رحلة شاقة لرفع الحظر عن الملاعب السورية

– هاني كرزي
منذ أواخر عام 2011، فرض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) حظرًا على الملاعب في سوريا، ما أجبر المنتخبات والأندية في عهد النظام السوري السابق على لعب مبارياتها خارج أرضها، وعقب سقوط الأسد، بدأت وزارة الرياضة والشباب العمل على رفع هذا الحظر.
الحظر المفروض على الملاعب السورية أثر على حظوظ المنتخبات والأندية السورية في البطولات القارية والدولية، باعتبارها حُرمت من اللعب على أرضها وأمام جماهيرها، حيث اضطرت سوريا في عهد النظام السابق لاختيار دول منها ماليزيا والإمارات كأراضٍ افتراضية لخوض مبارياتها الدولية فيها.
ترويج إعلامي فقط
الاتحاد السوري لكرة القدم التابع للنظام السابق، طالب أكثر من مرة برفع الحظر عن الملاعب السورية والسماح لمنتخبه بلعب مبارياته في سوريا، بذريعة أن “البلد أصبح آمنًا”، بعد سيطرة قوات الأسد المخلوع على مساحات واسعة من البلاد.
في شباط 2023، وصل وفد مشترك من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الآسيوي إلى العاصمة دمشق، لدراسة إمكانية رفع الحظر عن استضافة المباريات على الملاعب السورية.
وأكد الوفد خلال الاجتماع على تكثيف العمل المشترك مع الاتحاد السوري، من أجل متابعة كل الخطوات والإجراءات اللازمة تمهيدًا لإمكانية رفع الحظر التدريجي عن الملاعب السورية.
صلاح رمضان، رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم سابقًا، قال حينها، إن بوادر رفع الحظر الجزئي المفروض على الملاعب السورية دوليًا أصبحت واقعًا، “بعد النتائج المثمرة للفريق الأمني الزائر لدمشق، والذي ضم عناصر من الاتحادين الدولي والآسيوي للعبة”.
وأوضح رمضان أن ملعب “الفيحاء” الدولي بالعاصمة دمشق، سيكون جاهزًا في وقت قريب لاستضافة المباريات الدولية بعد الحصول على الضوء الأخضر من “فيفا”.
رغم تصريحات مسؤولي النظام السوري السابق عن اقتراب رفع الحظر عن الملاعب في سوريا، فإن الواقع لم يتغير.
وقال الصحفي الرياضي مازن الريس، ل، إن كل ما يتم تداوله عن فك الحظر عن الملاعب سابقًا وحاليًا، هو “ذر للرماد في العيون”، مشيرًا إلى أن الترويج له بهذه الطريقة فيه استهزاء بعقول الجماهير السورية، فالمشوار طويل وشاق، ولن يُنجز دون تعاون من قبل أعلى السلطات في الدولة.
الصحفي الرياضي حسين مصطفى، ذكر ل، أن الاتحادات السابقة في عهد النظام كانت تخدع الجماهير السورية في ملف رفع الحظر، وكان مجرد كلام دون عمل حقيقي، لأن رفع الحظر بحاجة لجهد كبير وهذا لم يتحقق سابقًا، ولا سيما أن الملاعب السورية سيئة للغاية وأغلبها خارج الخدمة.

أجواء المباراة بين الكرامة والوحدة في افتتاح بطولة سوريا المستقبل لكرة القدم بدمشق – 15 نيسان 2025 (سانا)
المطلوب لرفع الحظر
عقب سقوط النظام، استمر الحظر على الملاعب السورية، حيث لعب منتخب سوريا أولى مبارياته في تصفيات كأس آسيا ضد باكستان بمدينة الإحساء السعودية، في آذار الماضي، حيث جرى اختيار المملكة السعودية كأرض افتراضية للمنتخب السوري.
ويرى مازن الريس أن الوصول إلى مرحلة فك الحظر عن الملاعب السورية تسبقه مراحل طويلة، أبرزها ضبط الواقع الأمني، وتطوير المطارات والطرق والفنادق ووسائل النقل، إضافة إلى تجهيز الملاعب ومرافقها، ومن ثم الزيارات الميدانية المتكررة من قبل “فيفا”، للتأكد من إنجاز الخطوات السابقة، بالتزامن مع إقامة مباريات دولية تحت المراقبة.
ولفت الريس إلى أنه قبل الحديث عن فك الحظر، “علينا البدء بالأمور الصغيرة التي لم تُنجز حتى الآن، مثل انتخاب اتحاد جديد لكرة القدم، وإقامة دوري منظم، وإظهار صورة جيدة عن رياضتنا، فمشوار فك الحظر ليس بتلك السهولة”.
كذلك أكد حسين مصطفى أن متطلبات “فيفا” معقدة جدًا لفك الحظر عن الملاعب السورية، “لذا نحتاج لعمل وجهد كبير قبل إطلاق شعار رفع الحظر عن الملاعب السورية”.
وللوصول إلى هذا الهدف، قال حسين، إن وزارة الرياضة والشباب مطالبة بتجهيز الملاعب والمرافق العامة، إلى جانب المطارات والطرق الواصلة إلى الملاعب، وفق المواصفات الموضوعة من الاتحاد الدولي لكرة القدم.
وشدد مصطفى على أن المطلوب كذلك بناء العلاقات والتنسيق مع الدول الصديقة للقدوم إلى سوريا، ولعب مباريات ودية على الملاعب السورية، وبالتالي ستكون هذه الدول عنصرًا أساسيًا في ملف رفع الحظر عن الملاعب السورية، وإبلاغ “فيفا” بهذه الخطوات، ليحضر أحد من ممثليها إلى سوريا لبدء خطوات رفع الحظر.
خطوة أولى
أولى الخطوات التي بدأتها وزارة الرياضة والشباب السورية في رحلة رفع الحظر عن الملاعب السورية، كانت عبر إطلاق بطولة “سوريا المستقبل” لكرة القدم على ملعب “الفيحاء” بدمشق، والتي شاركت فيها أربعة أندية محلية هي الكرامة وأهلي حلب وأمية والوحدة.
وأقيمت أولى مباريات البطولة، في 15 من نيسان الحالي، على ملعب “الفيحاء”، وجمعت الوحدة والكرامة، حيث انتهت المباراة بفوز الفريق الحمصي بثلاثة أهداف مقابل واحد، ليتأهل إلى المباراة النهائية.
والتقى الكرامة في المباراة النهائية مع أهلي حلب الذي تأهل إلى النهائي، بعد فوزه على أمية بأربعة أهداف مقابل هدف.
ويرى الصحفي الرياضي أنس عمو، أن إقامة بطولة ودية أو حتى 200 بطولة مثلها، لن يؤثر ولو بنسبة 1% في ملف رفع الحظر عن الملاعب السورية، مشيرًا إلى أن الموضوع بحاجة إلى عمل لسنوات، عبر تطوير البنية التحتية للمنشآت الرياضية واستقرار الوضع الأمني، وخير مثال الحظر الذي كان مفروضًا على الملاعب العراقية.
كان “فيفا” رفع الحظر بشكل جزئي عن الملاعب العراقية عام 2016، وسمح بإقامة مباريات على ملاعب البصرة وأربيل وكربلاء فقط، إلا أنه عاد وفرض الحظر عام 2019، مع اندلاع احتجاجات شعبية صاحبتها أعمال عنف واسعة النطاق.
وفي عام 2022، أعلن الاتحاد العراقي لكرة القدم رفع الحظر الدولي المفروض على إقامة المباريات الدولية الرسمية على ملاعب العاصمة بغداد، بعد حظر طويل استمر حوالي 20 عامًا.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي