شهد مسرح المركز الثقافي بدرعا عرضًا مسرحيًا يُعيد إحياء إحدى أهم روايات الأدب الفلسطيني والعربي، وهي “رجال في الشمس”، للكاتب غسان كنفاني، التي كتبها عام 1962، والتي تروي قصة ثلاثة رجال فلسطينيين يسعون للهروب من ظروفهم القاسية في مخيمات اللاجئين، متطلعين إلى حياة أفضل في الكويت.
يعبّر الثلاثة عن معاناة شعب بأكمله، حيث يواجهون تحديات الهجرة والصراع من أجل البقاء، وتمثل رحلة هؤلاء الرجال عبر الصحراء رحلة الموت والحياة، ملامسة ألم واقع الهجرة والشتات.
المسرحية، التي قدمتها فرقة “حاتم علي” للفنون المسرحية، في 22 من تشرين الأول الماضي، لم تكن مجرد تمثيل لمأساة الفلسطينيين في الشتات، بل كانت أيضًا انعكاسًا لمعاناة السوريين في سنوات الثورة، محاولة الإحاطة بآلام الشعوب المهاجرة والمنكوبة.
شخصيات تعكس الواقع المؤلم
تعرض المسرحية تفاصيل معاناة كل فرد يسعى للنجاة وسط بحر من الظلم.
“محمود”، الشاب الفلسطيني الذي لا يرى أمامه سوى الهجرة كخلاص من البؤس، بينما “أبو الخطيب”، المهرب المجهول الذي يقودهم عبر الصحراء بمخاوفه وتوتراته، أما “أسعد”، فهو الرجل الذي يمثل الطبقات البسيطة التي تراهن على الهجرة بحثًا عن الأمل في مكان بعيد.
وتمثل شخصية “أبو قيس” الأب المسن الذي يقف عند مفترق طرق في حياته، يقرر أن يسلك طريق الهجرة رغم تقدم سنه، في محاولة لإنقاذ مستقبله ومستقبل أولاده.
“رجال في الشمس” لا تقتصر الإثارة فيها على النص والممثلين فقط، بل تميزت بتقنيات إضاءة لخلق جو من التوتر، كما كان استخدام الخشبة الفارغة التي تمثل الصحراء الواسعة علامة فارقة في العرض.
كما يعكس الإخراج المسرحي فكرة غسان كنفاني عن محنة الفلسطينيين، عبر توظيف الظلال لخلق أجواء من العزلة والفراغ، وتقديم هذا الواقع بأكثر صوره قسوة.
بحثًا عن الأمل في عالم مظلم
تتجلى الرسالة المركزية للمسرحية في تأكيدها على معاناة الإنسان الفلسطيني، لكن هذه المعاناة ليست محصورة في فلسطين فقط، بل تتعداها لتلامس معاناة الشعب السوري في ظل سنوات الثورة والحروب.
وصوّر العرض المسرحي الهجرة كخيار مرير في سبيل العيش الكريم، لكنها كانت تبوء بالفشل، كل تلك الشخصيات تكتشف في النهاية أن البحث عن الأمل قد يؤدي إلى الهاوية.
وقد تفاعل الجمهور مع عرض المسرحية، حيث كانت اللحظات الأكثر تأثيرًا هي تلك التي سلطت الضوء على اليأس، مما جعل الحضور يتعاطفون مع الأحداث التي عكست الواقع المرير.
استمرار البحث عن الجمهور في درعا
المسرحية من بطولة محمد المومني ويوسف أبو حمد، وإخراج فراس المقبل، الذي تحدث عن أهمية المسرح في هذا الوقت العصيب، قائلًا، “نسعى من خلال العروض المسرحية في درعا إلى خلق جمهور متفاعل يهتم بالأعمال الفنية التي تقدم قضايا إنسانية حية”.
وأضاف أن العرض هو محاولة لإبراز الهموم الاجتماعية والسياسية التي يواجهها السوريون، مستخدمًا فن المسرح كأداة فعالة للتعبير عن معاناتهم.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي
