤسسة “هنداوي” التي تعرف عن نفسها بأنها “مؤسسة غير هادفة للربح، تهدف إلى نشر المعرفة والثقافة، وغرس حب القراءة بين المتحدثين باللغة العربية”.
تنتمي نصوص الكتاب إلى تيار أدب المهجر، وتحديدًا المدرسة “الرومنطيقية” التي أولت الذات الفردية والحنين إلى الوطن واللغة والشعور بالاغتراب حيّزًا مركزيًا في كتاباتها.
يتكون الكتاب من مجموعة قصصية توزعت على سرديات متباينة، لكن يجمعها خيط ناظم يتمثل في تجربة الاغتراب بجوانبها المختلفة.
تبدأ بعض القصص بوصف المهاجر المندهش من عوالم جديدة، لكن سرعان ما يتحوّل هذا الإعجاب إلى شعور بالوحدة أو الذنب أو الحنين، واستطاع حداد تجسيد الصراع النفسي الذي يعيشه المهاجر بين محاولة الاندماج في مجتمع جديد، والاحتفاظ بجذوره الثقافية والدينية والاجتماعية.
تتنوع الشخصيات في هذه الحكايات بين المرأة والرجل، الفقير والغني، المؤمن والمتشكك، لتشكل صورة بانورامية عن هموم المهجر، فهناك من ضحّى بمبادئه لينجو، ومن فقد هويته، ومن قاوم بصمت.
ووصف الكاتب صورة الوطن بوصفه الفردوس المفقود، لا سيما في أحاديث الحنين إلى الأم والأرض والمعتقدات، وهو ما يجعل هذه النصوص تنطوي على خطاب مزدوج بين خارجي يصف المجتمع الجديد وظروفه، وداخلي يكشف صراع الهوية والانتماء.
جسد الكاتب عبد المسيح حداد في فقرات كتابه، حوارات المغتربين التي تصف الألم والحنين للوطن، بطريقة عفوية واقعية.
“ها أنا بين غربيين، ولكن قلبي ما زال مشرقيًّا لا يعرف إلا لغة أمي وصلوات جدي”، هكذا عبر الكاتب عبد المسيح حداد عن صراع الهوية والانتماء الثقافي الذي يعيشه المهاجر بجسده في الغرب، لكن قلبه معلق بالشرق.
ولا يغيب البعد الأخلاقي في الكتاب، إذ تضمنت أغلب القصص رسائل ضمنية تدعو إلى التمسك بالقيم، ومواجهة تحديات المهجر بالشرف والعمل والإيمان.
وبين سطور كتاب حداد، يظهر بصورة واضحة تمسك المهاجر بوطنه وقيمه، فالهجرة لا تعني الهروب من الوطن بل حمله كعبء شعوري دائم في داخله.
وتأتي هذه القيم كمحاولة لتعويض الخسارات المعنوية التي تعرض لها المهاجرون في رحلتهم القاسية.
وعبّر الكاتب عن الاغتراب المزدوج الذي تعانيه المرأة المهاجرة، وفقدانها لذاتها ودورها، بقوله، “المرأة في المهجر لا تبكي فقط على أهلها، بل على نفسها، لأنها فقدت دورها حين فقدت وطنها”.
كما استطاع الكاتب أن ينقل في كتابه قصصًا وجدانية لأناس عبروا البحار بحثًا عن فرصة، فعثروا على أنفسهم في مواجهة أسئلة كبرى عن الوطن والهوية والمصير.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي