اخر الاخبار

خاص “المدى” الحرب العسكرية ضدّ ايران ليست بنزهة والتصعيد الديبلوماسي سيّد الموقف شمص: صوت لبنان ضعيف والرهان مجدّداً على المعادلة الذهبية |

وسط مخاوف كثيرين من أن تشكّل التطورات المتسارعة في المنطقة، وليس آخرها التصعيد العسكري ضدّ اليمن وايران مقدّمة لانفجار ضخم في الوضع الأمني، استبعد الخبير في الشؤون الايرانية والاقليمية محمد شمص أي مواجهة عسكرية مفتوحة أو انفجار كبير في المنطقة، مؤكداً أن التصعيد الديبلوماسي والإعلامي سيكون سيّد الموقف، محذراً من أن الحرب الاميركية ضدّ ايران ليست بنزهة، والولايات المتحدة الأميركية تدرك جيداً أنها ستكون حرباً خاسرة.

ورأى شمص أنّ هدف الرئيس دونالد ترامب هو “ابرام صفقة مع ايران، لكنّه يستخدم أدوات القوة والتهديد والتلويح وضرب اليمن لدفع الإيرانيين إلى تقديم تنازلات في ملفات المنطقة ومناقشة القدرات الصاروخية الايرانية”، وهذه التنازلات، برأيه، “ليست ة بالموضوع النووي، لإدراكه مع الغرب، بأنّ ايران لا تمتلك سلاحاً نووياً، وليس لديها نية بامتلاك سلاح ذرّي، بل الهدف هو الضغط عليها من بوابة النووي لكي تقدّم تنازلات في ملفّات المنطقة، أي فكّ الارتباط مع حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والتوقّف عن دعمها”، شارحاً بأنّ ما تريده واشنطن أيضاً هو “صفقة يكون لها حصّة اقتصادية من الكعكة الإيرانية، على اعتبار أن السوق الإيرانية خصبة جداً وقد مزّق ترامب الاتفاق النووي عام 2018 لأنه لم يكن لواشنطن فيه حصّة وازنة في الاقتصاد الإيراني، بل كانت الحصّة الأكبر من نصيب الاوروبيين، لذا هو اليوم يفتش عن صفقة مع ايران تؤمّن مصالح اقتصادية للأميركيين ومصالح أمنية للاسرائيليين، لكن طهران لن تعطي هذا الأمر، لا لأميركا ولا لإسرائيل”.

وأوضح شمص “أنّ العدوان الاميركي على اليمن يثبت مجدّداً بأنّ الحرب الدائرة في المنطقة هي ليست حرباً إسرائيليّة على دول المنطقة، إنما هي حرب أميركية ـ إسرائيلية بامتياز”، ورأى أن “أميركا تقوم اليوم بضرب اليمن بالنيابة عن اسرائيل، بعد إعلان حركة “انصار الله” استئناف الحظر على السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، وباب المندب، وخليج عدن ، إثر انتهاء المهلة المحدّدة للوسطاء لرفع الحصار عن قطاع غزّة”، مُبدياً اعتقاده بأنّ هذا التصعيد العسكري “لن يؤدّي إلى أي نتيجة، فلا يمكن تليين الموقف اليمني من خلال ضربات جويّة، فالقصف الجوّي ضد الحوثيين من قبل “الناتو” والتحالف الأميركي ـ الإسرائيلي لم يتمكّن من الحؤول دون قصف تل ابيب والمدن الإسرائيلية بالصواريخ الفرط الصوتية والطائرات المسيّرة. لذلك، فإنّ هدف الضربات الجوية ضدّ اليمن هو اغتيال قيادات في “انصار الله” والجيش اليمني أولاً، والضغط على حكومة صنعاء لوقف إسناد غزة ثانياً، وتحذير ايران ثالثاً، لكن هذه الرسالة ليست في مكانها، لأنّ ايران غير اليمن، والموضوع الإيراني مختلف، فضلاً عن أنّ قرار اليمنيين هو بيدهم وليس بيد طهران التي لا تنفع معها تهديدات اميركا واسرائيل المستمرة منذ 45 سنة من دون أن يتمكّنا من تنفيذها، إمّا لعجزهما ، أو لإدراكهما بأن الحرب مع ايران ليست بنزهة، وبأنّها سترّد بقوة، هذا عدا عن موقعها الجيوبوليتيكي ومساحتها الواسعة وسيطرتها على المضائق المائية وقدراتها العسكرية الهائلة والمفاجئة للأميركي والإسرائيلي، وقيادتها الشجاعة”.

وتابع شمص: “لذلك الأميركي يريد صفقة مع إيران فيساند إسرائيل من جهة في ضرب اليمن، ويرسل رسالة لإيران بأنّه مستعدّ للتفاوض وإلا الخيار العسكري، لكنه يدرك جيدا بأنّ هذا الخيار لن يكون ناجحاً معها، والتفاوض هو الحلّ الوحيد، ويتوّهم الأميركي إذا كان يعتقد بأن ايران اليوم ضعيفة بسبب توجيه ضربات للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية، لأن ايران هي التي تؤمّن الحماية لكافة أطراف ودول محور المقاومة، هذا إذا سلّمنا جدلاً بأن الجبهتين اللبنانية والفلسطينية غير قادرتين على خوض حرب جديدة حسب الرواية والاستراتيجة الأميركية والإسرائيلية”.

وأوضح شمص “أنّ أميركا ستستخدم كل أوراق القوة لديها لإخضاع الايرانيين، كالتهديد والتلويح بالخيار العسكري والضغوط الاقتصادية ومحاولة تأليب الإيرانيين على النظام، من خلال إحداث فتنة داخلية وتحريك مجموعات وخلايا نائمة لاسيما في سيستان وبلوشستان وأيضاً تحريك المعارضة الداخلية على خلفيات اقتصادية أو اجتماعية، لكنّ التجربة أثبتت بأنّ كل الحراك الموجّه من الخارج كانت نهايته الفشل، وآخره ما حصل منذ نحو 3 سنوات، على خلفية وفاة المواطنة الإيرانية مهسا أميني”.

وعلى الجبهة اللبنانية، لفت شمص إلى أنّ العدو الاسرائيلي “يريد فرض واقع جديد على اللبنانيين عموماً والجنوبيين خصوصاً، من خلال استمراره في خرق القرار 1701 سواء جنوب الليطاني أو شماله خلافاً لاتفاق وقف إطلاق النار، مُستفيداً بذلك من دعم أميركي مطلق له، في ظلّ ضعف الدولة اللبنانية التي راهن اللبنانيون على أنها ستتمكّن بالديبلوماسية من إرجاع حقوقهم أو الدفاع عنهم وعن أرضهم، وما تزال تتريّث في انتظار أن تتحرّك الولايات المتحدة الاميركية للضغط على اسرائيل، وفي اعتقادنا أنّها لن تفعل، لأنّ مصالحها مع اسرائيل واحدة وتطمح الاخيرة بالوصول إلى التطبيع مع لبنان. أمّا لجنة مراقبة تنفيذ وقف اطلاق النار فهي لجنة أميركية بامتياز، وما يفعله رئيسها الاميركي اليوم هو حماية اسرائيل وغضّ النظر عن كل خروقاتها وانتهاكاتها للاتفاق وللقرار 1701، وبالتالي هذه لجنة اسرائيلية ـ أميركية ولا تخدم المصالح اللبنانية للأسف، صوت لبنان فيها ضعيف جدّاً، والرهان هو مجدّداً على المعادلة الذهبية جيش وشعب ومقاومة، والمقاومة هي حقّ طبيعي للبنانيين للدفاع عن أرضهم عندما تعجز الدولة عن استرجاع حقوقهم، وواضح أنّ الدولة عاجزة جدّاً، وهي منشغلة بقضايا أخرى، ولا تلتفت إلى قضايا الجنوبيين الذين يُقتلون يومياً بالطائرات والمسيّرات والقصف الإسرائيلي على قراهم ومدنهم في جنوب لبنان”.

ورأى شمص أنّ “حزب الله” لن يبقى ساكتاً أو مكتوف الأيدي أمام الخروقات الاسرائيلية، لكنّه سيتعامل معها بحكمة وبقوة وبشجاعة، والحكمة تقتضي بإعطاء فرصة للدولة اللبنانية بأن تستخدم الديبلوماسية، ونعتقد أنّها لن تؤدّي إلى أي نتيجة، وتقتضي أيضاً بأن يبدأ “حزب الله” باستعادة الردع في اللحظة المناسبة والفاعلة التي تراها المقاومة، لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *