يتتبع كتاب “خط أحمر في الرمال، الدبلوماسية والاستراتيجية والحروب المحتملة “، وهو ترجمة لعمل ديفيد أ. أندلمان، تاريخ “الخطوط الحمر” في السياسة العالمية وكيف تشكلت وتحولت في لحظات الصراع والتفاوض، محاولًا أن يقدم بانوراما واسعة للنزاعات المعاصرة والحدود التي رسمت مساراتها.
يتناول أندلمان مفهوم الخط الأحمر، باعتباره أداة ردع غير مكتوبة تحكم علاقة الدول ببعضها، ويرى أن العقود الأخيرة شهدت انهيارًا واسعًا لهذه الحدود، ما جعل العالم أكثر عرضة لاضطرابات متتالية.
يعرض الكتاب أمثلة في الشرق الأوسط على هذا الانهيار من خلال تحولات الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، والدور المتوسع لإيران عبر حلفائها في سوريا والعراق ولبنان، وتأثير الحرب في اليمن على الأمن البحري العالمي وسلاسل التجارة.
ويرى الكاتب أن الغزو الروسي لأوكرانيا يمثل نقطة تحول أخلّت بتوازن الحدود التي استقرت بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، ودفعت إلى تشكل محاور جديدة تجمع روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران، مع صعود تيارات يمينية تزيد من تعقيد المشهد.
يمتد تحليل الكتاب إلى آسيا، حيث تتقدم الصين في فرض خطوط نفوذها في بحر الصين الجنوبي، وتواصل الضغط على تايوان، بينما تبقى شبه الجزيرة الكورية بؤرة توتر مفتوحة، كما يسجل عودة خطوط تاريخية مثل “دوراند” في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي.
وتبدو الصورة أشد تعقيدًا في إفريقيا، بالرغم من ثبات الحدود، إذ تعيش القارة موجة انقلابات منذ 2020، وصعود قوى مسلحة ونفوذ روسي متزايد، إلى جانب أزمة السودان الممتدة.
ويتطرق الكتاب لرسو غواصات روسية نووية في هافانا عام 2024، في إشارة إلى تحدٍّ جديد للنفوذ الأمريكي، بالتوازي مع توترات حدودية بين فنزويلا وغويانا.
ويعرض الكتاب تأثير جائحة “كورونا”، بوصفها لحظة اهتزت فيها الحدود السياسية والصحية والاقتصادية.
يعيد أندلمان مقارنة “الصدمة الوبائية” بتجارب الإنفلونزا الإسبانية، ويتتبع تداعياتها على أوروبا التي أعادت مؤقتًا حدودًا تجاوزتها بمشروع “شنغن”، وعلى الشرق الأوسط حيث تفاقمت الأزمات في إيران والعراق وسوريا والسعودية رغم تفشي المرض.
وفي روسيا، يكشف الكتاب توازنًا هشًا بين رغبة بوتين في الحفاظ على حضوره الدولي وتراجع قدرته على إدارة الأزمة داخليًا، في حين استغلت الصين الانشغال العالمي لتوسيع حضورها البحري، بينما عانت قارة آسيا اقتصاديًا من أسوأ ركود منذ عقود، وفي إفريقيا، أظهرت الجائحة هشاشة البنى الصحية وعمقت المخاوف من موجة جديدة لولا انخفاض الإصابات نسبيًا بعد أشهر.
يربط أندلمان في كتابه مصير البشرية بقدرتها على إعادة رسم خطوط حمر جديدة قائمة على التعاون بدل الصراع.
ويرى أن الأزمات المتلاحقة، من الحروب إلى الأوبئة، تكشف هشاشة النظام الدولي، لكنها تتيح أيضًا فرصة لإعادة بناء منظومة أكثر توازنًا إذا توفرت الإرادة السياسية والوعي الجماعي بالمخاطر المشتركة.
سيرة المؤلف
ديفيد أ. أندلمان تخرج في جامعتي “هارفرد” و”كولومبيا”، وهو مراسل في صحيفة “نيويورك تايمز” ومدير تنفيذي لمشروع “الخطوط الحمر”.
شغل منصب رئيس تحرير وناشر في مجلة “World Policy Journal”، ورئيس تحرير تنفيذي في مجلة “Forbes”، ومحرر أخبار في وكالة “بلومبرغ”.
من مؤلفاته: “صانعو السلام”، “الحرب العالمية الرابعة”، “سلام محطم”.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي
