أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، السبت، عن اعتقاده بأن علاقته بالملياردير إيلون ماسك “انتهت” بعد تصاعد الخلاف بينهما، وسط دعوات إلى “تهدئة ومصالحة”، فيما يعتقد بعض حلفاء الرئيس الأميركي، أن هناك فرصة للتوصل إلى “هدنة”، رغم أن العلاقات لن تكون كما كانت عليه، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”.
وحذّر الرئيس ترمب في مقابلة عبر الهاتف مع شبكة NBC News، من “عواقب وخيمة” في حال موّل ماسك مرشحين لخوض الانتخابات ضد الجمهوريين الذين صوّتوا لصالح مشروع قانون السياسة الداخلية للرئيس.
وأضاف ترمب، أنه لا يعتزم التحدث مع ماسك، واصفاً ملياردير التكنولوجيا بأنه “لا يحترم” منصب الرئيس. وعند سؤاله عما إذا كانت لديه أي رغبة في إصلاح علاقته مع ماسك، أجاب الرئيس: “كلا”.
مع ذلك، استبعدت صحيفة “نيويورك تايمز” أن يكون هذا هو القرار النهائي للرئيس في هذا الشأن، مشيرة، الأحد، إلى أنه على الرغم من قول الرئيس بشكل متكرر خلال الـ24 ساعة الماضية، إنه “لا يخصص أي وقت للتفكير في ماسك”، إلا أن ترمب تلقى العديد من المكالمات الهاتفية والأسئلة من الصحافيين التي شرح فيها علاقتهما.
وفي رحلة على متن طائرة الرئاسة المتجهة إلى نيوجيرسي، الجمعة، أمضى ترمب بعض الوقت في مقصورته وهو يشاهد تغطية قناة FOX News للخلاف مع ماسك، قبل أن يتوجه إلى المقصورة الخلفية للإجابة على أسئلة الصحافيين بشأن الأمر.
آراء متباينة ومحاولات للوساطة
وذكرت “نيويورك تايمز” أن ترمب طرح آراءً متباينة في محادثاته خلال الأيام القليلة الماضية. ففي بعضها، وصف ماسك بأنه “شخص مجنون”. وفي البعض الآخر، أعرب عن تعاطفه، كما لو كان ماسك “ابناً متمرداً”، لافتة إلى أن ترمب لديه تاريخ طويل من التصالح حتى مع أشد منتقديه.
وأخبر ترمب مساعديه بأن ماسك “فقد صوابه تحت تأثير المخدرات”، لكنه في أحيان أخرى قال إنه “يتمنى له الخير”، وبدا أنه ترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية المصالحة، كما لوّح أيضاً بالتهديد بإلغاء العقود التي أبرمتها شركات ماسك مع الحكومة الفيدرالية الأميركية.
وخلف الكواليس، حاول أشخاص مقربون من كلا الرجلين التوسط في الخلاف، وكانت هناك بعض علامات التهدئة، إذ حذف ماسك بعضاً من أبرز منشوراته على منصات التواصل الاجتماعي، وكان ترمب أكثر تحفظاً، وفقاً لمعاييره، في انتقاداته العلنية لماسك.
وقال مستشارون للرئيس ترمب، إنهم يعتقدون أن “العلاقة لن تعود إلى سابق عهدها مجدداً”؛ لكن البعض يتوقعون التوصل إلى “هدنة محتملة”، وإن كانت هدنة قائمة على تسيير المعاملات في علاقتهما، إذ يدرك كلا الرجلين قدرتهما على مساعدة وإلحاق الضرر ببعضهما البعض.
وأوضحت “نيويورك تايمز”، أن ترمب لديه القدرة على تعزيز أو عرقلة الأنشطة التجارية لماسك، وخاصة شركته “سبيس إكس” للصواريخ، التي تعتمد على العقود الفيدرالية.
وماسك لديه نفوذه الخاص في المقابل، إذ أتيحت له فرصة الاطلاع على عالم ترمب الخاص، وقد أعرب بعض مستشاري الرئيس عن قلقهم من إمكانية تحويل تلك الأسرار إلى أسلحة، بالنظر إلى أنه أكبر متبرع في الأروقة السياسية للحزب الجمهوري، وتعهد بالتبرع بمبلغ 100 مليون دولار للّجان الخارجية الداعمة لترمب، ويمتلك أقوى منصة تواصل اجتماعي (إكس).
وذكرت الصحيفة، أن ماسك، الذي ضخ ملايين الدولارات في حملة ترمب الانتخابية العام الماضي، قاد مشروعاً ضخماً لإعادة هيكلة الحكومة خلال الأشهر الأخيرة، وألغى آلاف الوظائف الفيدرالية قبل أن يعود إلى إدارة أعماله.
وتسببت معارضته لمشروع قانون الرئيس، التي عبّر عنها على منصات التواصل الاجتماعي، في نشوب الخلاف بين الرجلين، الخميس الماضي؛ لكنه حذف منذ ذلك الحين أبرز منشوراته ضد ترمب.
وأثار الملياردير الأميركي إيلون ماسك، جدلاً واسعاً بعد أن زعم أن إدارة ترمب كانت تمنع نشر معلومات عن جيفري إبستين المتهم بالاتجار في البشر، “لأن الملفات تورط الرئيس بطريقة ما”، الذي كان صديقاً لإبستين لسنوات قبل أن يختلف معه، دون أن يقدم ماسك أي دليل على هذا الادعاء.
دعوات للمصالحة
وأشارت صحيفة “فايننشال تايمز”، الأحد، إلى أن حلفاء الرئيس ترمب، وداعمه الملياردير إيلون ماسك، يحثونهما على إصلاح علاقتهما، في محاولة من الحد من الأضرار السياسية والتجارية الناجمة عن الخلاف المفاجئ.
ويهدد الخلاف بين الثنائي القوي، الذي حدث في الظاهر بسبب مشروع قانون الضرائب الذي وقعه الرئيس، بعرقلة الأجندة التشريعية للبيت الأبيض وتدمير التحالف الذي تحقق بصعوبة بين وادي السيليكون، وواشنطن، بحسب الصحيفة البريطانية.
ونقلت الصحيفة عن السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس تيد كروز، الذي كان في المكتب البيضاوي عندما انتقد ترمب ماسك، قوله، الجمعة: “إنه أمر مؤسف …آمل أن يعودا معاً. يشعر الكثير من المحافظين بأن هذا ليس جيداً، دعونا نتعانق ونتصالح”.
وبدا الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، الذي أمضى الخميس في شن المزيد من الهجمات على ترمب، منفتحاً على ما يبدو على تسوية، إذ رد بشكل إيجابي على مدير صندوق التحوط بيل أكمان، الذي حض الثنائي على “صنع السلام لصالح بلدنا العظيم”.
كما تسابقت الشخصيات في مجال التكنولوجيا، التي دعمت الإدارة الأميركية، على أمل أن تبشر بعصر من التخفيضات الضريبية وإلغاء الضوابط التنظيمية، لاحتواء الخلاف، مع “نجاح محدود” بحسب “فاينانشيال تايمز”.
وقال أحد ممولي وادي السيليكون، وأحد كبار المتبرعين للمرشحين الجمهوريين لصحيفة “فاينانشيال تايمز”: “إيلون لا يتلقى اتصالات من أي شخص. ليس من الأشخاص الذين استثمروا المليارات في شركاته… (رجال الأعمال في) الوادي يفقدون صوابهم”.
بدوره حض الملياردير تيم درابر، الذي استثمر في تسلا و”سبيس إكس”، ترمب وماسك على لم الشمل لإنقاذ وزارة “الكفاءة الحكومية”، وهي مبادرة حظيت بدعم الكثيرين في عالم التكنولوجيا ويعمل بها مديرون تنفيذيون في وادي السيليكون.
وقال دريبر لصحيفة” فاينانشال تايمز”: “يبدو أنهما يحرزان تقدماً جيداً معاً. نصيحتي: لا ترمي المولود مع ماء الاستحمام”، في إشارة إلى فقدان الشيء الثمين أثناء التخلص من الأمور غير المرغوب فيها.
ويخشى حلفاء ماسك المتحالفون مع ترمب، من أن العديد من شخصيات وادي السيليكون الذين تبعوه إلى الحكومة ربما يجدون أن مناصبهم في خطر.
وقال أحد الأشخاص المقربين من الإدارة الأميركية، إن سحب ترمب ترشيح رجل الأعمال جاريد إيزاكمان لرئاسة وكالة “ناسا”، وهو صديق لماسك، كان بداية “تطهير” متوقع.