اخر الاخبار

دراسة: التفاؤل يزيد قدرة كبار السن على التعافي بعد السقوط

توصلت دراسة حديثة إلى وجود رابط قوي بين نظرة المسنين لأنفسهم وقدرتهم على التعافي بعد السقوط، وأن الذين يتمتعون بتفاؤل أكبر تجاه تقدمهم في العمر، يكونون أقل عرضة للمعاناة من إعاقات جسدية، أو الحاجة إلى مساعدة خارجية بعد السقوط.

وأظهرت نتائج الدراسة التي أجراها باحثون في “إمبريال كوليدج لندن”، ونُشرت في مجلة الجمعية الأميركية لطب الشيخوخة، أن المسنين الذين كانت لديهم نظرة إيجابية تجاه تقدمهم في العمر في البداية، مثل الاعتقاد بأن العمر لا يمنعهم من فعل ما يريدون في الحياة، كانوا أقل عرضة للمعاناة من مشكلات جسدية أو الحاجة إلى مساعدة في الأنشطة اليومية بعد السقوط.

ويُعد السقوط مصدر قلق صحي كبير لدى كبار السن، لأنه ربما يؤدي إلى إعاقات جسدية شديدة وحاجة إلى دخول المستشفى، كما يؤثر على قدرتهم على العيش باستقلالية.

وتُكلف عواقب سقوط المسنين نظام الصحة البريطاني ما يقدر بنحو 5 ملايين جنيه إسترليني يومياً (نحو 6.7 مليون دولار)، ومع ذلك، لا يعاني كل المسنين الذين يسقطون من تدهور جسدي، لذا فإن فهم سبب تعافي بعضهم بشكل أفضل من الآخرين أمر بالغ الأهمية لتطوير العلاجات والتدخلات المناسبة.

اعتمدت الدراسة على بيانات نحو 700 مسن في إنجلترا تتراوح أعمارهم بين 60 و 90 عاماً، ولم يتعرضوا لأي سقوط في السنوات الماضية، وتضمنت البيانات استجابات استبيانية قاست التصورات والمعتقدات بشأن التقدم في العمر، ثم قيّم الباحثون أفراد هذه المجموعة الذين تعرضوا للسقوط خلال العام التالي، لاستكشاف العلاقة بين تعافيهم لاحقاً وبين تصوراتهم الأولية عن الشيخوخة، وشمل ذلك قياس سرعة المشي بعد السقوط، والحاجة إلى المساعدة في الأنشطة اليومية، ومدى الخمول الجسدي بعد السقوط.

التصورات الإيجابية

وتبين أن الذين أظهروا تصورات أكثر إيجابية عن الشيخوخة في البداية، مثل الاعتقاد بأن التقدم في العمر لا يعيقهم عن تحقيق أهدافهم، كانوا أكثر عرضة للتعافي جسدياً في الأشهر التالية للسقوط.

وظلت هذه النتائج صحيحة بغض النظر عن عوامل أخرى مهمة مثل العمر، والجنس، والاكتئاب، أو الوظيفة الجسدية قبل السقوط، كما أخذ الباحثون في الاعتبار ما إذا كان السقوط تسبب في إصابة جسدية أم لا، وبالتالي، فإن النتائج لا يمكن تفسيرها ببساطة بأن المسنين ذوي النظرة الإيجابية كانوا أصغر سناً أو أكثر لياقة أو أقل اكتئاباً أو تعرضوا لإصابات أقل.

ووجد الباحثون أن الشخص الذي يحصل على أعلى درجة في قياس “تصورات الذات عن الشيخوخة”، أي يمتلك النظرة الأكثر إيجابية، يكون أقل عرضة بنسبة 162% للمشي ببطء بعد السقوط، وأقل عرضة بنسبة 200% للحاجة إلى مساعدة الآخرين في الأنشطة اليومية، وأقل عرضة بنسبة 123% للخمول الجسدي مقارنةً بشخص يحصل على أدنى درجة في هذه القياسات.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة، توبي إيلمرز، الباحث في قسم علوم الدماغ في إمبريال كوليدج لندن: “يبدو أن أولئك الذين عبروا عن مشاعر أكثر إيجابية تجاه تقدمهم في العمر كانوا محميين من العواقب الجسدية الأكثر سوءاً بعد السقوط، ولاحظنا فرقاً كبيراً في معدل التعافي الجسدي بين المشاركين، وبدا أن هذا مرتبط بمعتقداتهم الأولية عن التقدم في العمر”.

وعلى الرغم من وجود دراسات سابقة تفيد بأن النظرة السلبية للشيخوخة ترتبط بزيادة خطر المشكلات الصحية مثل السكتة الدماغية والوفاة، إلا أن هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن هذه العوامل النفسية ربما تؤثر أيضاً على التعافي بعد السقوط.

وتؤكد النتائج على أهمية مراعاة العوامل النفسية، مثل تصورات المسنين عن أنفسهم، عند تطوير تدخلات لدعم تعافيهم.

ويرى الباحثون أن تعزيز المواقف الإيجابية تجاه الشيخوخة يمكن أن يكون عنصراً أساسياً في برامج إعادة التأهيل للمسنين الذين تعرضوا للسقوط، وربما يشمل ذلك استراتيجيات لتحسين الصورة الذاتية عن الشيخوخة وتشجيع التفاؤل بشأن القدرة على التعافي والحفاظ على الاستقلالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *