دمار المنازل والبنى التحتية يبقي سوريين في الخيام

بمحاذاة الحدود التركية، وعلى مقربة منها، تنتشر العديد من المخيمات العشوائية التي يقطنها نازحون من قرى وبلدات في العمق السوري، ويقيمون فيها منذ سنوات هربًا من العمليات العسكرية التي شنها النظام المخلوع في مدنهم وقراهم.
وكان وجود النظام نفسه في قرى وبلدات بأرياف إدلب، وحماة، وحلب، سببًا رئيسًا يمنع عودة النازحين إلى مناطقهم، ويجبرهم على العيش في ظروف متردية شديدة البرودة شتاء وشديدة الحرارة صيفًا ما يزيد من معاناتهم الإنسانية.
ومنذ 8 من كانون الأول 2024، لحظة إعلان سقوط نظام الأسد في دمشق، فُتحت الطرق بين مناطق النفوذ والسيطرة، وأُتيح للنازحين العودة إلى مناطقهم، لكن عوامل عديدة منعت معظمهم من التوجه إلى القرى التي نزحوا منها، أبرزها المساكن والبنى التحتية، والظروف الاقتصادية.
أحمد الحسين، خمسيني يقيم في مخيم “بيرة كفتين” شمالي محافظة إدلب، يرى أن عودته إلى بلدته البوابية الواقعة في ريف حلب الجنوبي، أمر بالغ الصعوبة في الوقت الراهن.
لم يتخذ أحمد قرار العودة، وفق ما قاله ل، لافتًا إلى أنه لا منزل له في بلدته يمكنه العودة إليه، في وقت يعاني فيه من ظروف اقتصادية سيئة، وفق تعبيره، تمنعه من إعادة بناء منزله.
وأضاف أن وضعه الحالي مع عائلته في المخيم أفضل على اعتبار أنه يملك مأوى، وهو ما لا يمكنه تأمينه في بلدته.
ولدى أحمد مخاوف عديدة لا تقتصر فقط على المسكن، إذ يرى أن عودته لمنزله الذي نزح منه قبل سنوات يتطلب البدء من الصفر مجددًا، علمًا أنه بالكاد يؤمن ثمن ربطة الخبز لعائلته.
البنى التحتية لا تشجع
في مخيم “الكويتي” بقرية حربنوش الصغيرة شمالي إدلب، يقيم جواد المحمد ذو الـ45 عامًا، وهو نازح من قرية قبر فضة الواقعة في سهل الغاب شمالي حماة، لم يبرح مكانه بعد، ولم يفكر بذلك.
ولجواد أسباب عديدة تمنعه من العودة، أبرزها غياب البنى التحتية في قريته التي شهدت عمليات عسكرية قبل عشر سنوات.
الشاب قال ل، إنه لن يعود في المستقبل القريب، في ظل غياب المياه والمدارس، والدمار الذي لحق بمنازل المنطقة، ومنها منزله.
الملايين في الخيام
قالت الأمم المتحدة، إن نحو مليوني سوري ما زالوا يقطنون في خيام شمال غربي سوريا بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على سقوط النظام السوري، لعدم أسباب أبرزها عدم توفر المساكن.
وقالت المنظمة الأممية عبر تقرير، في 18 من آذار الحالي، استعرضت خلاله قصصًا لسوريين من سكان المخيمات، إنه من بين 1.95 مليون شخص ما زالوا يعيشون في المخيمات ومواقع نزوح غير رسمية شمال غربي سوريا، لم يعد سوى القليل إلى قراهم.
وأضافت أن الأرقام تستند إلى مسح حديث أجرته مؤخرًا، مشيرة إلى أن ما يقرب من مليون شخص لا يرون حاليًا أي أمل بالعودة في المستقبل القريب، بسبب النقص في السكن والخدمات الملائمة كأسباب رئيسة.
وعلى الجانب الآخر، قالت الأمم المتحدة إن أكثر من مليون شخص، من سكان المخيمات، يخططون للعودة إلى ديارهم في غضون 12 شهرًا.
ممثل المفوضية في سوريا، غونزالو فارغاس يوسا، قال عقب زيارته لمخيمات شمال غربي سوريا، “لكي يتمكن العائدون من البقاء، ويتمكن المزيد منهم من العودة، هناك حاجة ماسة إلى ضخ المزيد من المساعدات الإنسانية”.
وأضاف أن ترميم المساكن، وأنشطة توفير سبل العيش، ومساعدة السكان في مجال الحصول على الوثائق المدنية هي أنشطة لدى الأمم المتحدة “خبرة واسعة” في تنفيذها بجميع أنحاء سوريا، لكن نظرًا لمحدودية التمويل، “كنا نُنفّذ هذه الأنشطة على نطاق ضيق للغاية”.
تحدٍ مُلح
في 17 من آذار الماضي، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إن التحدي المُلح الذي يواجه المجتمع الدولي هو “ضمان حصول السكان، بعد عودتهم إلى مجتمعاتهم، على ما يكفي من الأساسيات: المأوى، والكهرباء، والمياه، والصرف الصحي، والتعليم، والعمل”.
وأضاف أنه مع اقتراب فصل الربيع، ونهاية شهر رمضان، ثم بدء العام الدراسي، “نتوقع عودة المزيد من اللاجئين والنازحين إلى مدنهم”.
ولفت إلى أن أحدث الاستطلاعات التي أجرتها مفوضية اللاجئين، أظهرت أن 80% من اللاجئين يأملون في العودة يومًا ما، بينما أعرب 27% عن نيتهم العودة خلال العام المقبل، وارتفعت هذه النسبة بشكل كبير في الأسابيع الماضية.
وسبق أن قال غراندي، في 30 من كانون الثاني الماضي، إن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم ستستغرق وقتًا طويلًا.
وأضاف أن العديد من اللاجئين ينتظرون ما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا خلال الفترة المقبلة لاتخاذ قرار العودة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي