أغلقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب آخر المنافذ المتبقية أمام آلاف الأفغان الذين تعاونوا مع الولايات المتحدة لسنوات طويلة خلال الحرب في أفغانستان، من خلال وقف جميع طلبات اللجوء المقدَّمة منهم، بما في ذلك المؤهَّلون للحصول على تأشيرات الهجرة الخاصة، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.
وأضافت الصحيفة، في تقرير، أن الحكومة تعتزم إعادة فتح الملفات التي نالت الموافقة خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، ما قد يؤدي إلى سحب الوضع القانوني من المقيمين وحاملي البطاقات الخضراء، ويشمل ذلك نحو 200 ألف شخص، بينهم 120 ألفاً جرى إجلاؤهم في أول عملية نقل جوي من كابول في أغسطس 2021.
وأشار التقرير إلى أن نحو 265 ألف أفغاني ما زالوا قيد المعالجة خارج الولايات المتحدة، بينهم ما يقارب 180 ألفاً ضمن برنامج التأشيرات الخاصة المخصص لمن عملوا مع الحكومة الأميركية، وذلك وفقاً لمنظمة “أفغان إيفاك” غير الربحية.
“تحت تهديد طالبان”
وسلّطت الصحيفة الضوء على حالة عبد المالك وفا، مراقب الحركة الجوية السابق لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي تمكّن من الصعود إلى طائرة الإجلاء خلال الانسحاب الأميركي من كابول، فيما تعذّر على زوجته دخول المطار. وتلقى حينها تأكيدات بأنها ستُنقل في أقرب وقت ممكن.
وبعد أربع سنوات من استقراره في ولاية بنسلفانيا، لا يزال وفا ينتظر التحاق زوجته به، غير أن تشديد ترمب لإجراءات الهجرة، عقب حادث إطلاق نار دامٍ في واشنطن، جعل هذا الانتظار “مفتوحاً إلى أجل غير مسمّى”.
وأشارت الصحيفة إلى أن وفا، البالغ حالياً 28 عاماً، حصل في البداية على إقامة إنسانية تسمح بدخول الولايات المتحدة مؤقتاً لأسباب إنسانية مُلحّة، قبل أن يُمنح اللجوء لاحقاً. كما أبلغته السلطات في نهاية العام الماضي بالموافقة على طلب لمّ الشمل، فسافرت زوجته بالفعل إلى دوشنبه في طاجيكستان لإجراء مقابلة في السفارة الأميركية.
لكن، بعد أن فرض ترمب حظراً على سفر الأفغان، تلقّى وفا رسالة إلكترونية تفيد برفض تأشيرتها. ونقلت الصحيفة عنه أن حركة طالبان أحرقت منزله القديم، وأن زوجته تقيم حالياً مع والدته في ولاية هلمند.
وقال وفا: “أنا خائف جداً.. بعد أربع سنوات يرسلون لي رسالة من دون أي مبرر واضح، يرفضون فيها تأشيرة امرأة تواجه خطراً كبيراً في أفغانستان.. إنها في خطر بسببي”.
“الحكومة الأميركية لا تعترف بالحلفاء”
كما تناولت الصحيفة حالة أحمد جاويد الذي عمل مترجماً مع قوات العمليات الخاصة الأميركية في مهام تستهدف عناصر طالبان. وقال جاويد إن طلبه للحصول على تأشيرة الهجرة الخاصة رُفض بعد انتظار دام نحو ثلاث سنوات، من دون توضيح الأسباب، وإنه يختبئ الآن مع أسرته في كابول.
وأضاف للصحيفة: “الحكومة الأميركية لا تعترف بحلفاء حقيقيين مثلي… أفعال هذا الشخص المضطرب (المتهم بإطلاق النار) لا تمثل الشعب الأفغاني”.
ونقلت الصحيفة عن بعض الخبراء قولهم إن على الولايات المتحدة استقبال مزيد من العسكريين الأفغان الذين قاتلوا إلى جانب القوات الأميركية، وتقديم الدعم لهم، بما في ذلك خدمات الصحة النفسية المقدّمة للمحاربين الأميركيين.
وذكرت الصحيفة أن بعض القيود الجديدة التي تؤثر على عائلات مثل وفا وجاويد كانت مطبّقة بالفعل، إذ أمر ترمب في يناير بتعليق استقبال جميع اللاجئين الأفغان وتعليق إجراءات لمّ الشمل، كما جرى إلغاء تمويل برامج الأمن الداخلي المخصّصة لرصد التهديدات ومنع التطرف، والاستغناء عن موظفين حكوميين كانوا مُكلّفين بإعادة توطين الأفغان.
ومع القرارات الجديدة، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية وقف إصدار جميع التأشيرات لحاملي الجوازات الأفغانية، في خطوة تعني تجميداً فعلياً لبرنامج تأشيرات الهجرة الخاصة الذي أُقرّ عام 2006 بهدف منح الإقامة الدائمة للأفغان والعراقيين المعرضين للخطر بسبب تعاونهم مع الحكومة الأميركية.
وأضافت الصحيفة أن مسؤولين أميركيين أكدوا أنهم سيعيدون فتح “مئات الآلاف” من الملفات الخاصة بالمهاجرين الذين خضعوا للتدقيق خلال إدارة بايدن، ومراجعة كل بطاقة خضراء صادرة لمقيمين من دول “تشكّل مصدر قلق”، من دون تسميتها.
ونقلت الصحيفة عن سامي سادات، القائد السابق لقوات النخبة الأفغانية، قوله: “كثير من الأفغان يشعرون بالخيانة.. خصوصاً الحلفاء المقرّبين الذين عملوا جنباً إلى جنب مع الأميركيين، وتفرّقت عائلاتهم، ولم تُصدَر تصاريحهم”.
