رسالة سورية ترد على خمسة شروط أمريكية

ردّت سوريا على قائمة شروط تطالب بها الولايات المتحدة، لإعادة بناء العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة ورفع العقوبات، برسالة استلمتها واشنطن.
وقالت وكالة “رويترز”، اليوم السبت 26 من نيسان، أنها اطلعت على وثيقة من أربع صفحات تضمنت الرد السوري على معظم الشروط التي تم تنفيذ معظمها، إلا أن هناك شروط أخرى تتطلب “تفاهمات متبادلة” مع واشنطن.
مسؤول سوري ومصدر أمريكي مطلع على الرسالة قالوا لـ”رويترز” إن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، سيناقش محتويات الرسالة مع مسؤولين أمريكيين خلال رحلته إلى نيويورك.
وتأمل سوريا أن تؤدي الإجراءات المتخذة، التي وصفتها بأنها “ضمانات”، إلى اجتماع لمناقشة كل نقطة بالتفصيل، بما في ذلك إعادة فتح السفارات ورفع العقوبات.
وأرسلت دمشق الرسالة، في 14 من نيسان، أي قبل عشرة أيام من وصول وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إلى نيويورك لإلقاء كلمة أمام مجلس الأمن.
وتضمت الرد على خمس مطالب، لكن المطالب المتبقية تركت “معلقة”، بحسب دبلوماسي كبير مطلع على الرسالة، ولم يتضح بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة قد أرسلت ردًا على رسالة سوريا.
أوستن تايس والمقاتلون الأجانب
في الرسالة، تعهدت سوريا بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية للعثور على الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس، وتفصيل عملها في التعامل مع مخزونات الأسلحة الكيماوية، بما في ذلك توثيق العلاقات مع منظمة مراقبة الأسلحة الكيمائية.
وبشأن المقاتلين الأجانب تقول الرسالة إن مسؤولين سوريين ناقشوا قضية المقاتلين الأجانب مع المبعوث الأمريكي السابق دانييل روبنشتاين، لكن القضية “تتطلب جلسة تشاورية أوسع”.
وجاء في الرسالة، “ما يمكن تأكيده حتى الآن هو أن إصدار الرتب العسكرية قد تم تعليقه بعد الإعلان السابق بشأن ترقية ستة أفراد”، في إشارة واضحة إلى تعيين مقاتلين أجانب من ضمنهم الأويغور وأردني وتركي، في مناصب عليا بوزارة الدفاع.
مصدر مطلع على نهج الحكومة السورية تجاه قضية المقاتلين الأجانب، قال للوكالة، إن دمشق ستؤجل التعامل مع هذا الأمر قدر الإمكان في ضوء وجهة نظرها بأن المقاتلين غير السوريين الذين ساعدوا في الإطاحة بالأسد يجب أن يُعاملوا بشكل جيد.
وتعهدت الحكومة السورية الجديدة بعدم التسامح مع أي تهديدات للمصالح الأمريكية أو الغربية في سوريا، وتعهدت بوضع “التدابير القانونية المناسبة”، دون الخوض في التفاصيل.
لكنَّ الطلب الأمريكي المتعلق بالتنسيق في مسائل مكافحة الإرهاب وقدرة واشنطن على تنفيذ ضربات ضد “أهداف إرهابية” يتطلب “تفاهمات متبادلة”، بحسب ما جاء في الرسالة.
مسؤول سوري مطلع، قال لـ”رويترز” إن “المسؤولين السوريين يبحثون سبل أخرى لإضعاف المتطرفين دون منح الولايات المتحدة إذنًا صريحًا بتنفيذ ضربات، معتبرين ذلك “خطوة مثيرة للجدل بعد سنوات من قصف القوات الجوية الأجنبية لسوريا خلال الحرب”.
وأقرّت الرسالة، بحسب الوكالة، بوجود “تواصل مستمر” بين سلطات مكافحة الإرهاب السورية وممثلي الولايات المتحدة في عمّان بشأن مكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية”، وأفادت بأن سوريا تميل إلى توسيع هذا التعاون. ولم يُعلن سابقًا عن المحادثات المباشرة بين سوريا والولايات المتحدة في عمّان.
وكان الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قد قال في مقابلة سابقة مع مجلة “الإيكونوميست”، في 4 من شباط الماضي، إن القوات الأمريكية تنتشر في سوريا دون موافقة الحكومة، مضيفًا أن أي وجود من هذا القبيل يجب أن يتم بالاتفاق مع الدولة.
لا تهديد لإسرائيل
فيما يتعلق بالفصائل الفلسطينية الموجودة في سوريا، ذكرت الرسالة أن الشرع شكّل لجنة “لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية”، وأنه لن يُسمح للفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة بالعمل.
وبحسب مجلة “المجلة” تضمن أحد الشروط الثمانية لواشنطن في سوريا، “إصدار إعلان رسمي عام يحظر جميع الميليشيات الفلسطينية والأنشطة السياسية، وترحيل أعضائها، لتهدئة المخاوف الإسرائيلية”.
في 22 من نيسان، اعتقل الأمن السوري قياديَّين في تنظيم “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية لأسباب مجهولة، وهما مسؤول الساحة السورية خالد خالد، ومسؤول اللجنة التنظيمية ياسر الزفري.
وكان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، قد دعا خلال جلسة مجلس الأمن، في 25 من نيسان، المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لإيقاف توغلها في محافظات الجنوب السوري، وضرباتها المستمرة، والالتزام باتفاقية فض النزاع “1974”.
وقال إن ما وصفها بـ”الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا… ليست فقط انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولسيادة سوريا، بل تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي”، مضيفًا أن “العدوان المستمر يزعزع جهودنا في إعادة البناء ويقوّض السلام”.
وقال الشيباني “أعلنا مرارًا عن التزامنا بأن سوريا لن تشكّل تهديدًا لأي دول المنطقة والعالم بما فيها إسرائيل”.
واشنطن تؤكد تسلم الرسالة
نقلت “رويترز” عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية قوله إن واشنطن تلقت ردا من السلطات السورية على طلب أمريكي لها باتخاذ “تدابير محددة ومفصلة لبناء الثقة”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، “نحن الآن بصدد تقييم الرد وليس لدينا ما نشاركه في الوقت الحالي”، مضيفًا أن الولايات المتحدة “لا تعترف بأي كيان كحكومة سورية وأن أي تطبيع مستقبلي للعلاقات سيتم تحديده من خلال تصرفات السلطات المؤقتة”.
وأضاف المتحدث، “بينما يمكن أن تستمر المناقشات حول هذه المسألة، فإن الموقف الشامل هو أننا لن نسمح لسوريا بأن تصبح مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل”.
في 19 من نيسان الحالي، وزار وفد من “الكونجرس” الأمريكي دمشق، تضمن العضوين عن الحزب “الجمهوري” هما كوري ميلز، ومارلين ستوتزمان.
والتقى العضوان بشخصيات من الإدارة السورية، على رأسهم الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.
واشنطن- دمشق.. انفتاح محتمل
وناقش، ميلز مع الشرع، بلقاء استمر 90 دقيقة الملف الإيراني، وفق وكالة “رويترز”، كما ناقش مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ما أسماه الميليشيات “العابرة للحدود”.
وتدور الشروط الأمريكية لتحقيق انفتاح مع دمشق في فلك أربعة مطالب، هي تدمير أي مخازن متبقية من الأسلحة الكيماوية، والتعاون في مكافحة الإرهاب، وإبعاد المقاتلين الأجانب من مناصب حكومية عليا، وتعيين ضابط اتصال للمساعدة في الجهود الأمريكية للعثور على الصحفي الأمريكي المفقود في سوريا أوستن تايس.
واعتبر الشرع خلال حديث لصحيفة “نيويورك تايمز” أن بعض الشروط الأمريكية “تحتاج إلى مناقشة أو تعديل”، رافضًا الخوض في مزيد من التفاصيل.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي