اخر الاخبار

رغم تفاهمات دمشق- “قسد”.. عزلة ومعاناة مستمرة بتل أبيض ورأس العين

– رأس العين

تستمر معاناة مدينتي تل أبيض ورأس العين من أوضاع معيشية وإنسانية صعبة، في عزلة جغرافية يعيشها الأهالي منذ 2019، رغم الاتفاق الأخير بين الحكومة السورية و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، في 10 من آذار الماضي، الذي شمل دمج القوات الكردية في الجيش السوري وتوحيد الجهود الأمنية في شمال شرقي سوريا.

رغم انسحاب “قسد” من داخل تل أبيض ورأس العين في عام 2019، عقب عملية “نبع السلام”، لا تزال تسيطر على الطرق الرئيسة المؤدية من الحسكة والرقة إلى المدينتين، وتفرض حصارًا عليهما، ما يعوق حركة المدنيين والبضائع، ويزيد من معاناة السكان.

تقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتخضعان لسيطرة مباشرة للجيش التركي و”الجيش الوطني السوري”، وتحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذهما الوحيد نحو الخارج.

لا تغيير على أرض الواقع

بعد الاتفاق الأخير، كان يأمل مصطفى العدوي بفتح الطرق بين منطقة تل أبيض والمحافظات السورية، على أمل تلقي العلاج في المستشفيات هناك، لكن الوضع لم يتغير، إنما زاد الحصار والتشديد من قبل “قسد” على المنطقة.

مصطفى، خمسيني من قرية مشرفة الشيخ في تل أبيض، يعاني من مشكلة صحية في قلبه ويحتاج إلى تركيب شبكة لتحسين حالته.

عام 2024، جرى تحويله إلى تركيا لإجراء العملية، لكنها لم تنجح فعاد إلى تل أبيض آملًا في إجراء العملية بدمشق.

وذكر مصطفى ل أن الطبيب أخبره أن إجراء العملية يجب أن يتم خلال شهر، وفي أقصى تقدير خلال ثلاثة أشهر، وإلا ستتدهور حالته الصحية وتشكل خطرًا على حياته.

وفق رصد، تعاني تل أبيض ورأس العين من نقص كبير في الأدوية وقلة الأطباء، بالإضافة إلى غياب فرص العمل، ويعود ذلك إلى المساحة الصغيرة التي لا تتجاوز 120 كيلومترًا طولًا و30 كيلومترًا عرضًا، ما يجعل الوصول إلى الاحتياجات الضرورية أمرًا خطرًا ومعقدًا.

أما العشريني عدي العزوز، من بلدة سلوك بريف تل أبيض، فحصل على شهادة الثانوية العامة بتقدير ممتاز عام 2023، وبعد اعتراف الحكومة السورية بالشهادات الثانوية الصادرة من المنطقة، قرر أن يسجل في جامعة “حلب” لإكمال تعليمه الجامعي.

رغم الاتفاق بين دمشق و”قسد”، لم يتمكن عدي من الخروج من بلدة سلوك للتسجيل في الجامعة بسبب الحصار وخوفًا من الاعتقال.

قال الشاب ل، إن الطريقة الوحيدة للوصول إلى المحافظات السورية هي عبر “التهريب”، بتكلفة تصل إلى 200 دولار أمريكي (مليونا ليرة سورية) للشخص، وهو مبلغ يصعب عليه تأمينه نظرًا إلى أنه من ذوي الدخل المحدود، ويعمل بأجر لا يتجاوز 80 ألف ليرة سورية يوميًا.

وأشار إلى أن الطلاب المقتدرين فقط هم من يستطيعون التوجه إلى المحافظات السورية، لأن أوضاعهم المالية ميسورة مقارنة بالبقية.

اتفاق دمشق – “قسد”

اتفق الرئيس السوري، أحمد الشرع، وقائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، في 10 من آذار 2025 على:

  • ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة بالعملية السياسية وبجميع مؤسسات الدولة بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية.

  • المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وجميع حقوقه الدستورية.

  • وقف إطلاق النار على جميع الأراضي السورية.

  • دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.

  • ضمان عودة جميع المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، وتأمين حمايتهم من الدولة السورية.

  • دعم الدولة السورية في مكافحتها فلول الأسد، وجميع التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها

  • رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين جميع مكونات المجتمع السوري.

  • تسعى اللجان التنفيذية إلى تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية عام 2025.

الاشتباكات لم تتوقف

منذ سقوط النظام السوري السابق، لم تنقطع الاشتباكات بين “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) من جهة أخرى، حيث تستمر باستخدام الأسلحة المتوسطة، بالإضافة إلى المدفعية والطائرات المسيّرة التركية.

الخمسيني علي الحماد، من قرية المباركية شرقي رأس العين، لم يتمكن من زراعة أرضه الزراعية منذ عام 2019، بسبب القصف المستمر والاشتباكات التي لم تتوقف بين “الجيش الوطني” و”قسد”.

حاول علي زراعة أرضه في عام 2020، لكنه تعرض لاستهداف مباشر من قبل “قسد”، ما أدى إلى إصابة ابنه في كتفه، ولم يتمكن حينها من مغادرة الأرض إلا بعد تدخل الجيش التركي الذي أرسل مدرعة لإجلائهم، وتم نقل ابنه إلى تركيا لتلقي العلاج.

وقال علي ل، إنه اضطر للبحث عن مصدر دخل بديل، فأنشأ “بسطة” لبيع المحروقات في قريته لتوفير احتياجات أسرته.

وأشار إلى أن الوضع في قريته لم يتغير بعد الاتفاق بين دمشق و”قسد”، حيث استمرت أصوات الاشتباكات وعمليات التسلل اليومية من قبل “قسد” إلى قريته.

اعتقالات وتغييب في السجون

أحد العاملين في “التهريب” بين مدينتي رأس العين وتل أبيض إلى المحافظات السورية، قال ل، إن “قسد” شددت الحصار على المنطقة، بعد سقوط النظام السوري، في 8 من كانون الأول 2024.

وأوضح أن “قسد” اعتقلت عشرات الأشخاص، خاصة من أبناء المنطقة، الذين حاولوا العبور إلى المحافظات السورية عبر طرق “التهريب”، ورغم دفع ذويهم مبالغ طائلة، فإنهم لم يتلقوا أي معلومات عن مصيرهم.

وأضاف أن “قسد” تسمح فقط بعبور العائلات المهجرة والراغبين في العودة إلى مناطقهم الأصلية من خلال طرق “التهريب”.

وأشار إلى أن غالبية الأشخاص الذين اعتقلتهم “قسد” هم من أبناء المنطقة الذين حاولوا الدخول إلى المحافظات السورية بحجة التعامل مع تركيا و”الجيش الوطني”.

تواصلت مع العلاقات العامة في الحكومة السورية للحصول على توضيحات حول وجود إجراءات بخصوص مدينتي تل أبيض ورأس العين، من فتح طرقات، أو تسهيل مرور الأهالي، أو تسهيل دخول وخروج البضائع إلى المدينتين، لكنها لم تتلقّ ردًا حتى لحظة نشر هذا التقرير.

ويعتمد سكان المدينتين بشكل رئيس على قطاع الزراعة كمصدر رئيس للعيش، وتعد الليرة السورية العملة الأساسية المتداولة في المدينتين، لكن الواقع الاقتصادي المضطرب والحصار قد أرهق الأهالي، ما جعل تأمين احتياجاتهم اليومية أمرًا بالغ الصعوبة.

أما الليرة التركية، ورغم أنها ليست متداولة بشكل واسع، فهي العملة الثانية بسبب قرب المدينتين من الحدود التركية، بينما يحتل الدولار الأمريكي المرتبة الثالثة.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *