ظل الإيرانيون يدخلون الولايات المتحدة بشكل غير قانوني لسنوات، لا سيما منذ عام 2021، إذ كانوا يواجهون احتمالاً ضئيلاً للترحيل إلى بلادهم بسبب انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكن هذا الوضع لم يعد قائماً، وفق وكالة “أسوشيتد برس”.
وذكرت الوكالة الأميركية أن إدارة الرئيس دونالد ترمب رحلّت مئات الأشخاص، بينهم إيرانيون، إلى دول غير بلدانهم الأصلية في محاولة لتجاوز عقبات دبلوماسية مع حكومات ترفض استقبال مواطنيها.
وأعادت دول، من بينها السلفادور وكوستاريكا وبنما، خلال الولاية الثانية لترمب، استقبال أجانب غير مواطنين رُحلوا من الولايات المتحدة.
وطلبت إدارة ترمب من المحكمة العليا السماح بتنفيذ عدة عمليات ترحيل إلى جنوب السودان، البلد الذي مزقته الحرب، ولا تربطه علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة، وذلك بعدما أقر القضاة إمكانية ترحيل أجانب إلى دول غير بلدانهم الأصلية.
ونفذ عناصر حرس الحدود الأميركي 1700 عملية اعتقال لإيرانيين على الحدود مع المكسيك في الفترة من أكتوبر 2021 حتى نوفمبر 2024، وفقاً لأحدث البيانات العامة المتاحة.
وأفادت وزارة الأمن الداخلي بأن نحو 600 إيراني تجاوزوا مدة تأشيراتهم بصفتهم زواراً بغرض الأعمال والتجارة أو في إطار تبادل ثقافي أو سياحاً أو طلاباً، وذلك خلال فترة الـ12 شهراً المنتهية في سبتمبر 2023، بحسب أحدث البيانات المتوفرة.
وخضعت إيران، في يونيو، لحظر سفر أميركي شمل 12 دولة، ويخشى البعض أن تُشكل الاعتقالات المتزايدة التي تنفذها وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) ضربة جديدة للإيرانيين المقيمين في الولايات المتحدة.
طالبو لجوء منذ عقود
وفي ولاية أوريجون، اعتقلت عناصر الهجرة رجلاً إيرانياً الأسبوع الماضي أثناء توجهه إلى صالة الألعاب الرياضية. وذكرت وثائق المحكمة، التي قدمها محاميه مايكل بيرسيل، أنه تم توقيفه قبل نحو أسبوعين من موعد محدد مسبقاً لتسجيل حضوره في مكاتب وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك في بورتلاند.
ووفقاً لما ورد في وثائق المحكمة، فإن الرجل، الذي عُرف بالأحرف الأولى “SF”، يعيش في الولايات المتحدة منذ أكثر من 20 عاماً، فيما تحمل زوجته وطفلاه الجنسية الأميركية.
وقدم “SF” طلب لجوء في الولايات المتحدة في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، لكن طلبه رُفض في عام 2002. وفشلت محاولته للاستئناف، إلا أن الحكومة لم تُقدم على ترحيله، وواصل العيش في البلاد لعقود، بحسب وثائق المحكمة.
وكتب المحامي بيرسيل، في التماس قدمه للمحكمة، أن “SF” سيواجه “خطراً متزايداً بشكل كبير من الاضطهاد” في حال ترحيله، بسبب “تغير الأوضاع” في إيران.
وأضاف: “هذه الظروف ترتبط بالقصف الأميركي الأخير لمنشآت نووية إيرانية، ما أدى إلى خلق حالة حرب فعلية بين الولايات المتحدة وإيران”.
وأشار بيرسيل إلى أن الإقامة الطويلة لـ”SF” في الولايات المتحدة، واعتناقه الديانة المسيحية، وكون زوجته وأطفاله يحملون الجنسية الأميركية “تزيد إلى حد كبير احتمال تعرّضه للسجن أو التعذيب أو الإعدام في إيران”.
وفي نيو أورلينز، عاشت ماندونا كاشانيان في الولايات المتحدة طوال 47 عاماً، وتزوجت من مواطن أميركي وربت ابنتهما. وكانت كاشانيان تزرع في حديقة منزلها عندما قيد عناصر من وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك يديها واقتادوها، بحسب رواية أسرتها للوكالة.
ووصلت كاشانيان إلى الولايات المتحدة عام 1978 بتأشيرة طالب، وقدمت طلب لجوء خشية الانتقام بسبب دعم والدها للشاه الذي كان مدعوماً من واشنطن. ورغم رفض طلبها، سُمِح لها بالبقاء مع زوجها وطفلتها بشرط أن تواظب على تسجيل حضورها بانتظام لدى سلطات الهجرة، بحسب ما أفاد به زوجها وابنتها.
والتزمت كاشانيان بذلك، وسجلت حضورها ذات مرة من ولاية ساوث كارولاينا خلال إعصار كاترينا. وهي تُحتجز حالياً في مركز احتجاز للمهاجرين بمدينة باسيل في ولاية لويزيانا، بينما تحاول أسرتها الحصول على معلومات حول وضعها.
حملة اعتقالات
ويواجه إيرانيون آخرون يقيمون في الولايات المتحدة منذ عقود، اعتقالات من قبل سلطات الهجرة. وترفض وزارة الأمن الداخلي الأميركية الإفصاح عن عدد المعتقلين، لكن الضربات العسكرية الأميركية ضد إيران أثارت مخاوف من احتمال تصاعد هذه الحملات في الفترة المقبلة.
وقال رايان كوستيلو، مدير السياسات في المجلس الوطني الإيراني الأميركي، وهو مجموعة ضغط: “قدر من اليقظة أمر مفهوم بالطبع، لكن ما يبدو أن وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك قامت به هو إصدار أمر باعتقال أكبر عدد ممكن من الإيرانيين، سواء كانوا مرتبطين بأي تهديد أم لا، ثم احتجازهم وترحيلهم، وهذا أمر مقلق للغاية”.
وقالت “أسوشيتد برس” إن وزارة الأمن الداخلي لم ترد على الفور على طلبها التعليق على قضية كاشانيان.
وأعلنت الوزارة عن اعتقال ما لا يقل عن 11 إيرانياً بتهم تتعلق بمخالفات هجرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، التي شهدت تنفيذ ضربات أميركية.
وقالت هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، من دون الخوض في التفاصيل، إنها احتجزت 7 إيرانيين في عنوان بمنطقة لوس أنجلوس “اُستخدم بشكل متكرر، لإيواء مهاجرين غير شرعيين على صلة بالإرهاب”.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة، تريشا ماكلوجلين، بشأن حالات الاعتقال الـ11، إن الوزارة تتحرك بكامل طاقتها لتحديد واعتقال الإرهابيين المعروفين أو المشتبه بهم والمتطرفين العنيفين الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني، سواء عبر برامج الإفراج المشروط المزيفة التي أطلقها الرئيس السابق جو بايدن أو بأي وسيلة أخرى.
ولم تُقدم المتحدثة أي دليل يربط المعتقلين بالإرهاب أو التطرف. كما أن تعليقها بشأن برامج الإفراج المشروط يشير إلى المسارات القانونية التي وسعها بايدن لدخول البلاد، والتي ألغتها لاحقاً إدارة دونالد ترمب، بحسب “أسوشيتد برس”.