درعا – محجوب الحشيش

يشكل الرصاص العشوائي الذي يطلق في المناسبات أو الخلافات العشائرية خطرًا على حياة السكان في محافظة درعا جنوبي سوريا، إذ أدى في بعض الأحيان إلى ضحايا.

وتجاوز خطره الحدود ليصل إلى بلدة الطرة الأردنية المحاذية لبلدة تل شهاب السورية، والتي قتل فيها مؤخرًا شاب جراء إطلاق رصاص عشوائي من الجانب السوري.

ورغم إصدار الحكومة السورية قرارًا بمنع استخدام السلاح في المناسبات والأماكن العامة، فإن ذلك لم يثنِ السكان عن استخدامه، وخاصة لدى فئة الشباب.

ضحايا من درعا

يمتنع بعض سكان درعا عن حضور المناسبات، مثل الأعراس أو نتائج الامتحانات، والتي يفترض أن يفرح فيها الأهالي، بسبب استخدام السلاح وإطلاق الرصاص بشكل عشوائي.

محمد الحشيش، من سكان بلدة تل شهاب، قال ل، إنه امتنع عن مشاركة أصدقائه وأقاربه المناسبات والأفراح بعد كثرة إطلاق الرصاص العشوائي فيها.

وأضاف أن من يستخدم السلاح هم من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عامًا، وليست لديهم خبرة في استخدامه، وبعضهم يطلق الرصاص بيد واحدة دون مراعاة حدوث أي خلل قد يؤدي إلى مقتل أو إصابة أشخاص بشكل عشوائي.

كما أن صوت الرصاص يشكل ضوضاء وترهيبًا للأطفال والنساء، وهو ظاهرة باتت تؤرق أغلب السكان.

وفي 31 من آب الماضي، قتل الشاب زكوان الأبازيد، من سكان درعا البلد، عشية صدور نتائج الثانوية العامة في سوريا.

زكوان كان يجلس على سطح منزله ليلًا، وبعد صعود أحد أفراد عائلته السطح وجده مقتولًا برصاصة عشوائية اخترقت جسده.

وفي ذات اليوم، قُتلت طفلة لم تتجاوز العشر سنوات في قرية نامر بريف درعا الشرقي، بسبب طلقة طائشة خلال الاحتفالات بصدور نتائج الثانوية العامة.

وكذلك أصيب طفل في مدينة طفس بعد صدور نتائج الإعدادية، في 7 من آب الماضي.

الشيخ فيصل أبازيد، أحد أقارب زكوان الأبازيد، قال ل، إن ما تعيشه المحافظة حاليًا هو فوضى أمنية تتطلب جهدًا حكوميًا ومجتمعيًا للحد من هذه الظاهرة.

في حين حمّل أحمد المحاميد، أحد وجهاء درعا البلد، المسؤولية للأمن الداخلي، قائلًا إنه لم يتخذ الإجراءات المناسبة للحد من الظاهرة.

المحاميد في حديثه إلى، طلب من الحكومة السورية تفعيل القوانين التي تجرم إطلاق النار عشوائيًا، وإصدار عقوبات رادعة بحق مرتكبيه.

واعتبر أن طبيعة السكان لا تجعل للنداءات المجتمعية أهمية بقدر خوفها من عقوبة التجريم في السجن، ومصادرة السلاح، ودفع دية الضحية.

الطرة الأردنية

بينما كان محمد حجازي يجلس على كرسي أمام منزله في بلدة الطرة الأردنية، استهدفته رصاصة طائشة مصدرها الجانب السوري، ما أدى إلى مقتله على الفور.

وتحاذي بلدة الطرة الأردنية من جهة الشمال بلدة تل شهاب الحدودية، التي تبعد ما يقارب كيلومترًا واحدًا عنها.

أحمد الجنايدة، مدرس متقاعد في بلدة الطرة الأردنية، قال ل، إن معظم سكان الحي الشمالي من البلدة يعيشون في “خطر دائم”، جراء إطلاق الرصاص الطائش من الجانب السوري، سواء ما يطلق في المناسبات مثل الأفراح، أو صدور نتائج امتحانات الطلبة، أو ما يحدث من مواجهات بين حرس الحدود والمهربين.

وأضاف أن اليوم الذي قتل فيه محمد حجازي، تزامن مع فرح في بلدة تل شهاب السورية أطلق من خلاله الرصاص لما يقارب العشر ساعات.

وفي حادثة سابقة، قال الجنايدة، إن زوجة أحد أصدقائه كانت تجلس على شرفة منزلها وأصيبت بطلقة طائشة في الكتف استدعت دخولها المستشفى، وإجراء عمل جراحي مع ضرر جزئي أصاب حركة اليد لديها.

الجنايدة دعا العقلاء من شيوخ عشائر وشيوخ دين ومثقفين في محافظة درعا لأخذ دورهم في منع إطلاق الرصاص في المناسبات، ووضع عقوبات مجتمعية تتمثل في مقاطعة من يرتكب هذا الفعل.

واعتبر أن المسؤولية في ضبط السلاح تقع على عاتق الدولة السورية، التي من المفترض أن تصدر تعميمات وعقوبات تحد من استخدام السلاح العشوائي.

الخلافات العشائرية

لم يقتصر إطلاق الرصاص في درعا على المناسبات، إنما شكلت الخلافات العشائرية مصدر قلق آخر للسكان إذ أصيب، في 15 من أيلول الحالي، ثلاثة مدنيين، بينهم سيدة مسنة، في مدينة طفس بريف درعا الغربي، بعد تجدد خلاف عشائري في المدينة، ما دفع الأمن الداخلي لتسيير أرتال إلى المدينة لفض الاشتباك وفرض حظر عام ليلًا في المدينة.

محمد الحشيش قال، إن الخلافات العشائرية لا يقتصر الأذى فيها على طرفي النزاع، إنما يمتد إلى المدنيين، إذ يستخدم السلاح بشكل عشوائي وفي بعض الأحيان تستخدم القنابل وقواذف “RPG”.

ويرى محمد أن الحل يكمن في نزع السلاح وحصره بيد الدولة وتجريم كل من يستخدمه، وكذلك تغليظ الدية على القاتل وإجباره على دفع التعويض عن الأضرار التي يسببها.

حملة لضبط السلاح

على خلفية تصاعد حالات القتل والإصابة جراء إطلاق الرصاص العشوائي، أعلنت قيادة الأمن الداخلي بدرعا في بيان لها، في 6 من أيلول الحالي، عن حملة لضبط السلاح المنتشر بشكل غير قانوني.

وبحسب البيان، يمنع حمل السلاح في الأماكن العامة، كما يمنع التباهي بالسلاح أو استخدامه في المناسبات والتجمعات، وبأي شكل من أشكال التهديد أو الابتزاز.

وتعهدت قيادة الأمن الداخلي باتخاذ “الإجراء القانوني الرادع” دون أي تهاون بحق كل من يُضبط مخالفًا لهذه التعليمات، حفاظًا على أمن المواطنين وصونًا لهيبة القانون.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.