خفض ترمب تمويل البحث العلمي يهدد بهجرة العلماء وتعثر الأبحاث

فقد آلاف العلماء في الولايات المتحدة وظائفهم أو منحهم، مع خفض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب مليارات الدولارات من التمويل الفيدرالي المخصص للبحث العلمي، الأمر الذي دفع الحكومات والجامعات في جميع أنحاء العالم إلى انتهاز الفرصة والعرض لاستقدامهم، حسبما ذكرت وكالة “أسوشيتد برس”.
وتعتبر الولايات المتحدة الممول الرائد عالمياً للبحث والتطوير، بما في ذلك الاستثمارات الحكومية والجامعية والخاصة. ففي عام 2023، موّلت البلاد 29% من البحث والتطوير العالمي، وفقاً للجمعية الأميركية لتقدم العلوم.
وأشارت الوكالة الأميركية إلى أن بعض البرامج التي تستهدف استقدام العلماء، مثل برنامج “كندا تقود”، والذي تم إطلاقه في أبريل، ويهدف إلى تعزيز الجيل المقبل من المبتكرين سيتوجه لجلب الباحثين في مجال الطب الحيوي في بداية حياتهم المهنية إلى شمال الحدود.
بدورها، بدأت جامعة “إيكس” مرسيليا في فرنسا برنامج “مكان آمن للعلوم”، في مارس الماضي، متعهدة بـ”الترحيب” بالعلماء المقيمين في الولايات المتحدة الذين “قد يشعرون بالتهديد أو الإعاقة في أبحاثهم”.
وفي أبريل الماضي، أعلن “برنامج جذب المواهب العالمية” في أستراليا عن وعود بتوفير رواتب تنافسية وحزم انتقال، إذ قالت آنا ماريا أرابيا، رئيسة الأكاديمية الأسترالية للعلوم: “رداً على ما يحدث في الولايات المتحدة، فإننا نرى فرصة لا مثيل لها لجذب بعض من أذكى العقول هنا”.
الاستثمار في الأبحاث
ومنذ الحرب العالمية الثانية، استثمرت أميركا مبالغ طائلة في الأبحاث العلمية التي تُجرى في جامعات مستقلة وهيئات فيدرالية، وفق الوكالة.
وساعد التمويل الأميركي على أن تصبح القوة العلمية الرائدة عالمياً، وأدى إلى اختراع الهواتف المحمولة والإنترنت، بالإضافة إلى طرق جديدة لعلاج السرطان، وأمراض القلب، والسكتات الدماغية، وفقاً لما ذكره هولدن ثورب، رئيس تحرير مجلة “ساينس”.
لكن هذا النظام يتعرض اليوم لـ”اهتزازات”، فمنذ تولي الرئيس دونالد ترمب منصبه في يناير الماضي، أشارت إدارته إلى ما وصفته بالهدر وعدم الكفاءة في الإنفاق العلمي الفيدرالي.
كما أجرت تخفيضات كبيرة في أعداد الموظفين وتمويل المنح في المؤسسة الوطنية للعلوم، والمعاهد الوطنية للصحة، ووكالة العلوم والفضاء “ناسا”، ووكالات أخرى، بالإضافة إلى خفض مخصصات الأبحاث التي تتدفق إلى بعض الجامعات الخاصة.
وتتضمن ميزانية البيت الأبيض المقترحة للعام المقبل، خفض ميزانية المعاهد الوطنية للصحة بنحو 40% وميزانية مؤسسة العلوم الوطنية بنسبة 55%.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي: “تقضي إدارة ترمب الأشهر الأولى في مراجعة مشاريع الإدارة السابقة، وتحديد الهدر، وإعادة تنظيم الإنفاق البحثي لتتناسب مع أولويات الشعب الأميركي ومواصلة الهيمنة المبتكرة”.
وأعلنت عدة جامعات تجميد التوظيف، أو تسريح موظفين، أو إيقاف قبول طلاب دراسات عليا جدد. والخميس، ألغت إدارة ترامب قدرة جامعة “هارفارد” على قبول الطلاب الدوليين، رغم أن قاضياً علق ذلك.
استقطاب المواهب
وتراقب مؤسسات البحث في الخارج بقلق التعاون الذي يعتمد على الزملاء في الولايات المتحدة، ولكنها ترى أيضاً فرصاً محتملة لاستقطاب المواهب.
وتسعى الجامعات حول العالم جاهدةً لاستقطاب الكفاءات من بعضها البعض، تمامًا كما تفعل شركات التكنولوجيا والشركات في مجالات أخرى. الغريب في الوقت الحالي هو أن العديد من جهات التوظيف العالمية تستهدف الباحثين بوعودٍ تبدو مُهددة حديثًا: الحرية الأكاديمية.
وصرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين هذا الشهر بأن الاتحاد الأوروبي يعتزم “ترسيخ حرية البحث العلمي في القانون”. وتحدثت خلال إطلاق مبادرة “اختر أوروبا من أجل العلم” التابعة للاتحاد، والتي كانت قيد الإعداد قبل تخفيضات إدارة ترمب، لكنها سعت إلى الاستفادة من هذه اللحظة.