رفعت الولايات المتحدة، الأربعاء، الرسوم الجمركية التي تفرضها على منتجات الصلب والألومنيوم التي تستوردها من 25% إلى 50% تنفيذاً لقرار أعلنه الرئيس دونالد ترمب، وهي خطوة لاقت ترحيباً من صناعة الصلب الأميركية، لكنها تُثير قلق القطاعات التي تستخدم هذه المعادن بكثافة، من شركات صناعة السيارات إلى مُصنّعي العلب.

ووصف ترمب هذه الخطوة، التي تدخل حيّز التنفيذ عند الساعة 12:01 صباح الأربعاء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (4 صباح الخميس بتوقيت جرينتش)، بأنها “ضرورية لحماية الأمن القومي”.

وتُعدّ هذه الزيادة في ضرائب الاستيراد أحدث تصعيد في الحرب التجارية التي يشنها الرئيس ترمب، وهي جزء من مجموعة واسعة من الرسوم الجمركية التي فرضها منذ فبراير الماضي. لكن رسوم الصلب تُمثّل أهمية خاصة له ولقاعدته السياسية، التي كانت رمزاً للصناعة الأميركية، والتي تمر منذ ذلك الحين بأوقات عصيبة، وفق شبكة CNN.

تأثيرات في قطاع البناء 

من المُرجّح ألا تؤثر هذه الزيادة في الرسوم الجمركية على جيوب الأميركيين فوراً، لكن الخبراء يقولون إن ارتفاع الأسعار في مشروعات البناء، ومواقف السيارات، والأجهزة المنزلية، وغيرها، أمرٌ لا مفر منه تقريباً نتيجةً للرسوم الجمركية. وبينما يُمكن أن تحمي الرسوم الجمركية وظائف صناعة الصلب، إلا أنها قد تُلحق الضرر بالوظائف في صناعات أخرى.

لكن الإدارة الأميركية قالت إن “الرسوم الجمركية بالغة الأهمية للأمن القومي والاقتصاد”.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، في بيان لشبكة CNN إن “إنتاج الصلب والألومنيوم محلياً أمرٌ ضروري لقاعدتنا الصناعية الدفاعية”.

وأضاف: “إدارة ترمب ملتزمة بإعادة توجيه الصناعات التحويلية إلى الداخل، وهو أمر بالغ الأهمية لأمننا القومي والاقتصادي، مع إطلاق حزمة شاملة من الإصلاحات، بما في ذلك التحرير السريع للقيود التنظيمية، وتخفيضات الضرائب، وتعزيز الطاقة الأميركية.

زيادة تكاليف تصنيع السيارات

وقال لورينكو جونسالفيس، الرئيس التنفيذي لشركة كليفلاند كليفس، إحدى كبرى شركات صناعة الصلب الأميركية، ورئيس مجلس إدارة AISI: “ما زلنا نستهلك من الصلب أكثر مما ننتجه في أميركا”.

وأضاف أن رفع الرسوم الجمركية إلى 50%، لن يؤدي إلا إلى زيادة تكلفة تصنيع سيارة بمقدار 300 دولار، وهو ما وصفه بأنه ضئيل مقارنةً بالتكلفة الإجمالية للسيارة.

وقال في مؤتمر صحافي الثلاثاء: “يبلغ متوسط ​​سعر السيارة 48 ألف دولار، وبإضافة 300 دولار، يصبح السعر 48 ألف و300 دولار. لن يكون هذا عامل اتخاذ القرار النهائي بشأن شراء سيارة من عدمه”.

وتحصل شركات صناعة السيارات في الغالب على الصلب المستخدم في مصانع أميركا الشمالية من مصانع محلية، ولديها عقود شراء طويلة الأجل حمتها، حتى الآن، من ارتفاع الأسعار في السوق الفورية. لكن الجولة السابقة من الرسوم الجمركية في عام 2018، وما تلاها من زيادات في الأسعار، كلفت الشركات مليارات الدولارات، وفقاً لما أفادت به شركات صناعة السيارات آنذاك.

لكن جمعية الألومنيوم، وهي المجموعة التجارية المعنية بهذه الصناعة، أعربت عن قلقها من أن التعريفة الجمركية الشاملة قد تضرّها أكثر مما تنفعها، إذ إنها تقطع إمدادات الألومنيوم الخام من كندا، والتي تعتمد عليها العديد من المصانع في الولايات المتحدة. وتُشكّل هذه المصانع معظم الوظائف في صناعة الألومنيوم الأميركية.

كما أعربت الصناعات التي تستخدم الفولاذ والألومنيوم عن قلقها. وحذر مصنعو العلب من أن ارتفاع الأسعار قد يصل حتى إلى رفوف متاجر البقالة.

وأفاد معهد مصنعي العلب، وهو مجموعة تجارية معنية بهذه الصناعة، بأن مصنعي العلب المحليين يستوردون ما يقرب من 80% من فولاذ مصانع القصدير بسبب انخفاض الإنتاج المحلي من هذا النوع من الفولاذ. وأضاف أن زيادة التعريفات الجمركية “ستزيد من تكلفة السلع المعلبة”، مثل الأغذية والمشروبات.

ويحذر الخبراء أيضاً من أن عدداً أكبر من الوظائف معرض للخطر في الشركات المصنعة التي تستخدم الفولاذ والألومنيوم يفوق ما ستحميه الرسوم الجمركية.

تأثيرات عالمية

دخلت الرسوم الجمركية البالغ نسبتها 25% على معظم واردات الصلب والألومنيوم إلى الولايات المتحدة حيز التنفيذ في مارس. وكان ترمب قد هدد لفترة وجيزة بفرض رسوم بنسبة 50% على الصلب الكندي، لكنه تراجع بعد ذلك.

وباستثناء الاتحاد الأوروبي، تعد الولايات المتحدة أكبر مستورد للصلب في العالم.

وتقول وزارة التجارة الأميركية إن إجمالي واردات البلاد من الصلب بلغت 26.2 مليون طن في عام 2024. ولذلك فمن المرجح أن تؤدي الرسوم الجمركية الجديدة إلى زيادة أسعار الصلب على نطاق واسع مما يؤثر سلباً على الصناعة والمستهلكين على حد سواء.

وقبل إعلان الرسوم، كان ترمب قال أمام حشد غفير من عمال الصلب: “صناعة الفولاذ مسألة أمن قومي، إذا لم يكن لدينا فولاذ، فلن يكون لدينا وطن، ولا يُمكنكم بناء جيش. ماذا سنفعل؟ لنقول: دعونا نذهب إلى الصين لنحصل على فولاذنا لصناعة دبابات الجيش والقوارب والسفن”. 

وأضاف “صناعة الصلب القوية ليست مجرد مسألة كرامة أو ازدهار أو فخر، بل هي قبل كل شيء مسألة أمن قومي”.

وقال فيليب جيبس، محلل الصلب في “كي بنك”، إن أسعار الصلب ارتفعت بنسبة 20% أو أكثر، حسب المنتج، منذ دخول الرسوم الجمركية الأصلية البالغة 25% حيز التنفيذ في مارس الماضي. وأضاف أن أسعار الألومنيوم ارتفعت أيضاً، ولكن ليس بنفس القدر. فقد ارتفعت أسعار الصلب الإجمالية بنسبة 6% فقط بين مارس وأبريل الماضيين، وفق مؤشر أسعار المنتجين الحكومي، بينما ارتفعت أسعار الألومنيوم بنسبة 2%.

في عام 2018، أعلن ترمب، خلال إدارته السابقة، رسوماً جمركية بنسبة 25% على الصلب، و10% على الألومنيوم، على الرغم من أنه رفعها في العام التالي على المكسيك وكندا.

في حين أن الاقتصاد الأميركي لم يعد يركز على التصنيع كما كان في السابق، إلا أنه لا يزال يستهلك عشرات الملايين من الأطنان من الصلب والألومنيوم سنوياً. وقد وجدت دراسات حول رسوم عام 2018 أنه مقابل كل وظيفة تم إنقاذها في صناعة الصلب، كانت هناك 75 وظيفة مفقودة في قطاعات أخرى من التصنيع بسبب ارتفاع تكاليف المدخلات.

شاركها.