انتقد نواب ديمقراطيون، السبت، وزارة العدل الأميركية على نشرها الأولي لوثائق التحقيق في قضية رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين المتهم بجرائم جنسية، معتبرين أنها تنتهج سياسة المماطلة، في ظل نشر مواد سبق أن تم الكشف عنها علناً، وفق صحيفة “واشنطن بوست”.
وقال روبرت جارسيا العضو البارز في لجنة الرقابة بمجلس النواب الأميركي في بيان، إن “الغالبية الساحقة من نحو 33 ألف صفحة التي أرسلتها وزارة العدل إلى اللجنة الجمعة، تتضمن معلومات سبق أن كشفتها الوزارة، وأجهزة إنفاذ قانون أخرى”.
وأوضح أن الكشف الجديد الوحيد لم يتجاوز ألف صفحة، ويتعلق بسجلات هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية عن مواقع رحلات طائرة إبستين بين عامي 2000 و2014.
وأضاف: “الكشف المحدود من وزارة العدل يثير أسئلة أكثر مما يجيب عنها، ويوضح أن البيت الأبيض غير مهتم بتحقيق العدالة للضحايا أو بكشف الحقيقة”.
وتابع جارسيا: “الديمقراطيون دفعوا نحو تصويت من الحزبين لإصدار أمر استدعاء كامل لملفات إبستين، ويجب على الإدارة الامتثال لذلك”.
وذكر أن الملفات التي تسلمتها اللجنة، الجمعة، تضمنت مقاطع فيديو من مركز الإصلاحيات الفيدرالي في مانهاتن ليلة وفاة إبستين، إضافة إلى مذكرات قضائية وتقرير للمفتش العام، وجميعها كانت متاحة سابقاً للعامة.
وأشار إلى أن الملفات شملت أيضاً مذكرة من النائب العام بام بوندي إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، كاش باتيل بشأن الكشف عن ملفات إبستين، إضافة إلى أوراق قضائية تخص “قضية ماكسويل”.
وفي المقابل، وجه بعض الديمقراطيين انتقادات للإدارة لنشرها جزءاً محدوداً فقط من المواد التي استدعيت، إذ اتهم النائب رو خانا، الذي كان من أوائل المطالبين بنشر ملفات إبستين، وزارة العدل بـ”المماطلة”.
وأكد رو خانا أنه يعمل مع النائب الجمهوري توماس ماسي لدفع تصويت على نشر الملفات، وأنهما يخططان لعقد مؤتمر صحافي مع ضحايا إبستين، وماكسويل عند عودة مجلس النواب من عطلة الشهر المقبل، قائلاً: “الضحايا يستحقون العدالة، والشعب يستحق الشفافية”.
بدورها، اعتبرت النائبة الديمقراطية سمر لي، التي تقدمت بالطلب الأولي لاستدعاء الملفات، أن وزارة العدل “تتظاهر بالاستجابة”، مضيفة في بيان: “هذا النشر الجزئي يمثل إهانة للضحايا الذين انتظروا طويلاً لمحاسبة المسؤولين. يجب كشف كل اسم وعلاقة ومؤسسة ساعدت في تمكين هذا النظام من الاستغلال”.
قضية إبستين
من جانبها قالت الناطقة باسم الجمهوريين بلجنة الرقابة، في بيان، إن المراجعة لا تزال جارية، مضيفة: “من المهم الإشارة إلى أن هذه دفعة أولى من الوثائق الصادرة عن وزارة العدل، وسيليها المزيد”.
وقال رئيس اللجنة، النائب الجمهوري جيمس كومر، الجمعة، إنه “لن يفرج عن الملفات للرأي العام قبل إخضاعها إلى مراجعة شاملة تضمن حجب أي معلومات تكشف هوية الضحايا أو مواد تتعلق بالاعتداءات الجنسية على الأطفال”.
واستدعت اللجنة هذا الشهر جميع الملفات الخاصة بتحقيقات وزارة العدل في قضية إبستين وشريكته المسجونة جيسلين ماكسويل، إذ وُجهت للثنائي تهم بـ”الاتجار الجنسي” وجرائم أخرى ارتكبت بين عامي 2019 و2020 على التوالي، فيما أُدينت ماكسويل في 2021 وتنفذ حالياً حكماً بالسجن لمدة 20 عاماً.
وعُثر على إبستين ميتاً داخل زنزانته عام 2019 أثناء انتظاره المحاكمة، واعتُبر موته انتحاراً.
وبشكل منفصل، نشرت وزارة العدل، الجمعة، النص الكامل لمقابلة أجراها نائب المدعي العام تود بلانش في يوليو الماضي مع ماكسويل، أشادت خلالها بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، مؤكدة أنها لم تره يرتكب أي سلوك “غير لائق”.
ولم تقدم ماكسويل أي معلومات جديدة عند سؤالها عن عشرات الشخصيات الشهيرة والنافذة التي كانت على معرفة بإبستين.
وكانت ماكسويل قد أدينت عام 2021 بالمساعدة في استدراج فتيات قاصرات واستغلالهن والاتجار بهن لصالح إبستين. وهي تطلب حالياً من المحكمة العليا النظر في طعنها على إدانتها، فيما ناقش محاميها مراراً إمكانية طلب عفو من ترمب.
وبعد أيام من لقائها مع بلانش قرب السجن الفيدرالي في تالاهاسي بولاية فلوريدا، حيث كانت محتجزة، نُقلت ماكسويل إلى معسكر إصلاحي منخفض الحراسة في تكساس.
لكن نشر مقابلة ماكسويل، التي تضمنت مئات الصفحات من المحاضر و6 ساعات من التسجيلات الصوتية، لم يقدم أي دليل يدعم نظريات المؤامرة حول تستر الحكومة الفيدرالية على شبكة واسعة للاتجار الجنسي لحماية شخصيات بارزة.
وركز بعض شخصيات حركة “اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً” (MAGA) على مقتطفات من المحضر أشادت فيها ماكسويل بترمب، وقالت إنها “لم تشاهده يتورط في أي سلوك غير لائق”.
وكان ترمب صديقاً لإبستين منذ الثمانينيات، حين كانا جارين في جنوب فلوريدا، حتى أوائل العقد الأول من الألفية، وأكدت ماكسويل لـ”بلانش” أن ترمب “لم يتصرف أبداً بشكل غير لائق مع أي شخص في الأوقات التي كنت فيها معه، لقد كان رجلاً مهذباً بكل معنى الكلمة”.
تبرئة ترمب
من جانبها، قالت الناشطة اليمينية المتشددة لورا لومر، وهي مستشارة غير رسمية لترمب، في مقابلة مع “واشنطن بوست”، إنها تعتقد أن مقابلة ماكسويل “برأت” ترمب من التلميحات “الكاذبة” بضلوعه في مخالفات، بسبب صداقته السابقة مع إبستين.
وأضافت لومر: “أعتقد أن كثيرين يدينون للرئيس ترمب باعتذار، ومن الواضح أن كل ما قاله الرئيس ترمب عن إبستين وملفاته ثبتت صحته، بالنظر إلى أن جيسلين ماكسويل نفسها أدلت تحت القسم بأنها لم تر الرئيس ترمب يفعل أي شيء غير لائق”.
وعبرت لومر وناشطون يمينيون آخرون عن غضبهم في الأسابيع الأخيرة من تعامل الإدارة مع ملفات إبستين، بعدما أصدرت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي مذكرة غير موقعة تفيد بعدم العثور على أي دليل لوجود “قائمة عملاء” لإبستين، وأنه لن يكون هناك المزيد من الإفصاحات بشأن القضية.
وأكدت لومر لـ”واشنطن بوست”، أنها راضية عما نشرته وزارة العدل حتى الآن، واصفة ذلك بأنه “خطوة أولى جيدة نحو مزيد من الشفافية”.
وتركزت تعليقات شخصيات يمينية أخرى على تصريحات ماكسويل عن ترمب، إذ كتب الناشط المحافظ نيك سورتر على منصة “إكس” فوق صورة مقتطفات من أقوال ماكسويل: “الرواية اليسارية في حالة انهيار”.
أما المعلق اليميني روجان أوهاندلي فكتب في رد: “لو كان ترمب عميلاً لإبستين، لكانت الدولة العميقة سربت ذلك منذ زمن.. إنه بريء”.
وكانت بام بوندي قد لمحت في مقابلة مع شبكة Fox News في فبراير الماضي، إلى وجود قائمة كهذه على مكتبها بانتظار المراجعة، لكن مذكرة الوزارة نفت احتواء ملفات إبستين على مثل هذا المستند.