اخر الاخبار

دراسة: آلية جينية جديدة وراء تطور سرطان العظام العدواني

كشفت دراسة حديثة منشورة في دورية “سيل” (Cell) عن آلية جينية جديدة وراء تطور سرطان العظام العدواني المعروف باسم “الساركوما العظمية”، والذي يصيب الأطفال والشباب بشكل رئيسي.

وأظهر تحليل واسع للبيانات الجينومية من مرضى الساركوما العظمية عن آلية تُعرف باسم “الفقدان-النقل-التضخيم” والتي تلعب دوراً محورياً في تطور هذا المرض.

في بداية المرض، تفقد الخلية أجزاء من الكروموسوم، وقد يشمل هذا جينات مهمة تتحكم في نمو الخلايا أو استقرارها الجيني، مما يساهم في زيادة عدم استقرار الجينوم.

وبعد فقدان الأجزاء الكروموسومية، يحدث “نقل جيني” حيث يتم إعادة ترتيب الكروموسومات، والذي ينتج عنه إعادة تنظيم المواد الجينية بين الكروموسومات المختلفة، ما يؤدي إلى تركيبات جينية غير طبيعية.




أما في المرحلة الأخيرة تتضمن تضخيم المواد الجينية المنقولة؛ ما يؤدي إلى زيادة كبيرة في نسخ الجينات الموجودة في المناطق المنقولة، والتي قد تشمل جينات تحفز نمو السرطان وتجعله أكثر عدوانية.

وأشارت الدراسة إلى أن هذه الآلية تحدث في نحو 50% من حالات الساركوما العظمية عالية الدرجة وتُعتبر مفتاحاً لفهم التعقيد الجينومي الكبير الذي يميز خلايا هذا السرطان ويجعلها عدوانية وقادرة على التطور السريع.

وتم استخدام تقنيات جديدة لقراءة الأجزاء الطويلة من الحمض النووي لتحليل عدة مناطق من الأورام، وقد سمح هذا النهج بفهم كيف تتكسر الكروموسومات وتعيد ترتيب نفسها، ما يساعد الأورام على تفادي العلاج التقليدي.

فقدان التغاير

ساعدت هذه الدراسة في اكتشاف أن التشوهات الكروموسومية المعقدة ليست فريدة من نوعها للساركوما العظمية، بل تتواجد أيضاً في أنواع أخرى من السرطان.

وقدَّم البحث أيضاً مؤشراً بيولوجياً جديداً للتنبؤ بتطور المرض، يُعرف باسم “فقدان التغاير” ويمكن أن يساعد هذا المؤشر في تحديد المرضى الذين قد لا يستفيدون من العلاجات التقليدية، ما يتيح تقديم رعاية أكثر تخصيصاً وتجنب الآثار الجانبية للعلاجات السامة.

يشير “فقدان التغاير” وهو مفهوم جيني إلى فقدان نسخة واحدة من الأليل في منطقة معينة من الجينوم، بحيث يبقى لدى الخلية نسخة واحدة فقط من هذا الأليل بدلاً من نسختين (واحدة من كل والد).

في الحالات الطبيعية، تكون هناك نسختان (أليلان) من كل جين، واحدة موروثة من الأب والأخرى من الأم، مما يوفر توازناً في الوظيفة الجينية.




ويحدث فقدان التغاير نتيجة لحذف أو طفرات في الكروموسوم، مما يؤدي إلى فقدان إحدى النسختين الجينيتين؛ وهو ما يمكن أن يكون له آثار خطيرة إذا كانت النسخة المتبقية تحتوي على طفرة أو خلل يؤدي إلى تعطل وظيفتها الطبيعية.

في السرطان، يُعتبر فقدان التغاير مؤشراً على أن الخلايا السرطانية فقدت الوظيفة الطبيعية للجينات الكابحة للورم، وعندما يحدث هذا في الجينات، تفقد الخلايا قدرتها على تنظيم الانقسام الخلوي بشكل طبيعي، ما يؤدي إلى نمو غير منضبط للخلايا السرطانية.

وفي حالة الساركوما العظمية، قال الباحثون إن فقدان التغاير يعتبر مؤشراً بيولوجياً مهماً يمكن استخدامه للتنبؤ بمسار المرض.

وأشارت الدراسة إلى أن وجود مستويات عالية من فقدان التغاير في خلايا الساركوما العظمية يرتبط بمعدل بقاء أقل على قيد الحياة، ما يعني أن المرضى الذين يُظهرون مستويات مرتفعة من ذلك المؤشر قد يكونون أقل استجابة للعلاجات التقليدية.

ويُعد هذا الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال فهم الساركوما العظمية وتطورها، وقد يفتح الأبواب أمام تطوير استراتيجيات علاجية جديدة تستهدف الآليات الجينية الخاصة بهذا النوع من السرطان، ما يساهم في تحسين جودة حياة المرضى وتقديم رعاية صحية موجهة بشكل أفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *