حلب – محمد ديب بظت
يعاني سكان حي الفردوس في مدينة حلب من نقص الخدمات الأساسية، ويظهر ذلك بشكل جلي في غياب شبكة الكهرباء تمامًا وصعوبة التنقل بسبب حالة الطرق الفرعية، فالحي لا تصل إليه الكهرباء إطلاقًا، مثل عدة أحياء أخرى في المدينة، من بينها الميسر والصالحين، حيث تضررت الشبكة الكهربائية بشكل كبير نتيجة سنوات الحرب، دون إعادة تأهيلها حتى الآن.
محمد إبراهيم، أحد سكان الحي، قال ل، إن غياب الكهرباء يجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة، ويجبر السكان على اللجوء إلى حلول مؤقتة، مثل المولدات الكهربائية الخاصة أو الاشتراك بـ”الأمبيرات”، التي تصل تكلفتها إلى 85 ألف ليرة سورية مقابل عشر ساعات توصيل.
وأضاف أن هذا الوضع يزيد العبء المادي على العائلات، ويجعل القدرة على إدارة شؤون المنزل والالتزامات اليومية أكثر صعوبة.
أما شريف مصري، مغترب عاد مؤخرًا إلى حي الفردوس بعد سنوات من إقامته في تركيا، فتفاجأ عند عودته بغياب الكهرباء وسوء حالة الطرق الفرعية، وهو ما جعله يعيد التفكير في البقاء بالحي.
“حال الحي يجعل البقاء فيه صعبًا، وقد أضطر للانتقال إلى حي آخر إذا لم تتحسن الخدمات قريبًا”، بحسب قوله.
الطرق الفرعية في حي الفردوس مليئة بالحفر والمطبات، ما يجعل التنقل بالسيارات صعبًا، خصوصًا بعد هطول الأمطار، مشيرًا إلى أن المواصلات العامة تتجنب المرور في بعض الشوارع.
سعيد حسين، صاحب محل في حي الفردوس، قال ل، إن غياب الكهرباء يمنع تشغيل الأجهزة الكهربائية، ما يؤثر على دخل المحال الصغيرة ويهدد استمرارها.
الاعتماد على المولدات أو الاشتراك بـ”الأمبيرات”، وفقًا لسعيد، يزيد من النفقات، ويجعل أصحاب المحال في حالة ضغط مستمر للحفاظ على أعمالهم.
غياب الكهرباء في حي الفردوس وغيره من الأحياء المتضررة يعكس الأثر المستمر للحرب على البنية التحتية، ويعيد طرح السؤال عن أولويات إعادة الإعمار في حلب، حيث يبقى الكثير من السكان أمام خيار صعب بين الاستمرار في الحي تحت ظروف قاسية أو الانتقال إلى مناطق أخرى أكثر تجهيزًا بالخدمات الأساسية، ليترتب على ذلك الأمر نفقات إضافية.
كما تكشف معاناة الحي عن أزمة أكبر في الأحياء المتضررة بفعل الحرب، حيث تتداخل مشكلات الكهرباء والطرق والمواصلات مع الحياة اليومية للسكان.
نقص الاعتمادات المالية
مسؤول قطاع الكهرباء في المكتب التنفيذي لمحافظة حلب، يوسف الشبلي، تحدث ل حول الأسباب الفنية والإدارية التي تمنع استكمال شبكة التمديد الكهربائي في حي الفردوس وأجزاء من حي الميسر.
وأشار الشبلي إلى أن نقص الاعتمادات المالية يعد من أبرز العقبات، وأن الجداول المالية الحالية لدى الجهة المعنية لا تحتوي على اعتمادات كافية، ما يعوق طرح مناقصات لتوريد المواد أو تشغيل المقاولين أو تأهيل الشبكات الفرعية.
هذا النقص المالي يمنع إجراء أي أعمال ميدانية بشكل منتظم، ويؤخر خطط إعادة وصل الكهرباء إلى المناطق المتضررة.
كما لفت إلى نقص المواد والمهمات الفنية الضرورية لتنفيذ أعمال التمديد الكهربائي، مشيرًا إلى أن المواد الأساسية، مثل الكوابل والأعمدة والمحولات الفرعية وصناديق الوصل وآليات الحفر والخراطة، غير متوفرة أو متوفرة بكميات محدودة، مما يؤدي إلى تأخر إنجاز الأعمال الميدانية بشكل كبير.
هناك أيضًا نقص في العمالة المتخصصة والآليات والأدوات التنفيذية اللازمة لتنفيذ الشبكة الكهربائية بشكل كامل، بحسب الشبلي.
حالة المحطات المغذية في المنطقة تمثل جزءًا من المشكلة، إذ إن الشبكة الفرعية أو المحطة المغذية للمنطقة غير كافية حاليًا، وتتطلب تأهيلًا أو توسعة من خلال تركيب محولات إضافية ولوحات كهربائية جديدة، حتى تستوعب حجم الطلب على الكهرباء وتغطي الأحياء بشكل مناسب.
ولفت الشبلي إلى أن المحافظة لم تعلن حتى اللحظة عن أي خطة زمنية واضحة لإنهاء التمديد الشبكي في حي الفردوس والميسر.
وفي الوقت نفسه، شدد على أن المحافظة تعمل جاهدة لتوفير بدائل مؤقتة لوصل الكهرباء للمناطق المتضررة، من خلال التواصل مع منظمات دولية ومحلية، بالتزامن مع التنسيق المستمر مع وزارة الطاقة، لنقل صورة دقيقة عن وضع الكهرباء في مدينة حلب، والعمل على تحسين الخدمات تدريجيًا بما يتناسب مع الإمكانيات المتاحة.
قلة في الموارد
وبالنسبة لتزفيت الشوارع، ذكر مصدر من مجلس مدينة حلب، رفض نشر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح للإعلام، أنه لا توجد، حاليًا، خطة لتزفيت المناطق الشرقية بالكامل، لكن هناك مشروعين سيدرجان قريبًا في خطة المجلس بمنطقتي الأنصاري الغربي والشرقي، إضافة إلى باب النيرب ومركز المدينة، يشملان أعمال صيانة “زفتية” لمواقع متفرقة.
وكان المصدر أوضح في وقت سابق أن أي مشروع من المفترض أن ينفذ خلال فصل الصيف، إلا أن قلة الموارد وعدم توفر التجهيزات اللازمة حالت دون التنفيذ.
ويبقى حي الفردوس، مثل العديد من الأحياء الشرقية في حلب، شاهدًا على أثر الحرب الطويلة على المدينة وسكانها.
سنوات الحرب تركت الحي بلا شبكة كهربائية صالحة، وبطرق فرعية متدهورة وبنية تحتية متهالكة، ما دفع السكان حاليًا للاعتماد على حلول مؤقتة مثل المولدات الكهربائية و”الأمبيرات”، مع تكاليف إضافية تثقل كاهل العائلات.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
