بعد دقائق من خروجه من “البنك الإسلامي” في حي المحافظة، اعتدى ثلاثة شبان على مأمون سواس، بينما بينما كان يضع مبلغ خمسة ملايين ليرة في صندوق سيارته (نحو 500 دولار).
مأمون (45 عامًا)، قال ل إنه عند منتصف يوم الثلاثاء 19 من آب، تلقى ضربة قوية على رأسه أفقدته الوعي لأكثر من أربع ساعات، فيما لاذ المعتدون بالفرار ومعهم المبلغ.
وأضاف أن زوجته كانت تجلس في السيارة وقت الحادثة، لكنها “تجمدت من الخوف” ولم تتمكن من فعل أي شيء.
وشهدت أحياء مدينة حلب خلال الأسبوع الماضي موجة متصاعدة من السرقات استهدفت مواطنين وأصحاب مصالح.
وتكررت الحوادث في أثناء حمل مبالغ مالية كبيرة أو مقتنيات ثمينة، إذ استخدم المعتدون الدراجات النارية وسيلة للفرار السريع.
وتوزعت الحالات، وفق ما رصدته، على أحياء مختلفة بينها المحافظة، الجميلية، الصاخور، والموكامبو.
وتعرّض أفراد للسرقة في ساعات الصباح الأولى أو بعد منتصف الليل، وأحيانًا بالاعتداء الجسدي المباشر.
سيناريو مشابه
لم تكن حادثة مأمون الوحيدة، ففي صباح اليوم التالي عند الساعة التاسعة، كان حسن عبد الرحمن في حي الجميلية قرب ألبان “الصقال”، يحمل حقيبة بيده تضم نحو ثلاثة ملايين ليرة، ليتفاجأ بشخصين يستقلان دراجة نارية خطفا الحقيبة وفرّا.
أما رضا الضاهر (18 عامًا)، وهو شاب من حي الصاخور يعمل في مقهى قرب قلعة حلب، فتعرّض لسرقة مشابهة فجر الأربعاء في شارع الوكالات بعد انتهاء عمله.
وذكر أن ثلاثة أشخاص أوقفوه وسرقوا حقيبته التي تحوي هاتفه وبطاقته الشخصية، قبل أن يجد الأخيرة لاحقًا مرمية في حي الشعار.
ووصف الوضع بـ“المخيف”، مضيفًا أن المدينة فقدت الإحساس بالأمان، خصوصًا مع انتشار الدراجات النارية التي يستخدمها اللصوص للفرار بسرعة في الأزقة والشوارع المزدحمة.
كذلك تعرّض عصام حلاق (33 عامًا) لسرقة حقيبة تحتوي على نحو ألفي دولار بينما كان يسير في حي الموكامبو قرب مدرسة الكندي عند الساعة الثامنة من صباح الاثنين الماضي، عبر الأسلوب ذاته: دراجة نارية وسرعة في التنفيذ دون أي مواجهة مباشرة.
قلق شعبي
دفع تكرار الحوادث المشتكين للتساؤل عن جدوى الشكاوى المقدمة إلى أقسام الشرطة.
وأكد معظم المتضررين الذين تحدثت إليهم أنهم قدموا بلاغات رسمية بأوصاف المهاجمين ومكان الحوادث، لكنهم لم يتلقوا حتى الآن أي معلومة عن سير التحقيقات.
من جانبها، ربطت علا حريري، خريجة قسم علم الاجتماع في جامعة حلب، تزايد السرقات بالوضع الاقتصادي المتدهور، مشيرة إلى عامل أمني مرتبط بمرحلة ما بعد التحرير.
وأوضحت أن خروج عدد كبير من أصحاب الجنح والجرائم الصغيرة من السجون بعد فترة التحرير، في ظل غياب الرقابة والمتابعة، ساهم في تفاقم الفوضى الأمنية.
وأضافت أن انتشار الدراجات النارية سهّل عمليات السرقة والهروب، خصوصًا في المناطق التي تفتقر إلى كاميرات مراقبة فعالة أو دوريات كافية.
الدوريات الليلية للأمن العام قرب ساحة سعد الله الجابري وشارع فيصل في حي المحافظة خطوة ضرورية، بحسب علا، لكنها غير كافية لمواجهة موجة السرقات.
ولفتت إلى أن تشديد الإجراءات الأمنية قرب البنوك ومؤسسات الصرافة يمكن أن يحدّ من تحول هذه الظاهرة إلى نمط متزايد في المدينة.
وحاولت التواصل مع مكتب وزارة الداخلية في حلب لمعرفة أسباب الظاهرة والإجراءات المتخذة للحد منها، لكن لم تتلقَّ ردًا حتى لحظة إعداد التقرير.
رغم قرار المنع.. دراجات نارية تواصل انتشارها في حلب
خطوات سابقة
سبق أن تناولت في تقرير سابق حالات سرقة السيارات بمحيط قلعة حلب والإجراءات المتبعة للحد منها، خاصة عند تقاطع شارع السجن وخان الوزير.
وقال مدير المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية في حلب، محمد السعيد، حينها إن الإجراءات تبدأ بتقديم صاحب السيارة دعوى رسمية مرفقة بالأدلة المتوفرة، وفي حال وجود اشتباه بشخص أو معلومات محددة يمكن متابعتها أصولًا.
وكانت محافظة حلب أصدرت في مطلع حزيران الماضي تعميمًا يمنع سير الدراجات النارية غير المرخصة داخل المدينة، مع مصادرتها من قبل الجهات الأمنية المختصة، بهدف “تحقيق الأمن والسلامة العامة”.
ونصّ التعميم على السماح فقط للدراجات المرخصة بالتجول بين 6:00 صباحًا و4:00 عصرًا.
وكلف التعميم الوحدات الشرطية وقوى الأمن الداخلي بتنفيذ الحملة وملاحقة المخالفين خلال ساعات المنع، مبررًا القرار بأنه يندرج في إطار جهود الحد من الحوادث والسرقات.
لكن المشتكين أشاروا إلى أن القرار يحتاج إلى إجراءات مكملة، مثل زيادة الدوريات وتعزيز الرقابة في المناطق الحيوية، ليكون له تأثير فعلي على الأمن في حلب.
سرقات في حلب ومخاوف على الموسم السياحي
مرتبط
المصدر: عنب بلدي