لم تمضِ سوى ساعات على إعلان إيران خفض إمدادات الغاز إلى العراق، حتى بدأت آثار القرار تنعكس بشكل واضح على الشارع العراقي، مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة بالتزامن مع موجة حر لامست الخمسين درجة مئوية.

وقال مدير عام مديرية الوقود في وزارة الكهرباء العراقية سعد فريح لـ”الشرق”، إن “انخفاض توريد الغاز الإيراني سببه صيانة داخل إيران حسب ما وردنا من الجانب الإيراني”.

وأشار إلى “وجود بعض الأعطال الداخلية من الجانب الإيراني، وأيضاً زيادة الاستهلاك بعد وقف إطلاق النار عقب الأحداث الأخيرة التي حدثت في إيران”، موضحاً أن “نقص هذه الكمية تقريباً تسببت في فقدان قرابة 3800 ميجاواط من الكهرباء”، في إشارة إلى حرب الـ12 يوم بين إيران وإسرائيل.

وذكر فريح، أن “وزارة الكهرباء لديها خطة استباقية مع وزارة النفط في تقليل أثر نقصان كميات الغاز عبر تشغيل الوحدات المتوقفة العاملة على الغاز عن طريق الوقود البديل، وهو زيت الغاز أو الكازويل”.

ولفت إلى أن هذه الخطة “تم وضعها قبل بداية الصيف، ووزارة النفط فعلت محاور للنقل في المحطات مدن مثل النجف، الديوانية، الصدر، بسماية، والآن بدأنا بنقل هذه الكميات وتشغيل بعض المحطات من أجل التقليل من أثر هذا النقصان”.

لكنه أضاف: “هناك فرق في الكفاءة بين الغاز، ولدينا محطات ووحدات لا تعمل على زيت الغاز أو الكازويل”.

ويستورد العراق الغاز الطبيعي من إيران بكميات متفاوتة حسب حاجة المنظومة الكهربائية، حيث تصل الكمية إلى 50 مليون متر مكعب يومياً بموجب عقد مدته 5 سنوات، وتسهم هذه الكميات في إدامة عمل محطات إنتاج الطاقة الكهربائية، ومواكبة الطلب المتزايد عليها في عموم البلاد.

مشروع المنصة العائمة

وعن إمكانية استيراد الغاز عبر مشروع المنصة العائمة في ميناء خور الزبير، أفاد المسؤول العراقي، بأن المشروع “وصل إلى مراحل متقدمة، وهناك دعوات لعدة شركات من أجل استيراد الغاز عن طريق الميناء”.

وتابع: “لدينا مشروعين فالأول هو المنصة العائمة من خور الزبير، والمنصة الثابتة في الخارج، وهناك دعوات لعدة شركات”، واصفاً المشروع بـ”الضخم جداً”.

وأشار إلى أنه من المفترض أن “ينجز قبل الصيف، ولكن لأسباب فنية عديدة تأخر البدء بهذا المشروع”، معرباً عن سعي الحكومة العراقية لـ”حل هذا الموضوع بسرعة”.

ولفت فريح، إلى أن “استيراد الغاز من تركمانستان، قد وصل إلى مراحل متقدمة، إذ ننتظر موافقة وزارة الخزانة الأميركية”، موضحاً أن سبب ذلك يعود إلى أن “غاز تركمانستان يمر عبر الأراضي الإيرانية”.

وتحدث عن وجود “بعض التفصيلات الفنية واللوجستية، وبعض الأسئلة التي تم توجيهها إلى العراق، وتم الإجابة عنها، وبانتظار موافقة الجانب الدولي باعتبار إيران واقعة تحت العقوبات الأميركية”.

وتابع: “مشكلة استيراد الغاز تعتبر مركبة، ولا تتعلق فقط في عدم تسديد العراق للمستحقات، صحيح هناك ديون ناتجة على عدم وجود سيولة نقدية، ولكن نحن متعودين على هذا الموضوع”.

وذكر المسؤول العراقي، أن “إيران في الأصل واقعة تحت أثر العقوبات الأميركية، وحتى الأموال التي نسددها إلى شركة الغاز الإيرانية تذهب إلى حساب خاص في مصرف TBI، وهو مراقب من قبل الخزانة الأميركية”.

وأردف: “تصبح الأموال تحت قوانين وتعليمات لجنة أوفاك (مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة)، التي تسيطر على هذه الأموال، وهناك أثر على هذا الموضوع، ولكن ليس هو الأثر الحقيقي”، مشيراً إلى أن “زيادة الصيانة داخل إيران تسبب في هذه المشكلة، وأثر العقوبات واضح، كما أن الضربات الأميركية على إيران أثرت على هذا الموضوع أيضاً بصورة عامة”.

تراجع إنتاج الكهرباء في العراق بـ15%

ورداً على سؤال بشأن موعد استغناء العراق عن الغاز بشكل كامل، قال فريح، إنه “لا يوجد استغناء عن الغاز الإيراني، نحن نقول الغاز المستورد إلى العراق سيبقى مهماً، أكان المصدر من إيران أو من مكان آخر”.

وأشار إلى أن “كل إنتاج العراق الموعود من الغاز الحر والمصاحب لا يكفي لتشغيل كل محطاتنا في حال تحويل محطاتنا على الغاز، وتفعيل الدورات المركبة”.

واعتبر أن “هذا حال كل الدول المنتجة للنفط”، لافتاً على أن “الغاز وإنتاجه يختلف من دولة إلى أخرى فمهما يكون إنتاج العراق يبقى العراق بحاجة إلى استيراد الغاز ليس من إيران فقط”.

ويرى الخبير في شؤون الطاقة أحمد الأنصاري، أن “مستحقات الديون الإيرانية على العراق لم تسمح الولايات المتحدة بتسديدها بصورة مباشرة، لأن هذا يعتبر خرقاً للعقوبات”.

وذكر الأنصاري في تصريحات “الشرق”، أنه “كان هناك استثناء في وقت سابق لشراء الغاز الإيراني، لكن في الوقت الحالي أميركا لا تسمح للعراق باستيراد الغاز أو تسديد المستحقات، على اعتبار أنها أيضاً تقع في خانة العقوبات الأميركية”.

وشدد على ضرورة أن “ينوع العراق من الاستيراد عبر تفعيل خط غاز تركمانستان أو تفعيل المنصة العائمة لاستيراد الغاز، كذلك يجب أن يسرع في إيقاف حرق الغاز المصاحب والعمل على إنتاجه”.

وفي ظل النقص الحالي فإن وزارة الكهرباء العراقية تفقد قرابة 4 آلاف ميجاواط من الكهرباء، أي بنحو 15% من قدرتها الإنتاجية، بسبب خفض إمدادات الغاز الإيراني.

شاركها.