طرح عدد من التجار والصناعيين في مدينة حلب ملاحظاتهم حول السياسات المالية والضريبية في سوريا، خلال لقاء جمعهم مع مدير مالية حلب، عبد الله رزوق، في مقر غرفة صناعة حلب اليوم، الخميس 11 من أيلول.

وجاء اللقاء بعد إعلان وزارة المالية، في 6 من أيلول الحالي، إنجاز مشروع قانون الضريبة على الدخل، وطرحه للتشاور.

وخلال الاجتماع الذي حضرته، تركزت المداخلات على مطالب بإعادة بناء الثقة مع الدوائر المالية، والتخفيف من الأخطاء البشرية في المعاملات الضريبية.

وطالب الحضور بضرورة التعامل بشفافية والابتعاد عن الممارسات التي تدفع إلى التهرب الضريبي.

كما دعا التجار والصناعيون إلى تنظيم ندوات توعوية حول القانون الضريبي قبل إصداره، بما يتيح للمكلفين الإحاطة الكاملة بتفاصيله.

وتم خلال اللقاء مناقشة مشروع قانون الضريبة على الدخل الذي أعلنت عنه وزارة المالية مؤخرًا، وسط تساؤلات حول آلية تطبيقه والتوقيت المتوقع لتفعيله.

تحديات أمام التجار والصناعيين

المشاركون عرضوا أبرز الصعوبات التي تواجه القطاعين الصناعي والتجاري في حلب، خاصة ما يتعلق بالجوانب الضريبية والجبائية وسياسات الدعم.

واعتبروا أن غياب الوضوح يفاقم حالة عدم الاستقرار الاقتصادي.

وتطرق الصناعيون أيضًا إلى المعامل المدمرة والآلات المتوقفة عن العمل، والتي لم تسجل بعد في الدوائر المالية كغير منتجة.

وطالبوا بتشكيل لجنة لإيقاف الضريبة عنها بأثر رجعي منذ تاريخ توقفها، خصوصًا في مناطق مثل الليرمون التي لم تخضع بالكامل للسيطرة الحكومية، إذ تضم أجزاء خاضعة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ما يجعل المعامل غير قادرة على الإنتاج.

سابقة إيجابية

قال رئيس لجنة منطقة العرقوب الصناعية، تيسير دركلت، في حديث إلى، إن اجتماع اليوم كان فرصة لمناقشة مسودة النظام الضريبي الجديد قبل رفعه إلى الرئاسة.

ووصف الأمر بالسابقة الإيجابية والأولى من نوعها، إذ أتيح عرض المشروع ومناقشته بشفافية كاملة.

وأوضح أن النقاش سمح للصناعيين بالتعبير عن هواجسهم استنادًا إلى تجارب السنوات الماضية، وتضمن الوصول إلى نقطة مشتركة لبناء الثقة بين المكلفين والدوائر المالية.

وذكر دركلت أن القانون الجديد “عصري ومنصف نسبيًا لكل من التاجر والصناعي”.

وأعرب عن أمله في إصداره سريعًا ومعالجة أي ثغرات موجودة في القوانين السابقة، لكنه أشار إلى نقص يتعلق بفئة ذوي الإعاقة، التي لم تدرج ضمن الإعفاءات، رغم أنها تشارك في العمالة والاقتصاد.

وأكد أن القانون بحاجة إلى معالجة هذا الفراغ لضمان استمرار هذه الفئة في دورة الإنتاج.

ويرى أن القوانين السابقة شهدت حالات إجحاف بحق الصناعيين والتجار، من بينها ازدواج الضريبة على بعض الفواتير مثل الكهرباء والماء، حيث كان المكلفون يدفعون ضريبة دخل على أرباحهم السنوية، وفي الوقت نفسه، تفرض ضريبة أخرى على الفواتير نفسها، إضافة إلى تعدد المطارح الضريبية، ما أرهق المكلفين وجعل الالتزام بالقانون أكثر صعوبة.

وأكد دركلت أن الهدف من القانون الجديد هو إعادة بناء الثقة بين المكلف والدائرة المالية، الأمر الذي يجعل الطرفين على علاقة واضحة ومتوازنة، بعيدًا عن أي ازدواجية أو إجحاف سابق.

ولفت إلى أهمية سرعة إصدار القانون وبدء تنفيذه بطريقة حديثة وعادلة.

معوقات التطبيق

من جهته، أشار الصناعي عبد المنعم ريحاوي، ل، إلى أن أغلب الصناعيين لا يملكون خبرة متخصصة بالشؤون الاقتصادية والمالية.

وقال ريحاوي إن النظام الضريبي المقترح يبدو واضحًا نسبيًا، إذ يرتكز على نسبة 10% من الربح الصافي مع استبعاد النفقات، معتبرًا ذلك مقبولًا إذا ما ترافقت هذه النسبة مع تقديم الدولة خدمات مقابلها.

وبشأن المعوقات أو السلبيات القانونية، أشار ريحاوي إلى أنها لا تظهر إلا عند التطبيق الفعلي، والقانون بحاجة إلى وقت لإصداره، وهيكلية واضحة للتنفيذ، وتطوير إداري مستمر.

وأكد أن العمل على الهيكلية التنظيمية يعتبر أهم من مجرد إصدار القانون نفسه، فالتطبيق يحتاج إلى مقومات عمل ودعم مستمر.

وأشار أيضًا إلى أهمية تحقيق عدالة اقتصادية بين الصناعي والتاجر، خاصة لمن لا يستورد باسمه، فالصناعي دائمًا مرتبط بالمنشأة ومربوط برقم ضريبي، وهذه العناصر تعتبر من المعوقات الأساسية التي يجب أن يعالجها القانون الجديد لضمان توازن الالتزامات بين المكلف والدولة.

تطوير السياسات المالية

خلال الاجتماع، أشار مدير مالية حلب، عبد الله رزوق، إلى أن الوزارة تعمل على تطوير التشريعات والسياسات المالية.

ويشمل عمل الوزارة، بحسب رزوق، الموازنة بين متطلبات الخزينة وضرورة توفير حوافز للقطاع الإنتاجي.

وأوضح رزوق أن ملاحظات الصناعيين والتجار ستؤخذ بعين الاعتبار عند صياغة السياسات المالية الجديدة.

بدوره، أوضح رئيس غرفة صناعة حلب، عماد طه القاسم، أن القانون الضريبي يمثل قضية أساسية لجميع الجهات الفاعلة.

ونوه إلى أن الاجتماعات المباشرة مع الجهات المالية تسمح بطرح الملاحظات بشكل واضح وتساهم في تعزيز التواصل بين القطاع الخاص والجهات الرسمية.

من جهته، شدد رئيس غرفة تجارة حلب، محمد سعيد شيخ الكار، على أهمية إعطاء القطاع الخاص دورًا فعليًا في التنمية الاقتصادية.

وذكر أن إصدار القانون الضريبي يحتاج إلى وقت وإحاطة كافية للمكلفين قبل تطبيقه.

وأكد أهمية الأخذ بعين الاعتبار تجارب الدول المجاورة والاتحاد الأوروبي لتفادي الثغرات وحل المشكلات السابقة.

وكانت وزارة المالية أعلنت، في 6 من أيلول الحالي، إنجاز مشروع قانون الضريبة على الدخل وطرحه للتشاور العام.

وأشار وزير المالية، محمد برنية، إلى أن المشروع يهدف إلى اعتماد نظام ضريبي أكثر وضوحًا وعدالة، مع التركيز على توفير إطار يساعد قطاع الأعمال على النمو والتخطيط بشكل أفضل.

وفي 15 من تموز الماضي، أعلن وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، أن لجنة الإصلاح الضريبي أنجزت “إعداد الملامح الأساسية للنظام الضريبي الجديد على الدخل في سوريا”.

وقال الوزير، عبر “لينكد إن”، إن النظام الضريبي الجديدة يأتي في إطار جهود الإصلاح الضريبي، ويقوم على التبسيط والوضوح والتنافسية والعصرنة، وتشجيع القطاع الخاص ودعم النمو الاقتصادي.

قانون الضريبة على الدخل مطروح للتشاور في سوريا

 

المصدر: عنب بلدي

شاركها.