كتاب “رحلة في سجون الطاغية” للمؤلف حسن بن محمد الطحان، صدر عام 2013، هو شهادة حيّة على معاناة إنسانية في ظل استبداد نظام الأسد في سوريا، تروي تفاصيل اعتقال المؤلف عام 1984، وسجنه وتعذيبه الوحشي في أقبية المخابرات السورية. يدمج الكاتب بأسلوب سردي واقعي بين أدب السجون، والتوثيق السياسي، والتعبير الشخصي عن الألم والكرامة.

يبدأ الطحان كتابه بمقدمة تعريفية بهويته الفكرية والإنسانية، مشيرًا إلى انتمائه العربي المسلم الوسطي واعتزازه بالقيم والمبادئ النبيلة دون انحياز طائفي أو سياسي.

يسرد كيف تحول حبه الرمزي للكرامة – والتي يشبهها بـ”فريدة” – إلى طريق من التضحية والمعاناة، انتهى بدفع “مهر” هذه الكرامة: سنوات من السجن والتنكيل.

تفاصيل الاعتقال بدأت بمداهمة منزله في دمشق، في ذكرى تأسيس “حزب البعث”، إذ اقتيد إلى فرع المداهمة بكفرسوسة، حيث ذاق أبشع صنوف الإهانة، على حد تعبيره، وتعرضه للتعذيب الجسدي والنفسي، من الضرب المبرح حتى الإغماء، وقلع الأظافر، والإهانات المتواصلة.

يتحدث عن زنزانته التي تشبه القبر، حيث قضى أيامًا في البرد والجوع والعزلة، وسط صرخات السجناء التي تمزق ليل الزنازين.

يوثق الطحان كيف أجبر على الاعتراف بتهم ملفقة، وكيف سعى المحققون إلى تحويله إلى “متعاون”، لكنه رفض، متمسكًا بكرامته رغم كل الإغراءات والتهديدات.

يصف حالات الخيانة والانهيار بين السجناء، واستخدام البعض كجواسيس على زملائهم، وانعكاسات ذلك على النفوس المقهورة.

ينتقل الكاتب في محطاته بين أفرع المخابرات وسجون النظام، منها سجن المزة العسكري، كاشفًا مشاهد الاغتصاب والإذلال للنساء، والانتهاكات التي يتعرض لها الجميع بلا استثناء.

يصف ضيق المكان، وسوء التغذية، وانتشار الأمراض، مشيرًا إلى أن السجانين ليسوا بشرًا بل “زبانية جهنم”، مجردين من الإنسانية.

“رحلة في سجون الطاغية” ليست فقط سيرة ذاتية لألم فرد، بل شهادة على مأساة جماعية، وانتهاك ممنهج لكرامة الإنسان، كتبها الطحان بمداد دمه ودموعه، لتكون وثيقة إدانة لواحد من أكثر الأنظمة قمعاً في تاريخ العرب المعاصر.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.