اخر الاخبار

درعا.. فصيل عسكري ينشط “افتراضيًا” لمواجهة إسرائيل

بدأت إسرائيل بعد سقوط النظام السوري، في 8 من كانون الأول 2024، بالتوغل في سوريا بذريعة تدمير ترسانة جيش النظام المخلوع العسكرية، وهو ما قوبل برد فعل في الجنوب السوري أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.

بالتزامن مع التحركات الإسرائيلية، ظهر ما سمي بـ”جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” (أولي البأس) التي ادعت وجود مقاتلين في سوريا يتبعون لها ويقاومون الوجود الإسرائيلي، بينما يقتصر نشاطها الفعلي في العالم الافتراضي.

تبنت “أولي البأس” عددًا من عمليات الاشتباك مع الجيش الإسرائيلي في ريف درعا، لتوحي أنها من تقوم بصد التوغل.

وحازت الجماعة اهتمامًا لدى وسائل إعلام إسرائيلية وغربية، أحدثها مقابلة مع صحيفة “نيوز ويك” الأمريكية، في 8 من نيسان الحالي.

مدنيون وقيادي عسكري في درعا، نفوا ل هذا التبني من أي جهة، مؤكدين أن المقاومة التي جرت كانت رد فعل شعبيًا على دخول إسرائيل لأراضيهم.

على “تلجرام”

أول ظهور لـ”أولي البأس” على منصة “تلجرام” كان في 9 من كانون الثاني الماضي، تحت اسم “جبهة تحرير الجنوب”.

المنشورات الأولى لـ”جبهة تحرير الجنوب” حملت تهديدات لإسرائيل المتوغلة في الجنوب السوري، في ظل ما اعتبرته عدم وجود “بيان واضح من الحكومة الجديدة في الدولة السورية”.

البيان طالب إسرائيل بالخروج من الأراضي السورية خلال 48 ساعة من إصدار البيان بطريقة سلمية، أو ستواجَه بالمقاومة الشعبية، إذ قال إنه يملك أسلحة من مخلفات النظام السابق.

ونفت “جبهة تحرير الجنوب” تبعيتها لأي طرف أو جهة أو دولة، أو ارتباطها بأي تنظيم أو حزب سياسي داخلي أو خارجي.

في 11 من كانون الثاني (يوم انتهاء المهلة)، عدّلت “جبهة تحرير الجنوب” اسمها إلى التسمية الحالية “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” (أولي البأس)، بسبب ما قالت إنه “وجود عدة جبهات تحمل نفس الاسم السابق”.

التبنّي الأول

استمرت “أولي البأس” بنشر صور لمركبات إسرائيلية داخل سوريا تحمل لغة التهديد والتحريض على ضربها والتصدي لها، وأول عملية تبنٍّ كانت لإسقاط طائرة مسيّرة إسرائيلية (درون) في 28 من كانون الثاني الماضي.

وفي 31 من كانون الثاني، تبنت “أولي البأس” استهداف دورية إسرائيلية متوغلة بقرية طرنجة بريف القنيطرة.

وذكر بيان “أولي البأس” أنه استهدف بـ”صليات” مباشرة من الأسلحة المناسبة قوة إسرائيلية متوغلة، ما أدى إلى إصابات بصفوف الإسرائيلين، ثم انسحب مطلقو الرصاص.

مراسل أفاد حينها أن شابًا من القرية أطلق الرصاص على دورية للجيش الإسرائيلي داخل القرية، ثم تبعت ذلك حملة اعتقالات للجيش الإسرائيلي طالت اثنين من أهالي طرنجة.

تصعيد في درعا

في 17 من آذار الماضي، صعّد الجيش الإسرائيلي قصفه على مدينة درعا واستهدف عدة مواقع، وطالت إحدى الغارات حي مساكن الضاحية الذي يقطنه مدنيون والملاصق لـ”اللواء 132″ التابع للجيش السوري، وقتل حينها ثلاثة مدنيين وأصيب نحو 20 آخرين.

كما قصف عدة مواقع عسكري تتبع لجيش النظام السابق.

إسرائيل قالت إنها قصفت أهدافًا عسكرية جنوبي سوريا، من بينها مقار قيادة ومواقع عسكرية تحتوي على وسائل قتالية وآليات عسكرية تابعة للنظام السوري السابق، وتجري محاولة إعادة تأهيلها حاليًا.

وفي ذات اليوم، قالت “أولي البأس” إن الجيش الإسرائيلي أغار على أحد مواقعها بمحافظة درعا ما أدى إلى مقتل أحد عناصرها وإصابة اثنين آخرين.

في 11 من آذار الماضي، أطلق مجهولون النار بقرية كويا بريف درعا الغربي، من مسافة تبلغ نحو كيلومترين اثنين عن وجود الجيش الإسرائيلي، ولم يؤدِّ ذلك إلى وقوع إصابات.

الجيش الإسرائيلي ردّ على النيران بعد عدة ساعات بإطلاق رشقات من الرصاص على مكان إطلاق النار، وأطلق قذيفة هاون وقعت في الأراضي الزراعية، دون إحداث إصابات بشرية.

من جانبها، باركت “أولي البأس” التحركات التي حصلت في قرية كويا، واعتبرتها إعلان “تمرد” على ما أسمتها “حكومة الأمر الواقع” في إشارة إلى السلطات في دمشق.

وكان التطور الأبرز في هذه القرية، في 25 من آذار الماضي، إذ حاول شبان من قرية كويا منع الجيش الإسرائيلي من التقدم، ليرد عليهم الأخير باستهداف القرية بقذائف الدبابات والطائرات المسيرة ما أوقع ستة قتلى ونحو إصابات 10 أخرى.

وقالت “أولي البأس”، في بيان أعقب وقوع القتلى، إنها تزف “الشهداء الأبطال” الذن اشتبكوا مع “الاحتلال الصهيوني”.

أهالٍ: رد شعبي غير منظم

ماجد مسلم من سكان بلدة كويا، كان حاضرًا للاشتباكات، وقال إن ما حدث هو رد شعبي غير منسق مع أي جهة، وجاء نتيجة حصار إسرائيل للمزارعين في أسفل وادي اليرموك.

وأضاف ماجد ل أن المقاتلين هم من المزارعين في القرية وتصدوا ببنادق الصيد والسلاح الشخصي وأجبروا الجيش الإسرائيلي على التراجع إلى القاعدة في الجزيرة، ما دفعه واستخدام الدبابات والطيران المروحي والمسيّر.

وليد الحمدان الذي أسعف عددًا من الجرحى جراء قصف إسرائيل لكويا، رفض أي تبنٍّ للعملية، مؤكدًا أنها وليدة اللحظة التي حاولت فيها إسرائيل التوغل باتجاه أراضي بلدة كويا.

أهالي قرية كويا جنوبي سوريا يشيعون قتلاهم بعد استهدافهم من الدبابات الإسرائيلية - 25 من آذار 2025 (/ محجوب حشيش)

أهالٍ من قرية كويا جنوبي سوريا يشيعون قتلاهم بعد استهدافهم من الدبابات الإسرائيلية – 25 من آذار 2025 (/ محجوب حشيش)

“أولي البأس” تتبنى

أبرز الأحداث في خط المواجهة مع إسرائيل في درعا كانت بين بلدتي تسيل ونوى، شمالي درعا، إذ توغل الجيش الإسرائيلي فيها، ليواجهه عدد من شبان القرية، ما أوقع تسعة قتلى وعددًا من الجرحى.

الجيش الإسرائيلي قال إنه نفذ عملية توغل برية ضمن “اللواء 474” وصادر وسائل قتالية ودمر بنى تحتية.

وأضاف على لسان الناطق الرسمي باسمه، أفيخاي أدرعي، أن عددًا من “المسلحين أطلقوا النار نحو القوات الإسرائيلية العاملة في المنطقة، لتقوم الأخيرة باستهدافهم والقضاء على عدد من الإرهابيين المسلحين في استهداف بري وجوي”.

“أولي البأس” قالت إنه تصدت لاجتياح الجيش الإسرائيلي واشتبكت معه بالأسلحة المناسبة، موقعة إصابات في صفوف الإسرائيليين، إضافة إلى إسقاط طائرة مسيرة.

ونعى في بيان آخر القتلى التسعة، ودعا إلى المشاركة في تشييعهم ودفنهم، ليوحي البيان أنهم مقاتلون في جبهة “أولي البأس”، وقال إنهم “شهداء على طريق القدس في سوريا”.

عطا الله السقر قيادي سابق في فصائل “الجيش السوري الحر” بمدينة نوى قال ل، إن ما حصل هو رد شعبي على توغل إسرائيلي غير منظم، فرضته لحظة التوغل للدفاع عن المدينة، رافضًا تبني أي جهة للهجوم.

شكوك بتبعيتها لإيران

تُتهم “أولي البأس” بتبعيتها لإيران، من خلال سرديتها وتمجيدها للمشروع الإيراني والأذرع المرتبطة به في المنطقة، على رأسهم الأمين العام السابق لـ”حزب الله” اللبناني، حسن نصر الله، ونشر أقواله.

وتحمل “أولي البأس” شعارًا مشابهًا لـ”حزب الله” والميليشيات التابعة لإيران من حيث التصميم، واتخاذ بندقية ترفعها ذراع تعلوها آية قرآنية تحضّ على القتال.

كما تشمل منشورات وبيانات “أولي البأس” هجومًا على ما تسميه “المشروع الصهيوني والأمريكي والتركي”، فضلًا عن هجومها على الحكومة الحالية، واتهامها بالتنسيق مع إسرائيل.

وتشير بعض منشوراتها إلى تبعية لفلول النظام السابق عبر اعتمادها العلم السوري القديم ذي اللون الأحمر، واعتبار النظام السابق حاضنة “محور المقاومة”.

ومع تجهيل كل أسماء أعضاء “أولي البأس” حتى قائدها، يبقى الاسم الظاهر الوحيد هو محمود موالدي، ويعود لشخص يصف نفسه بأنه كاتب وباحث، وله مقالات بمواقع تؤيد المشروع الإيراني.

الباحث بفواعل ما دون الدولة بمركز “عمران للدراسات” أسامة شيخ علي، يرى أن “أولي البأس” خرجت من أطراف تؤيد المشروع الإيراني، من خلال السردية والتصنيفات التي تتكلم بها والعداء الذي أبرزته لتركيا والولايات المتحدة الأمريكية.

 

 من الواضح أن البيان صيغ بإحدى دول الجوار أو طهران أو يدور في فلك المشروع الإيراني.

أسامة شيخ علي

باحث بمركز “عمران للدراسات”

 

ويعتقد شيخ علي أن إنشاء “أولي البأس” هو “محاولة يائسة” لإثبات أن نفوذ إيران ما زال قائمًا في سوريا ورسالة لإسرائيل أن إيران لم تخسر سوريا وتغادرها كليًا، وما زالت لديها أذرع وتثبت قدرتها على شن عمليها عسكرية ضد إسرائيل في الجنوب السوري وإيلامها.

هواجس إسرائيلية

الباحث أشار إلى أن الهاجس الإسرائيلي في السنوات الأخيرة يتمثل بوجود ميليشيات إيرانية على حدودها في جنوبي سوريا، لذلك كان هناك اتفاقية لفض الاشتباك برعاية روسية، وكانت الضامن بأن تكون صفوف جيش النظام خالية من العناصر الإيرانية.

ويعتقد أن العملية العسكرية في القرى التي شهدت مواجهات مع إسرائيل كانت نتيجة ردة فعل شعبي عفوي غير منظم ضد التوغل الإسرائيلي، لافتًا إلى دعوات شعبية خرجت من المساجد لمواجهة التوغل.

وأشار الباحث شيخ علي إلى أن العمليات التي تقوم بها التنظيمات أو الميليشيات المسلحة سواء في سوريا أو خارجها، يكون عملًا شبه منظم عبر عمليات دقيقة تقوم من خلالها بمواجهات مسلحة، وهو ما غاب عن مشهد المواجهات التي حصلت في كويا ونوى.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *