في تصعيد يُنذر بعواقب إقليمية خطيرة، يواصل الحوثيون تنفيذ هجمات متكررة ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، مستهدفين المصالح الغربية الحيوية بعمليات دقيقة ومدمرة، وآخر تلك العمليات كان غرق السفينة “Eternity C”، بعد استهدافها بواسطة زوارق مسيّرة وصواريخ مضادة للسفن، وذلك بعد يومين فقط من هجوم مشابه استهدف سفينة أخرى تُدعى “Magic Seas”.

هذا التصعيد الدموي أدى إلى مقتل أربعة بحّارة، وفقدان 11 آخرين، ويُعتقد أنهم باتوا رهائن لدى الجماعة، ورغم ذلك هناك صمت دولي تتخلله ضربات نفذتها أمريكا وإسرائيل ضد الجماعة، لكنها لا ترقى لوأدها، فهل نشهد حملة عسكرية دولية ضدهم قريباً؟

 

تصعيد متعمّد وأدوات متطورة

الهجمات الأخيرة كشفت عن تصعيد نوعي من حيث التكنولوجيا المستخدمة، حيث تشير التقارير إلى استخدام الحوثيين لطائرات انتحارية مُسيّرة، وزوارق تفجيرية مسيّرة عن بُعد، وهي أسلحة تشير إلى دعم خارجي مباشر، سواء من إيران أو عبر شبكات تهريب الأسلحة المتطورة.

في المقابل، ارتفعت كلفة التأمين البحري بنسبة تزيد على 100%، ما أدى إلى عزوف شركات شحن كبرى عن عبور البحر الأحمر، وتحول بعضها إلى طرق بديلة عبر رأس الرجاء الصالح، ما يُنذر بتأثير اقتصادي عالمي.

ويرى مراقبون أن الحوثيين يهدفون من هذه الهجمات إلى ترسيخ صورتهم كـ”مقاومة للمشروع الأمريكي والإسرائيلي”، في محاولة لاستثمار الوضع الإقليمي والتملص من ضغوط داخلية.

المحلل العسكري والسياسي العميد ثابت حسين يعلّق على ذلك، في حديث لوكالة ستيب نيوز بالقول: “الحوثيون لهم مصلحة في استمرار حالات الحرب، أولًا لكي يُظهروا أمام أنصارهم أنهم يواجهون أميركا وإسرائيل وينصرون فلسطين، وثانيًا للهروب من المطالب الخدمية والمعيشية التي لا يستطيعون تلبيتها للناس في مناطق سيطرتهم.”

 

ردود فعل محدودة من واشنطن وحلفائها

ورغم ارتفاع وتيرة الهجمات وتهديدها لممرات التجارة الدولية، فإن المجتمع الدولي خصوصًا واشنطن لا يزال يتعامل مع الأزمة بكثير من التردد، فالضربات التي نفذتها الولايات المتحدة مؤخراً ركزت على مواقع عسكرية للحوثيين، إلا أنها بقيت ضمن إطار العمليات المحدودة.

ويُرجع العميد حسين ذلك إلى غياب قرار سياسي جاد في واشنطن: “أتوقع استمرار الصمت الغربي إلى حين يتعرض الحوثيون لمصالح أميركية مباشرة. وحتى ذلك الحين، سيتم الاكتفاء بضربات جوية محدودة ضدهم، لأنه حتى الآن لا يوجد قرار أميركي صريح بالقضاء على الحوثيين أو حتى إضعافهم بشكل جدي.”

 

دور إسرائيلي أكثر وضوحًا: توزيع أدوار مع واشنطن؟

مع تزايد هجمات الحوثيين ضد إسرائيل، وردّ تل أبيب باستهداف موانئ ومنشآت حيوية في اليمن، طُرح تساؤل بشأن توزيع الأدوار بين واشنطن وتل أبيب.

وهنا يرى العميد حسين أن هناك تنسيقًا، وإن كان غير معلن، ويقول: “حتى الآن هناك ما يبدو من تنسيق أو توزيع أدوار بين الولايات المتحدة وإسرائيل؛ فالأميركيون يتولون ضرب الأهداف العسكرية، بينما يتولى الإسرائيليون ضرب الأهداف اللوجستية.”

وقد نفذت إسرائيل في الأسبوع الأول من يوليو ضربات مركزة ضد موانئ الحديدة وراس عيسى والصليف، إضافة لمحطة طاقة استراتيجية، في إطار ردها على محاولة الحوثيين استهداف مطار بن غوريون.

 

بوادر تفكك داخلي: هروب قيادات حوثية

في ظل هذا التصعيد، ظهرت أنباء متكررة عن هروب قادة حوثيين من مناطق سيطرتهم، وهي مؤشرات قد تدل على تصدعات داخلية متزايدة، لا سيما بعد حرب الـ12 يوماً بين إسرائيل وإيران، حيث تعرضت إيران لضربات قوية، وهي الداعم الأول للحوثيين، كما أن تخلي طهران عن أذرعها بالمنطقة جعل جماعة الحوثين يقرأون الموقف وأنهم قد يكونون الهدف التالي لإسرائيل وأمريكا.

 العميد حسين يؤكد هذه المعلومات ويقول: “هناك محاولات، بل فعليًا هناك قادة من الحوثيين هربوا، سواء عبر محافظة المهرة، أو إلى عدن عاصمة الجنوب المؤقتة وهذا يؤكد أن أوضاع الحوثيين لم تعد كما كانت من قبضة حديدية”.

ويضيف: “هناك تململ داخلي، وهؤلاء القادة بدأوا يدركون أن السفينة تغرق، وأن عليهم القفز منها قبل فوات الأوان.”

 

أين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي؟

وسط هذه التطورات، تبرز تساؤلات عن موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وكذلك المجلس الانتقالي الجنوبي، من هذه الفرصة الاستراتيجية التي قد تتيح تغييرات جذرية في المشهد اليمني.

العميد حسين يشير إلى تفاوت واضح في المواقف، ويقول: “لا ننتظر من الحكومة الشرعية أي موقف؛ لا عسكري ولا سياسي، استنادًا إلى تجربتنا معها على مدى عشر سنوات. أما المجلس الانتقالي الجنوبي، فهو الوحيد الذي له مصلحة فعلية في القضاء على الحوثيين، وبالتالي قد يدفع إما باتجاه حل سياسي شامل وعادل، أو بحسم عسكري إذا لزم الأمر.”

 

تأرجح بين الفوضى والمواجهة الشاملة

يبقى السؤال الأهم: إلى أين تتجه الأمور؟ فبين استمرار الهجمات الحوثية التي باتت تمس الأمن العالمي، وغياب قرار غربي حاسم، تتزايد المخاطر بانفلات أكبر في المنطقة.

وإذا لم تُبلور الدول الغربية خطة شاملة تتعدى الضربات الموضعية، فقد تجد نفسها أمام أزمة تفوق بكلفتها أي حسابات مؤقتة، خاصة مع تحول البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة مفتوحة، لا يُستبعد أن تتسع لتطال العمق الإسرائيلي، والخليج العربي، وحتى مصالح أوروبا.

في هذا السياق المعقّد، يتضح أن الحوثيين لا يتصرفون برد فعل فوضوي، بل ضمن حسابات استراتيجية مدروسة، توظف الصراع الفلسطينيالإسرائيلي كذريعة، وتستثمر تردد الغرب كفرصة، لكن، في المقابل، يبدو أن بعض أطراف الداخل اليمني لا سيما المجلس الجنوبي بدأ يقرأ المشهد بعيون مختلفة، ويدفع نحو إعادة تموضع، قد تكون له انعكاسات كبرى على مستقبل اليمن ومصير الجماعة الحوثية نفسها.

خبر عسكري يكشف عن هروب قادة من الحوثيين وفرصة سانحة لإنهائهم بانتظار إشارة واشنطن

https://www.youtube.com/watch?v=Rtm3VODP90

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

شاركها.