دخول المساعدات لغزة.. إعلان أميركي وشيك وتحفظات دولية

قالت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، إن التوصل إلى حل لإيصال المساعدات إلى غزة بات “وشيكاً”، وإن إعلاناً سيصدر قريباً، فيما أعربت منظمات إنسانية وعاملون في مجال الإغاثة عن شكوكهم في جدوى الخطة الجديدة لتوزيع المساعدات، مشيرين إلى أنها قد لا تحدث فرقاً مع سكان القطاع المتضررين من الحرب الإسرائيلية والحصار.
وتزايدت التوقعات بشأن خطة المساعدات الجديدة لقطاع غزة، والذي سُوي بالأرض جراء الحرب الإسرائيلية التي دمرت معظم بنيته الأساسية، ودفعت سكانه البالغ عددهم ما يقرب من 2.3 مليون نسمة للنزوح عدة مرات.
وانتقد قادة أوروبيون ومنظمات إغاثة خطط إسرائيل للسيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية في غزة، والاستعانة بشركات خاصة لتوصيل الغذاء للسكان، بعد شهرين من منع الجيش الإسرائيلي دخول الإمدادات الغذائية والطبية إلى القطاع.
وخلال مؤتمر صحافي، لم تقدم المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس تفاصيل تذكر حول الآلية الجديدة، لكنها أشارت إلى “مؤسسة خيرية”، قالت إنها “ستنفذ الخطة”.
وأضافت بروس: “كنت أتمنى الإعلان عنها اليوم، لكن المؤسسة ستعلن عن ذلك قريباً”.
وأضافت: “في حين أنه ليس لدينا أي شيء محدد لنعلنه في هذا الصدد اليوم، ولن أتحدث نيابة عن المؤسسة التي ستتولى هذا العمل، فإننا نرحب بالتحركات الرامية إلى إيصال المساعدات الغذائية العاجلة إلى غزة سريعاً بطريقة… تضمن وصول المساعدات الغذائية بالفعل إلى المستهدفين”.
“مؤسسة إغاثة غزة”
ومن بين الخيارات التي تدرسها الولايات المتحدة استناداً إلى وثيقة اطلعت عليها “رويترز” وتداولتها وكالات إغاثة، فإن “مؤسسة إغاثة غزة” التي تأسست حديثاً، تستعد لإنشاء أربعة “مواقع توزيع آمنة” سيخدم كل منها 300 ألف شخص.
وبحسب الوثيقة، سيجري توصيل الحصص الغذائية المعدة مسبقاً وحقائب أدوات النظافة والإمدادات الطبية إلى هذه المواقع بواسطة مركبات مصفحة عبر ممرات خاضعة لرقابة مشددة، لمنع أي انحراف في مسار المساعدات.
وجاء في الوثيقة أن خبراء سيتولون تأمين المواقع ومحيطها. وأضافت أن الجيش الإسرائيلي لن يتمركز في تلك المواقع أو بالقرب منها.
وبحسب وثيقة تشاركتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة واطلعت عليها “رويترز”، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الآلية التي اقترحتها إسرائيل لتوزيع المساعدات الغذائية “تبدو غير قابلة للتنفيذ عملياً، وغير متوافقة مع المبادئ الإنسانية، وستخلق مخاطر أمنية خطيرة، ويحدث كل هذا مع عدم وفاء إسرائيل بالتزاماتها بموجب القانون الدولي”.
“سابقة خطيرة”
وقال مسؤول مساعدات مقيم في جنيف، إن فريقاً أميركياً أطلعهم على خطة مساعدات غزة، الخميس، مضيفا أنهم “لم يعجبوا كثيرا بالمقترح”.
وقال أحمد بيرم، المستشار الإعلامي للمجلس النرويجي للاجئين في الشرق الأوسط، إن الخطة الإسرائيلية تثير تساؤلات أكثر من تقديمها حلولاً وتهدد بإضفاء الطابع العسكري على المساعدات.
وأضاف بيرم: “من الواضح أن إسرائيل تريد السيطرة على المساعدات.. لكن هذا يشكل سابقة خطيرة لأنه ربما للمرة الأولى في تاريخ الصراعات، أو على الأقل في الصراع الأخير، سيقرر أحد طرفي النزاع أين يجب أن تذهب المساعدات وكيف ينبغي توزيعها”.
وتابع أن سكان غزة سيضطرون إلى التنقل بين مراكز المساعدات، وأن هذا النموذج يعرض المدنيين للخطر ويحول المساعدات إلى وسيلة تهديد. وقال: “بالنسبة لنا، فإن الأمر برمته غير قابل للتنفيذ”.
وقال دبلوماسي في مجلس الأمن الدولي، إن جميع الأعضاء الخمسة عشر كانوا حاضرين في جلسة إحاطة عقدها المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الأربعاء، بشأن خطة توصيل المساعدات إلى غزة في مقر البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة.
وذكر الدبلوماسي في رسالة بالبريد الإلكتروني أن “الجميع راضون عن انعقاد الاجتماع وعن قيام شخص منخرط في الأمر (أخيراً) بإطلاع بقية أعضاء المجلس”. وأضاف الدبلوماسي أن التوقعات لا تزال مرتفعة.
وفي إشارة إلى الدول العشر غير دائمة العضوية في مجلس الأمن: “سيمنح الأعضاء (وخاصة تلك الدول العشر) الولايات المتحدة وقتاً لإحراز بعض التقدم، وإلا سيتدخلون ويمارسون ضغوطاً ويطرحون حلاً جديداً”.
ديفيد بيزلي
وفي السياق، ذكر موقع “أكسيوس” الأميركي، أن المدير التنفيذي السابق لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي، يجري محادثات مع إدارة ترمب والحكومة الإسرائيلية ووجهات رئيسية أخرى لرئاسة “مؤسسة إغاثة غزة”.
ووفق الموقع، فإن إسرائيل تحاول مع الولايات المتحدة إقناع المانحين الدوليين والأمم المتحدة، بالموافقة على الآلية الإنسانية الجديدة، والتي يزعمون أنها “ستسمح بدخول المساعدات إلى غزة دون أن تخضع لسيطرة حماس”.
وبيزلي هو الحاكم السابق لولاية ساوث كارولاينا، وترأس برنامج الأغذية العالمي خلال فترة ترمب الأولى، وشغل منصبه حتى ديسمبر 2023.
وفي ديسمبر 2020، حصل برنامج الغذاء العالمي الذي كان يرأسه حينها، على جائزة نوبل للسلام.
ولا يزال إنشاء المؤسسة قيد التنفيذ، وأعلنت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى التي تعمل في غزة أنها لن تتعاون مع خطة المؤسسة الجديدة، معتبرة أنها “تتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية”.