رئيس وزراء بريطانيا عن جمارك ترمب: العالم الذي نعرفه انتهى

أعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن استعداد حكومته للتدخل وتوظيف السياسات الصناعية لـ”حماية” الشركات البريطانية من “عاصفة” الرسوم الجمركية الجديدة، التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مؤكداً أنه لا يمكن لأي طرف “الفوز بحرب تجارية”.
وكتب ستارمر، في مقال نشرته صحيفة “تليجراف” البريطانية، السبت: “في البداية، كان الأمر يتعلق بالدفاع والأمن القومي. أما الآن، فهو يتعلق بالاقتصاد والتجارة العالميين. لم يعد من الممكن اعتبار الافتراضات القديمة أمراً مضموناً. العالم الذي كنا نعرفه انتهى. علينا أن ننهض لمواجهة اللحظة”.
وأضاف: “نحن مستعدون لما سيحدث لاحقاً. العالم الجديد باتت تحكمه القواعد الراسخة بصورة أقل، ويُدار أكثر من خلال الصفقات والتحالفات. وهذا الأمر يتطلّب أفضل ما في الفضائل البريطانية؛ هدوء الأعصاب، والنزعة العملية، وتفهّم واضح لمصالحنا الوطنية”.
وأشار إلى أنه “فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، الأولوية القصوى هي الحفاظ على الهدوء والنضال من أجل الحصول على أفضل اتفاق. لا يمكن لأي طرف الفوز بحرب تجارية. التداعيات الاقتصادية، هنا وفي جميع أنحاء العالم، ربما تكون عميقة”.
وأضاف: “لدينا بالفعل علاقة تجارية متوازنة مع حلفائنا الأميركيين، والعمل مستمر على اتفاقية جديدة للازدهار الاقتصادي”، لافتاً إلى أن “جميع الخيارات لا تزال مطروحة”.
وشدد ستارمر على أنه لن يُبرم اتفاقاً إلا إذا كان “مناسباً للشركات التجارية البريطانية ولأمن العمال”، مضيفاً: “سأواصل الدفاع عن التجارة الحرة والمفتوحة، لأن إدارة ظهورنا لكل ذلك في الوقت الراهن سيكون خطأً فادحاً”.
تعزيز التحالفات وتقليل العقبات
ومضى ستارمر قائلاً: “في نهاية المطاف، هذا هو تراثنا كدولة جزرية. من شركات تصنيع السيارات في ويست ميدلاندز إلى منتجي الويسكي في الجزر الغربية، تُعد التجارة الحرة قوة دافعة لشركات التصدير البريطانية. ستدعم هذه الحكومة صوتهم على الساحة الدولية”.
وأردف: “هذا يعني أيضاً تعزيز تحالفاتنا وتقليل العقبات التي تعترض التجارة مع اقتصادات أخرى حول العالم. الدبلوماسية المرنة تُسهم في بناء اقتصاد أقوى وأكثر تنوعاً وأماناً هنا في الوطن. كما فعلت أمتنا في مجال الدفاع والأمن، علينا أن نكون على قدر المسؤولية في التجارة والاقتصاد”.
وزاد: “لكن علينا أيضاً أن نمضي قدماً. هذا الأسبوع، سنُعزز خططنا التي ستُحسّن قدرتنا التنافسية المحلية، لنكون أقل عرضة لهذه الصدمات العالمية”.
وأضاف: “نحن مستعدون لتوظيف السياسة الصناعية لحماية الشركات البريطانية من العاصفة. ربما يشعر البعض بعدم الارتياح حيال هذا الأمر. فغالباً ما كانت فكرة تدخل الدولة بشكل مباشر لتشكيل السوق تتعرّض لانتقادات… لكننا ببساطة لا نستطيع التمسك بالمشاعر القديمة في وقت يشهد فيه العالم تحوّلات سريعة”.
وتابع: “هذا الأسبوع، ستبذل الحكومة كل ما في وسعها لحماية المصلحة الوطنية لبريطانيا. لأنه مع تغيرات الأوضاع الاقتصادية العالمية، لن يكون تركيزنا منصباً على خدمة مصالح بريطانيا. وهذا العصر الجديد يتطلب عقلية جديدة. لقد قطعنا شوطاً أبعد وأسرع في مجال الأمن القومي، والآن علينا أن نفعل الشيء نفسه في مجال الأمن الاقتصادي من خلال تعزيز التحالفات وتقليل الحواجز أمام التجارة”.
واختتم ستارمر بالقول: “يحتاج (حزب) العمال إلى أساس جديد من الأمن ليتمتعوا بحرية مواصلة حياتهم. هذه هي المصلحة الوطنية وأولوية هذه الحكومة. قوة في الخارج. وأمن في الداخل”.
نهج هادئ
وكان وزير الأعمال والتجارة البريطاني جوناثان رينولدز، قال، الثلاثاء، إن بلاده ما زالت تأمل في تراجع الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية قريباً إذا تمكن الجانبان من الاتفاق على الخطوط العريضة لشراكة اقتصادية جديدة.
وعلى خلاف الاتحاد الأوروبي ودول كبرى، أحجمت بريطانيا عن الرد على الرسوم الجمركية الأميركية بالمثل، وأشار رينولدز إلى أن لندن تحاول تجنب التصعيد، وقال إن الشركات البريطانية تؤيد اتباع “نهج هادئ”.
لكنه أكد على وجود خطوط حمراء في المفاوضات، مشيراً إلى “مجالات حساسة” لن تتطرق إليها المناقشات مثل معايير الأغذية.
ونجت بريطانيا من الرسوم الجمركية المرتفعة التي أعلنها ترمب الأربعاء، إذ فُرضت عليها أدنى رسوم بنسبة 10%، لكن اندلاع أي حرب تجارية عالمية سيضر باقتصادها المفتوح. ونشرت بريطانيا، الأربعاء، قائمة من 400 صفحة بالسلع الأميركية التي يُمكن إدراجها في أي رد محتمل على الرسوم الجمركية.
وأدى إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية، الأربعاء، إلى ارتباك أسواق الأسهم العالمية بشدة، إذ خسرت شركات مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” ما قيمته خمسة تريليونات دولار من قيمتها السوقية عند إغلاق، الجمعة، وهو انخفاض قياسي على مدى يومين. وتراجعت أسعار النفط والسلع، بينما لجأ المستثمرون إلى السندات الحكومية كملاذ آمن.