دراسة: حبوب اللقاح والبكتيريا قد تحفز تكون الأمطار في السحب

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من المدرسة الفيدرالية التقنية في لوزان بفرنسا أن الجزيئات البيولوجية المنتشرة في الهواء، مثل حبوب اللقاح والبكتيريا والجراثيم النباتية، تؤدي دوراً مهماً في تكوين الجليد داخل الغيوم، ما يساهم في هطول الأمطار وحدوث الظواهر الجوية القصوى مثل الفيضانات والعواصف الثلجية.
وقال الباحثون إن الجزيئات البيولوجية فعَّالة للغاية في تكوين الجليد داخل الغيوم، وهو مسؤول عن معظم كميات الهطول على مستوى العالم.
وأضاف الباحثون أن تشكُّل الجليد بكثافة يرتبط مباشرة بالظواهر الجوية المتطرفة، مؤكدين أن نماذج الطقس والمناخ الحالية لا تأخذ في الاعتبار تأثيرات هذه الجزيئات، ولا الدورات اليومية التي تخضع لها، ما قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة في التنبؤات المناخية.
وتساهم الجزيئات البيولوجية في تكوين الجليد داخل الغيوم من خلال عملها كنوى لتجمّد بخار الماء، فعندما ترتفع الرطوبة وتهبط درجات الحرارة داخل السحب، يحتاج بخار الماء إلى سطح صلب ليتجمّد عليه.
وهنا يأتي دور الجزيئات البيولوجية، مثل حبوب اللقاح والبكتيريا والجراثيم النباتية، التي تملك خصائص كيميائية وسطحية تجعلها فعالة بشكل استثنائي في تحفيز تكوّن البلورات الجليدية.
وتُعرف هذه العملية بالتجميد غير المتجانس، وهي أكثر فاعلية بكثير من التجميد العشوائي الذي يحدث دون وجود نواة صلبة.
وعندما تتكاثر هذه الجزيئات في الجو، كما يحدث نهاراً مع ارتفاع الحرارة وإطلاق النباتات لهذه المواد، يزداد عدد نوى التجمّد؛ ما يسرّع من تكاثف الجليد داخل الغيوم ويزيد احتمالات هطول الأمطار أو الثلوج، بل وقد يؤدي إلى تساقطها بشكل كثيف أو مفاجئ، وهو ما يرتبط ارتباطاً مباشراً بالظواهر الجوية المتطرفة.
النشاط البيولوجي وتشكل الغيوم
اعتمدت الدراسة على قياسات ميدانية من جبل “هيلموس” في اليونان، وهو موقع جبلي يرتفع إلى 2350 متراً، ويشهد غطاء سحابياً منتظماً ويتأثر بالإطلاقات البيولوجية من الغابات المحيطة به.
وجاء في الدراسة أن عدد الجزيئات القادرة على تكوين الجليد داخل الغيوم يتطابق مع عدد الجزيئات البيولوجية التي تزداد نهاراً وتقل ليلاً، ما يشير إلى وجود علاقة مباشرة بين النشاط البيولوجي وتشكّل الغيوم.
وتحدَّث الباحثون عن أن عدد الجزيئات المسببة لتكوّن الجليد يتبع دورات يومية ترتبط بارتفاع درجات الحرارة وإطلاق المكونات البيولوجية، وهذا قد يؤدي إلى زيادة احتمالات تشكّل الأمطار أو الثلوج.
وتكمن أهمية هذه الدراسة في أنها تكشف عن دور بالغ التأثير للجزيئات البيولوجية في تكوين الغيوم وهطول الأمطار، وهو دور لم يكن يُؤخذ بالحسبان بشكل كافٍ في النماذج المناخية والطقسية الحالية.
ومن خلال فهم كيف ومتى تزداد تركيزات هذه الجزيئات، مثل البكتيريا وحبوب اللقاح في الجو، يمكن تحسين التنبؤات الجوية، خصوصاً في ما يتعلق بالأمطار والثلوج والعواصف الشديدة، التي ترتبط غالباً بتكوّن الجليد داخل الغيوم.
كما يساعد هذا الفهم على تحسين النماذج المناخية المستقبلية، لا سيما في ظل التغير المناخي الذي يتوقع أن يزيد من وفرة الجزيئات البيولوجية في الجو.
وأردف الباحثون بالقول إن دمج هذا العامل الحيوي في الدراسات المناخية قد يكون خطوة محورية نحو دقة أكبر في التنبؤ بالطقس، واستجابة أكثر فاعلية لمخاطر الطقس المتطرف.