تفجرت الخلافات داخل الحزب الجمهوري الأميركي الذي ينتمي إليه الرئيس دونالد ترمب، مع تصاعد الانتقادات الموجهة لرئيس مجلس النواب مايك جونسون من بعض الأعضاء الجمهوريين.

وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن مجموعة من النائبات الجمهوريات شنت هجوماً على جونسون، في خطوة اعتُبرت تمرداً على حالة “الوحدة والانضباط” التي طبعت مواقف الحزب تجاه أجندة ترمب خلال ولايته الثانية، وكذلك تجاه جونسون الذي يُعد من أبرز حلفاء الرئيس في الكونجرس.

وتكشف هذه الصراعات عن قلق متزايد داخل الحزب بشأن مستقبله في انتخابات التجديد النصفي المقررة عام 2026، إذ يسعى الجمهوريون للحفاظ على أغلبيتهم الهشة في مجلس النواب وسط تراجع شعبية ترمب.

وقال الخبير الاستراتيجي الجمهوري وكبير مساعدي الكونجرس سابقاً، دوج هاي، إن “السياسيين يدركون تماماً ما يحدث خلف الكواليس”.

“إجراء التصويت”

في سياق الانتقادات، وصفت النائبة عن ولاية نيويورك إليز ستيفانيك، جونسون بأنه “يفتقر إلى الخبرة السياسية” و”لا يحظى بثقة غالبية الجمهوريين في المجلس”.

وأعربت النائبة الجمهورية عن ولاية فلوريدا، آنا بولينا لونا، عن شعورها بـ”الإحباط” و”الغضب” جراء رفض جونسون طرح مشروع قانون للتصويت، يقضي بإلزام المشرعين وزوجاتهم ببيع ممتلكاتهم من الأسهم.

وذكرت النائبة نانسي مايس من ساوث كارولاينا إنها باتت تشعر بـ”نفاد صبر متزايد” تجاه عدم حظر تداول الأسهم على الأعضاء، مؤكدة أن هذا المطلب يلقى دعماً واسعاً من ناخبيها.

يأتي هذا التوتر وسط إعلان مثير للجدل من النائبة مارجوري تايلور جرين، المعروفة بشعار “اجعلوا أميركا عظيمة مرة أخرى”، عن نيتها الاستقالة من الكونجرس في يناير المقبل، إثر خلافات علنية مع ترمب وصدامات متكررة مع جونسون.

مايك جونسون، الذي انتقل من الظل إلى رئاسة مجلس النواب بدعم من ترمب في أكتوبر 2023، برز خلال العامين الماضيين كشخصية محورية ساهمت في الحفاظ على استقرار الجمهوريين داخل الكونجرس، وفي وقت سابق من العام الجاري، لعب دوراً أساسياً في تمرير مشروع قانون بارز وقّعه الرئيس ليصبح نافذاً.

لكن جونسون واجه في الأسابيع الماضية، موجة من الانتقادات داخل حزبه، شملت طريقة تعامله مع أزمة إغلاق الحكومة الفيدرالية، والملفات المرتبطة بوزارة العدل، وقضية جيفري إبستين، إضافة إلى الجدل بشأن تمديد الاعتمادات الضريبية للرعاية الصحية المقرر انتهاؤها نهاية العام.

وفي مؤشر على تصاعد التوتر، قالت النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك لصحيفة “وول ستريت جورنال”، الثلاثاء الماضي: “من المؤكد أن جونسون لن يحصل على الأصوات اللازمة ليبقى رئيساً لمجلس النواب، إذا أجريت انتخابات غداً”.

“هجمات حادة” 

تصاعدت الانتقادات لتتحول إلى هجمات حادة مع تزايد القلق بشأن وضع الجمهوريين قبيل انتخابات التجديد النصفي القادمة، وسط توقعات بأن تكون السيطرة على مجلسي الكونجرس على المحك.

وأظهرت استطلاعات رأي أجرتها شركة Real Clear Politics أن الديمقراطيين يتقدمون على الجمهوريين بفارق 5 نقاط في نوايا التصويت للانتخابات القادمة.

ويأتي ذلك وسط قائمة متنامية من أعضاء الحزب الذين كشفوا عن نيتهم عدم الترشح مجدداً، إذ تجاوز عدد المستقيلين أو المعتزمين المغادرة 20 نائباً، وسط توقعات بارتفاع هذا الرقم، وفقاً للصحيفة.

وفي مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز”، قال رئيس مجلس النواب السابق كيفن مكارثي، الذي أُطيح به من منصبه عام 2023 في خطوة مثيرة قادتها مارجوري جرين وآخرون، إنه “يتوقع أن يحذو المزيد من النواب حذو جرين النائبة المثيرة للجدل من جورجيا”، على حد تعبيره.

“تقليل من أهمية الصراع”

وقللت النائبة الجمهورية عن ولاية إلينوي، ماري ميلر، من أهمية الخلافات الداخلية التي يشهدها الحزب، مؤكدة أن رئيس مجلس النواب مايك جونسون “قاد المجلس بشجاعة ووضوح وبصبر لافت”.

وفي بيان صدر الخميس، أشارت ميلر إلى وجود تباينات بين الأعضاء بشأن بعض الأولويات، لكنها شددت على أن “المهمة أكبر من أي شخص، ويجب على الجمهوريين في مجلس النواب الحفاظ على وحدتهم في خدمة الشعب الأميركي”.

ويأتي هذا التصريح في وقت يواجه فيه الحزب الجمهوري ضغوطاً متزايدة بعد سلسلة من الهزائم الانتخابية، خلال العام الجاري، شملت خسارة سباقي حاكمي ولايتي نيوجيرسي وفرجينيا.

وقال النائب الجمهوري السابق عن ولاية بنسلفانيا، تشارلي دنت، إن “الكثيرين يعتقدون أن الأمور تسير بشكل طبيعي”، لكنه أضاف أن الحزب الجمهوري من الممكن أن “يتعرض لضربات موجعة في انتخابات التجديد النصفي”.

وأشار دنت إلى أن “العلاقة الوثيقة بين رئيس مجلس النواب مايك جونسون وترمب ربما تؤثر على قدرته في قيادة المجلس، خاصة في ظل تراجع شعبية الأخير، ومع تزايد الانتقادات من قبل عدد محدود من المشرعين الجمهوريين لإدارته”.

وأضاف: “جونسون مرتبط تماماً بترمب، والكثير من الأعضاء الآخرين قلقون بشأن استمرارهم، وهم ليسوا متحمسين لبعض الأشياء التي يرونها تحدث في البيت الأبيض”.

وكان جونسون أعرب عن ثقته، إذ صرّح للصحافيين، الأربعاء: “لست قلقاً على موقفي على الإطلاق. نحن نمضي قدماً في تنفيذ الأجندة”.

شاركها.