في الإمارات، لم تكن رصاصةً ولا منشورًا على “فيسبوك”، بل زجاجة بيبسي فقط كانت كفيلة بترحيل فلسطيني بعد عشرين عامًا من العمل والولاء. قالها ببساطة: «بيبسي مقاطعة»، فاهتزّت حياته من جذورها. استدعاء أمني، تحقيقٌ صامت، ثم قرار بارد: غادر البلاد خلال أيام. لا ذنب سوى أنه تذكّر غزة، ورفض أن يبتلع الصمت مع المشروب.
من بعدها تساقطت القصص واحدة تلو الأخرى: فلسطينية رُحِّلت لأنها نعت شهيدًا، وأخرى استُدعيت لأنها ارتدت كوفية، وموظفون فُصلوا لمجرّد مشاركة منشورٍ عن فلسطين. هواتف تُفتَّش، صور تُراقَب، وقلوب تُخيفها كلمة “فلسطين”.
القبضة الأمنية تشتدّ، والجدران تملك آذانًا، والمنشور الصغير قد يدمّر حياةً كاملة. يقول أحد التجار في دبي: “هنا، تتنفس بحذر… لأن الحرية تُعتبر تهديدًا.”
ليست قصة بيبسي إلا رمزًا لحربٍ صامتة على الذاكرة، حربٍ على كل من يرفض أن ينسى فلسطين في زمنٍ يريدون فيه أن تُمحى من الوعي، لا من الخريطة فقط.
