دير الزور.. الضائقة المالية تعيد مهنة الطوب الطيني
دير الزور – عبادة الشيخ
دفعت الظروف الاقتصادية والمعيشية المرتدية الأهالي في ريف دير الزور للعودة إلى البناء بالطوب الطيني بعد سنوات من هجره، إذ وجدوا فيه الحل الاقتصادي الأنسب أمام ارتفاع أسعار مواد البناء.
وكانت حركة البناء بالطوب الطيني قد تراجعت قبل انطلاق الثورة السورية عام 2011، لكنها عادت مع اشتداد سنوات الحرب والأعمال العسكرية، التي أجبرت السكان على استخدام أساليب بدائية في البناء.
تراب وماء وتبن
منذ سبع سنوات، لجأ حامد السهو إلى صناعة الطوب الطيني في بلدة العزبة بريف دير الزورالشمالي، ليعيل عائلته المكونة من تسعة أفراد.
شكّل حامد من إخوته وأقاربه ورشة من أربعة عمال، وبدأ بممارسة المهنة، التي قال إنها لا تحتاج الى رأس مال، فقط تراب وماء والقليل من التبن، لافتًا إلى وجود إقبال على شراء الطوب الطيني.
وذكر ل أنه وعماله يقطعون قرابة 1000 لبنة طينية في اليوم، مضيفًا أن الأجرة اليومية قد تصل إلى 50 دولارًا أمريكيًا تقريبًا للورشة كاملة.
وتعتمد صناعة الطوب الطيني على مواد طبيعية هي التراب والتبن، واليد العاملة الخبيرة، وتبدأ بإغراق نوع خاص من التراب بالماء، يدعى باللهجة المحلية “الحريّ”، ويدمج مع التبن، ويترك لعدة ساعات، ثم يخلط بشكل جيد حتى يبدأ العاملون بتقطيعه عبر قوالب خشبية، وتكون القياسات حسب الطلب.
من جانبه، حوران الشحاذة، وهو صاحب ورشة لبناء الطوب الطيني من سكان بلدة معيزيلة شمالي دير الزور، قال إنه يتقاضى 75 دولارًا أمريكيًا ثمنًا لكل 1000 لبنة طينية.
من ضمن المبلغ، يدفع ثمن المواد (التراب والماء والتبن) وأجور عماله الخمسة، إذ يدفع لكل عامل لديه 100 ألف ليرة يوميًا (نحو 7 دولارات أمريكية).
وعمل حوران سابقًا في مجال الإنشاءات، لكن تراجع حركة البناء أجبرته على البحث عن عمل جديد، مع عدم توفر “واسطة” لتعهد إنشاءات مع هيئة الخدمات في المجلس المدني أو حقول النفط.
وقال حوران، إن الإقبال على الطوب الطيني متزايد بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء، وعدم قدرة أصحاب الدخل المحدود على بناء غرفة صغيرة، لافتًا إلى أن المنازل المصنوعة من الطوب الطيني باردة صيفًا ودافئة شتاء.
تكلفة أقل
بنى رمزي النبكي منزلًا مؤلفًا من غرفتين من الطوب الطيني في بلدة التوامية شمالي دير الزور، قائلًا ل إنه اختار بناء من هذا النوع لتوفير المال وإكمال مشروع زواجه.
أوضح رمزي أن بناء الغرفتين لم يكلفه ربع قيمة غرفة من الأسمنت والحديد، وهو ما يراه خيارًا يتناسب مع دخله الشهري، فهو يتقاضى مليون ليرة سورية (65 دولارًا أمريكيًا).
قال صاحب الورشة حامد السهو، إن صناعة الطوب الطيني نشطت بسبب غلاء مواد البناء مثل الأسمنت والطوب الأسمنتي (البلوك) والحديد، فتكلفة بناء منزل مؤلف من ثلاث غرف قد لا تتجاوز 2000 دولار أمريكي، مع سقف الغرف المصنوع من الخشب والشوادر.
في المقابل، قد تصل تكلفة نفس البناء من الأسمنت والحديد إلى نحو 7000 دولار، إذ وصل سعر طن الأسمنت العراقي إلى 125 دولارًا، وسعر طن الحديد الأوروبي إلى 900 دولار، وسعر كل مئة قطعة من “البلوك” إلى 25 دولارًا.
ويعد بناء منازل الطوب خيارًا في ظل حالة الغلاء وقلة فرص العمل في منطقة زراعية بحتة، إذ تتراوح أجور العمال بالمياومة بين 25 و100 ألف ليرة سورية، حسب نوع العمل وعدد الساعات، بينما يبلغ الحد الأدنى لرواتب موظفي “الإدارة الذاتية” نحو مليون ليرة سورية (65 دولارًا).
ولا يقتصر الأمر على دير الزور، فالاعتماد على طوب الطين كبديل اقتصادي ومستدام موجود في معظم مناطق الريف شمال شرقي سوريا.
ويعد بناء المنازل باستخدام طوب الطين من أقدم طرق البناء في المنطقة، لكن العودة إليه اليوم أصبحت نوعًا من الاستجابة للتحديات الاقتصادية، وتلبية الحاجة إلى حلول أكثر انسجامًا مع البيئة المحيطة شديدة الحرارة صيفًا والبرودة شتاء.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي