خاص “المدى” برعشيت لم تسْلَم من العدوان… الدولة غائبة كعادتها |
برعشيت هي إحدى بلدات قضاء بنت جبيل تابعة لمحافظة النبطية، تبعد عن بيروت 120 كلم وعن النبطية نحو 40 كلم ترتفع عن سطح البحر 750 متر مساحتها 14 الف دونم
النظرية السائدة حول إسم البلدة تقول إنّها كانت تسمّى قديماً مرعى شيت نسبة إلى النبي شيث ابن آدم، حيث كان يرعى المواشي في أرض البلدة، قبل أن يتطور الإسم لاحقاً إلى برعشيت.
برعشيت التي لمع إسمها إبّان الإحتلال الإسرائيلي، لم تسلم كسائر القرى الجنوبية من العدوان الاسرائيلي في أيلول الماضي الذي استمر لمدة 66 يوماً وخلّف فيها اضراراً جسيمة أدّت، وِفق رئيس البلدية علي شهاب، إلى تدمير نحو 70 مبنى فيهم 160 وحدة سكنية، أي أكثر من ألف منزل، وتضرّرت شبكات الكهرباء والاتصالات والمياه وخزّاناتها والطريق العام في البلدة والطرقات الفرعية.
كما تضرّرت المدرسة الرسمية والمؤسسات التجارية وعدد من المحلات والسوبرماركات والافران. ولحقت الأضرار بكنيسة البلدة والمسجد المجاور لها، إضافة إلى عدد من المساجد والحسينية ومركز الدفاع المدني ومركز فوج الاطفاء ومبنى اتحاد بلديات بنت جبيل حيث أدّت غارة معادية همجية عليه إلى مجزرة بحق رجال إطفاء كانوا موجودين في المبنى استعداداً للانطلاق في مهمّاتهم الإنقاذية، فاستشهد 14 منهم من بين 55 شهيداً من ابناء البلدة.
ووصف شهاب ممارسات العدو بـ”العدوانية والتي لا تمتّ إلى الشرعية الانسانية بأي صلة”، مؤكداً أنّ “الجرائم الوحشية التي يرتكبها العدو في حق الأبرياء من قتل، تدمير وتشريد هي انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان انتهاك صارخ للقوانين الدولية، وتعكس الوجه الحقيقي للاحتلال وعدوانيته المستمرّة “.
العدد الاجمالي لسكان برعشيت يبلغ نحو 10 الاف نسمة ويقطن فيها حالياً حوالى 5 آلاف نسمة، أي بحدود 950 عائلة. وخلال العدوان نزح الاهالي الى صيدا وبيروت وخلدة وجونية وجبيل وطرابلس والكورة، فيما غادر بعضهم الى سوريا والعراق.
ولفت شهاب إلى أنّ برعشيت استقبلت قبل النزوح الكبير 120 عائلة نازحة من القرى المجاورة لها وعادوا اليها بعد توقف العدوان، والبلدية تقدّم لهم الخدمات المطلوبة على اعتبار أنّهم جزء من أهلنا.
ومع إعلان وقف اطلاق النار، سارعت البلدية إلى رفع آثار العدوان وفتح الطرقات وازالة الردم وانتشال جثامين الشهداء، حيث تم انتشال جثمان أكثر من 30 شهيداً بالتعاون مع الأهالي، وأجرت اتصالاتها مع المعنيين لإعادة التيار الكهربائي والمياه والاتصالات الى البلدة، كما ناشدت مجلس الجنوب الإسراع في مسح الأضرار ودفع التعويضات للمتضرّرين. ولفت إلى أنّه “حتّى الساعة، لم نلمس تجاوباً الا من قبل مؤسسة الكهرباء، فيما تمكنّا بجهود خاصة من تأمين إعادة التيار عبر المولدات وتغطية قسم كبير من البلدة التي هي في حاجة إلى كثير من الخدمات، ومن إعادة فيلتر مياه الشرب للناس بشكّل مجاني”.
ومن ضمن الخطة التي أعدّها رئيس البلدية لمحو آثار العدوان من كافة شوارع البلدة، إطلاق حملة نظافة ساهم فيها أبناء البلدة من أصحاب الأيادي البيض، نسبة إلى امكانات البلدية المتواضعة جداً، “فصندوق البلدية فارغ والمستحقّات التي تقبضها هي على سعر 1500 ليرة كاعتماد سنوي لا تكفي رواتب موظفين لشهر ونصف”.
وسجّل شهاب “غياباً تاماً لمؤسسات الدولة كالعادة، وحضوراً خجولاً للجمعيات” مطالباً بالدعم الصحي وبإصلاح المدرسة سريعا لعودة الطلاب عليها”.
وأمل أخيراً “في استتباب الاوضاع الامنية وعودة جميع الننازحين” مؤكّداً الإصرار على إعادة بناء البلدة “بهمّة الاهالي والخيّرين لتعود أجمل ممّا كانت”.