بعد طول انتظار ووسط شبه انقسام بين الوزراء، أقرّت حكومة لبنان مشروع قانون “الانتظام المالي واستعادة الودائع”، وبذلك أصبح القانون بعُهدة مجلس النواب، وهو يمثل خطوةً حاسمةً نحو حل الأزمة المالية التي تُثقل كاهل البلاد منذ سنوات، حيث لم يتمكن المودعون من استرداد أموالهم العالقة في النظام المصرفي.

يُركّز القانون الجديد على استعادة أموال صغار المودعين التي تقل عن 100 ألف دولار، بما يُمكّن من تسوية ودائع تقدر بمليارات الدولارات، ويمهّد الطريق للحصول على التمويلات الدولية التي تحتاجها البلاد.

نال مشروع القانون موافقة 13 وزيراً ومعارضة 9 آخرين، خلال جلسة مجلس الوزراء الخميس، وفقاً للوكالة الوطنية للإعلام الرسمية. 

قال نواف سلام، رئيس مجلس الوزراء، في مؤتمر صحافي عقب نهاية الجلسة، إنه يأمل أن يُقر مجلس النواب مشروع القانون بأسرع وقت ممكن.

ما هو قانون الفجوة المالية في لبنان؟

يُعدّ هذا القانون أهم مشروع ضمن الإصلاحات التي ينفذها لبنان، إذ سيسمح بتحديد المسؤوليات في فجوة مالية تقدر بـ80 مليار دولار من أموال المودعين، كانت نتيجة اقتراض الحكومة من البنك المركزي واعتماد هذا الأخير على الاستدانة من البنوك المحلية. 

واندلعت الأزمة بعدما تخلّفت الحكومة عن تسديد ديونها للبنك المركزي، لتصل الأزمة إلى البنوك التي لا تتوفر لديها حالياً كامل أموال عملائها.

وينصّ مشروع القانون على استرداد كامل ودائع صغار المودعين التي تقل عن 100 ألف دولار، على أن يتم السداد خلال فترة لا تتجاوز 4 سنوات، وتُمثل هذه الفئة من صغار المودعين نحو 85% من إجمالي المودعين في لبنان، وفقاً للحكومة.

أشار رئيس الوزراء إلى أن “صغار المودعين سيحصلون على أموالهم كاملةً، ومن دون أي اقتطاع، ومع الفوائد التي تراكمت، وذلك خلال 4 سنوات”. 

ومن شأن القانون أن يفتح باب التفاهم مع صندوق النقد الدولي بحسب سلام، إذ قال في المؤتمر الصحافي: “هذا مُهم، لأنه يفتح لنا أبواب صناديق أخرى وأبواب دول مانحة، ويساعد على جلب الاستثمارات”.

سندات مدعومة من المصرف المركزي

أما المودعون المتوسطون والكبار، فينص القانون على حصولهم على مبلغ 100 ألف دولار أسوة بصغار المودعين، إضافةً إلى سندات قابلة للتداول بقيمة باقي الودائع من دون اقتطاع من أصلها، على أن تكون هذه السندات مدعومةً بعائدات وأصول مصرف لبنان أو ناتج بيع جزء منها، ما يمنحها قيمة فعلية وجدول سداد واضح.

وأوضح نواف سلام أن “السندات ليست وعوداً على ورق بل هي مدعومةٌ بـ50 مليار دولار من موجودات المصرف المركزي”، وسيكون بإمكان الموادعين استرداد ما نسبته 2% من قيمة هذه السندات سنوياً.

ستعتمد الحكومة في تسديد المبالغ للمودعين على المصرف المركزي وأصوله، إضافة إلى القطاع البنكي.

يهدف القانون، بحسب الحكومة اللبنانية، إلى إعادة بناء الثقة بالنظام المالي والمصرفي، من خلال تقييم أصول المصارف وإعادة رسملتها، بما يسمح لها باستعادة دورها في تمويل الاقتصاد وتحفيز النمو، والحد من تفشي الاقتصاد النقدي والموازي.

يأتي مشروع قانون “الفجوة المالية” بعدما صادقت البلاد على قوانين جديدة تهمّ رفع السرية المصرفية وإصلاح القطاع البنكي، ويأمل لبنان المُضي نحو تفعيل الاتفاق المجمد مع صندوق النقد الدولي منذ أبريل 2022 بما يُعادل 3 مليارات دولار.

هذا المحتوى من “اقتصاد الشرق مع بلومبرغ”

شاركها.