اخر الاخبار

“خلافات الطاقة” مع الاتحاد الأوروبي تطيح بحكومة النرويج

انهارت الحكومة النرويجية، الخميس، بعد أن انسحب حزب الوسط المتشكك في أوروبا من الائتلاف الحاكم بعد أسابيع من الصراعات بشأن اعتماد ثلاثة توجيهات للطاقة من الاتحاد الأوروبي، ما يضع سوق الطاقة في التكتل أمام تحديات هائلة في ظل تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وأدى سعي رئيس الوزراء النرويجي، يوناس جار ستور، لتنفيذ ثلاثة توجيهات للطاقة من الاتحاد الأوروبي إلى انسحاب حليفه في الحكومة، حزب الوسط المؤيد للمزارعين، ما يجعل حزب العمال يحكم بمفرده لأول مرة منذ 25 عاماً، حتى إجراء الانتخابات البرلمانية في وقت لاحق من العام الجاري 2025، حسبما نقلت مجلة “بوليتيكو”.

وتشمل التوجيهات الواردة في حزمة الطاقة النظيفة الرابعة للاتحاد الأوروبي، زيادة الطاقة المتجددة وتشجيع بناء المزيد من البنية التحتية الموفرة للطاقة وتوزيع متوازن للكهرباء، وهو ما يرفضه حزب الوسط، الذي له آراء “متشككة في التكتل وقضايا البيئة”.

وعلى الرغم من أنها ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، إلا أن النرويج تخضع لمجموعة من القواعد التنظيمية للاتحاد الأوروبي في مقابل الوصول إلى السوق الموحدة كجزء من المنطقة الاقتصادية الأوروبية الأوسع نطاقاً، والتي تشمل أيضاً آيسلندا وسويسرا.




وقال تريجفي سلاجسفولد فيدوم، زعيم حزب الوسط ووزير مالية النرويج في بيان: “يجب ألا نتنازل عن المزيد من السلطة للاتحاد الأوروبي”، مضيفاً أنه “على النرويج أن تفرض سيطرتها على أسعار الكهرباء، وأن تراعي المصلحة الوطنية أولاً”.

علاقات سيئة مع بروكسل

والنرويج، هي واحدة من أغنى دول أوروبا بفضل احتياطياتها الوفيرة من النفط والغاز، بالإضافة إلى الطاقة الكهرومائية،  وعلى الرغم من أنها ليست جزءاً من الاتحاد الأوروبي، إلا أنها تتبنى معظم قوانين الكتلة بسبب عضويتها في المنطقة الاقتصادية الأوروبية.

وتصاعدت حدة الاحتكاك بين أوسلو وبروكسل في السنوات الأخيرة، إذ تعتقد العديد من دول الاتحاد الأوروبي، أن النرويج بحاجة إلى أن تكون أكثر سخاءً بشأن الطاقة الكهرومائية، وعدم التهديد بوقف تصدير الطاقة عبر موصلات إلى الدنمارك وبريطانيا وألمانيا.

وألقى حزب الوسط، المنسحب من الحكومة، باللوم على الحكومات المحافظة السابقة في تفاقم ارتفاع الأسعار من خلال السماح ببناء خطين جديدين للطاقة تحت البحر إلى ألمانيا وإنجلترا.

وقال الحزب في بيان إن “عدوى الأسعار من خلال الكابلين الأخيرين تعطينا أسعاراً مرتفعة وغير مستقرة، والاتحاد الأوروبي يمنعنا من تنفيذ تدابير فعالة للسيطرة على صادرات الكهرباء من النرويج”.

وتابع: “عندما تختار قيادة حزب العمال الحاكم، بدلاً من حل المشكلة، جعل المشكلة أكبر من خلال ربط النرويج بالاتحاد الأوروبي في سياسة الكهرباء من خلال تقديم حزمة سوق الطاقة الرابعة للاتحاد الأوروبي، يختار حزب الوسط ترك الحكومة”.

وقال أحد سفراء الاتحاد الأوروبي في أوسلو مؤخراً لصحيفة “فاينانشيال تايمز”: “نحن لسنا سعداء بالنرويج. المشاعر سيئة كما أعرفها. تبدو النرويج أنانية، وتحاول الاحتفاظ بهذه الكهرباء لنفسها حتى مع جني الكثير من المال من بيع الغاز لنا”.

تهديدات ترمب

وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن الوضع معقد بسبب عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، إذ يعتقد بعض كبار الشخصيات في حزب العمال النرويجي الحاكم، أن أوسلو بحاجة إلى تعزيز علاقاتها بالاتحاد الأوروبي لتجنب العزلة إذا فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية على أوروبا.

وقال رئيس الوزراء النرويجي، الخميس، إن حكومته ليس لديها خطط لتنفيذ الأجزاء الخمسة الأخرى من حزمة الطاقة النظيفة للاتحاد الأوروبي، والتي تتعلق بسوق الكهرباء، مما يبقي أوسلو على مسار تصادم محتمل مع بروكسل. وقد منحت المفوضية الأوروبية النرويج، مهلة حتى مايو المقبل، لتنفيذ الحزمة.

ولكن في الوقت نفسه، تزايدت المخاوف بشأن التأثيرات المحتملة لعودة ترمب، خاصة مع طموحات الرئيس الأمنيركي بشأن جزيرة جرينلاند، إذ يعتقد المسؤولون الأوروبيون، أن ذلك قد يخلف عواقب على جزيرة سفالبارد النرويجية في القطب الشمالي، حيث تمتلك روسيا مستوطنة خاصة بها.

ورفضت النرويج عضوية الاتحاد الأوروبي في استفتاء أجري في عام 1994، تاركة إياها في المنطقة الاقتصادية الأوروبية فقط، وهو الموقف الذي سخر منه البعض في أوسلو، باعتباره ضرورة لقبول قواعد الكتلة دون أن يكون لهم أي رأي فيها. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أغلبية النرويجيين ما زالوا ضد عضوية الاتحاد الأوروبي، بحسب “فاينانشيال تايمز”.

وقال أحد كبار الشخصيات في حزب العمال في الذكرى الثلاثين للاستفتاء في نوفمبر من العام الماضي: “سيتطلب الأمر صدمة حقيقية، ربما تصعيد من ترمب، لإعادة بدء مناقشة الاتحاد الأوروبي هنا”.

وتم تحديد موعد الانتخابات البرلمانية في النرويج، مما يعني أنه من المرجح أن يحاول حزب العمال الاستمرار كحكومة أقلية من حزب واحد حتى الثامن من سبتمبر المقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *