درعا – محجوب الحشيش

شهدت أسعار العقارات في درعا، جنوبي سوريا، ارتفاعًا تجاوز أسعار شقق العاصمة دمشق، بسبب زيادة الطلب على الشقق السكنية عقب سقوط النظام السوري السابق، وعودة بعض المهجرين، بحسب مستثمرين قابلتهم.

وتزداد الأسعار بشكل خاص في مراكز المدن ومحيطها، حيث يفضل السكان الاستقرار في مناطق قريبة من الخدمات.

رمزي الخطيب، وهو ضابط متقاعد في محافظة درعا، قال إنه بحث عن شقة سكنية للشراء في محيط مدينة درعا، فلم يجد أسعارًا تقل عن 45,000 دولار أمريكي، في حين توقع أن تتراوح الأسعار بين 20,000 و25,000 دولار.

وطلب منه سمسار 45,000 دولار لشقة في الطابق الثالث بحي الصحافة، بينما عاين مواقع أخرى وصلت فيها الأسعار إلى 50,000 أو 60,000 دولار.

وأضاف رمزي، الذي يستأجر منزلًا حاليًا في ضاحية درعا، أن أبناءه المغتربين قرروا شراء شقة سكنية، لكنه فوجئ بهذه القفزة السعرية، إذ أعد ميزانية لا تتجاوز 25,000 دولار، مما دفعه إلى التريث في الشراء.

وبحسب رمزي، لم يكن سعر الشقة يتجاوز 20,000 دولار قبل سقوط النظام، بينما اشترت ابنته شقة في ضاحية درعا بسعر 35,000 دولار، بعد أن كان سعرها قبل سقوط النظام لا يتجاوز 15,000 دولار.

وينوي رمزي حاليًا شراء قطعة أرض في منطقة ريفية لبناء منزل عليها.

العرض والطلب يتحكمان

رئيس نقابة المقاولين في درعا، عدنان أبازيد، أكد ل أن العرض والطلب هما المتحكمان حاليًا في تحديد أسعار الشقق السكنية.

وقال إن المنطقة تشهد طلبًا على الشقق بسبب عودة المهجرين، وهذا ما أدى إلى قفزة في الأسعار، على عكس ما كان سائدًا قبل سقوط النظام حيث كان الطلب ضعيفًا.

وأضاف أبازيد أن مجالس المدن لم تقم بعد بتوسيع المخططات التنظيمية، مما يعني وجود مناطق عمرانية قريبة من المدينة لكنها تقع خارج المخطط، وبالتالي فهي غير مخدّمة بشبكات الصرف الصحي والكهرباء والهاتف.

وأضاف أنه في حال إدخال هذه المناطق ضمن المخطط التنظيمي، ستحدث زيادة في معروض الأراضي، حيث يتحكم ملاك العقارات حاليًا في الأسعار، ويصل سعر الدونم (يساوي 1000 متر مربع) من أرض البناء إلى 100,000 دولار.

ويرى أبازيد أن الحل يكمن في توسعة المخطط وإدخال مستثمرين لبناء أبراج سكنية تستوعب عددًا كبيرًا من الشقق، مما يزيد العرض ويؤدي إلى انخفاض تدريجي في أسعار الشقق.

أربعة طوابق لا تكفي

سمير حمدان، متعهد بناء في مدينة درعا، قال إن مجلس المدينة يمنع تشييد أبنية تتجاوز أربعة طوابق في الأحياء السكنية، ولا توجد توسعة جديدة للمخططات التنظيمية في المحافظة.

في حين ذهب المتعهد محمد قطيفان إلى أن السبب الرئيس هو غلاء سعر العقارات في المناطق المخدّمة ضمن المخطط التنظيمي.

وقال محمد، إن حصر ارتفاع البناء في أربعة طوابق فقط يخلق أزمة في السكن إذ تكثر الأبنية ولا تتوفر الشقق السكنية الكافية ويرتفع سعرها.

المهندس عصام الزعبي، مدير المكتب الفني في مجلس مدينة درعا، أوضح ل، أن الموافقة على زيادة عدد الطوابق ليست من اختصاص مجلس المدينة، بل من اختصاص اللجنة الإقليمية التابعة لوزارة الإسكان.

وذكر الزعبي أن اللجنة الإقليمية سمحت قبل ثلاثة أعوام بزيادة الطوابق في أحياء درعا، لكن بعد الزلزال الذي ضرب سوريا في شباط 2023، تم إلغاء القرار والعودة إلى تحديد أربعة طوابق كحد أقصى.

بحسب الزعبي، من الناحية الفنية، يصعب تطبيق السماح بزيادة الطوابق على الأبنية القديمة لأنها مصممة لهذا العدد فقط، ومن غير المنطقي تحميلها أكثر من طاقتها.

بينما يشمل الترخيص الجديد الذي يمنحه مجلس المدينة إنشاء ستة أو سبعة طوابق.

وحول توسعة المخطط التنظيمي، أفاد الزعبي بأن الإجراءات التنفيذية للتوسيع قيد الدراسة، لكن هذا الأمر مرهون بموافقة اللجنة الإقليمية.

ينعكس على الإيجار

لا تستطيع شريحة واسعة من سكان محافظة درعا شراء شقق سكنية، ولذلك تلجأ إلى الإيجار الذي شهد أيضًا ارتفاعًا ملحوظًا في المحافظة.

محمود الأحمد، الذي بحث عن شقة سكنية يرغب بدفع ثمنها بالتقسيط، لم يجد ضالته إذ طُلب منه 60,000 دولار مقابل شقق سكنية داخل مدينة درعا.

ولجأ محمود إلى استئجار منزل مقابل 250 دولارًا شهريًا، رغم أنه كان يفضل الشراء بالتقسيط عبر دفع مبلغ مقدم وتقسيط المبلغ المتبقي على 500 دولار شهريًا.

وفي عهد النظام السابق، كان كل من يريد شراء أو استئجار عقار يواجه إشكاليات تتعلق بتوثيق العقود، وقد تصل هذه الإشكاليات إلى المنع من السكن.

ووفقًا لمنظمة “سوريون من أجل العدالة والحقيقة”، كانت الموافقة الأمنية شرطًا لتنظيم عقد الإيجار، وتُعد هذه الموافقة من أبرز المشكلات المتعلقة بمسألة الإيجارات، مما كان يعطل بنود القانون وإمكانية تسجيل عقود الإيجار التي تتم بناء على إرادة المتعاقدين دون وجود هذه الموافقة.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.