قوبل توقيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إعلان مشترك لـ”الاعتراف المتبادل” مع رئيس أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله، برفض عربي، وإسلامي، وإفريقي، وسط تأكيد على سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه.
وأكدت الحكومة الصومالية، في بيان، “التزامها المطلق وغير القابل للتفاوض بسيادة الصومال، ووحدته الوطنية، وسلامة أراضيه”، مشيرة إلى أنها ترفض بشكل قاطع وواضح ما وصفته بـ”الاعتداء المتعمد على سيادتها”، و”الخطوة غير القانونية التي اتخذتها إسرائيل بزعم الاعتراف بالمنطقة الشمالية من الصومال”، مؤكدة أن إقليم أرض الصومال “جزء لا يتجزأ وغير قابل للانفصال من أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية ذات السيادة”.
وشددت على أن الصومال “دولة واحدة ذات سيادة”، وأنه “لا يحق لأي طرف خارجي تغيير وحدتها أو تكوينها الإقليمي”، معتبرة أن “أي إعلان أو اعتراف أو ترتيب يسعى إلى تقويض هذه الحقيقة باطل ولاغٍ ولا يترتب عليه أي أثر قانوني أو سياسي بموجب القانون الدولي”.
وأعربت وزارة الخارجية السعودية عن تأكيد المملكة لدعمها الكامل لسيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيها، وتعبر عن رفضها لإعلان الاعتراف المتبادل بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي وإقليم أرض الصومال، باعتباره يكرس “إجراءات أحادية انفصالية تخالف القانون الدولي”.
وذكرت وزارة الخارجية في بيان أن “المملكة تؤكد رفضها لأي محاولات لفرض كيانات موازية تتعارض مع وحدة الصومال، لتؤكد دعمها لمؤسسات الدولة الصومالية الشرعية، وحرصها على الحفاظ على استقرار الصومال وشعبه”.
رفض وإدانة مصرية تركية جيبوتية
من جهتها، قالت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقى اتصالات هاتفية من نظرائه في الصومال، وتركيا، وجيبوتي، حيث أكدوا جميعاً على الرفض التام وإدانة اعتراف اسرائيل بإقليم “أرض الصومال”.
وذكرت الخارجية المصرية، في بيان، أن عبد العاطي تلقى اتصالات هاتفية من نظرائه في الصومال، وتركيا، وجيبوتي، لمناقشة “التطورات الخطيرة الأخيرة في منطقة القرن الإفريقي”.
وشدد الوزراء على “الدعم الكامل لوحدة، وسيادة، وسلامة الأراضي الصومالية، والرفض الكامل لأي إجراءات أحادية من شأنها المساس بالسيادة الصومالية أو تقويض أسس الاستقرار في البلاد”.
كما أكد وزراء الخارجية على “دعم مؤسسات الدولة الصومالية الشرعية، ورفض أي محاولات لفرض كيانات موازية تتعارض مع وحدة الدولة الصومالية”.
وأوضحوا أنه جرى خلال الاتصالات التأكيد على أن “الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول يعد سابقة خطيرة وتهديداً للسلم والأمن الدوليين وللمبادئ المستقرة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.
واعتبر الوزراء أن احترام وحدة، وسيادة، وسلامة أراضي الدول “يمثل ركيزة أساسية لاستقرار النظام الدولي ولا يجوز المساس به أو الالتفاف عليه تحت أي ذريعة”، كما شددوا على رفض “أي محاولات لفرض واقع جديد أو إنشاء كيانات موازية تتعارض مع الشرعية الدولية وتقوض فرص تحقيق الأمن والاستقرار”.
كما أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بأشد العبارات اعتراف إسرائيل بأرض الصومال كدولة مستقلة.
وأكد أبو الغيط، في بيان، رفض الخطوة الإسرائيلية باعتبارها “انتهاكاً صريحاً لقواعد القانون الدولي”، كما وصفه بأنه “اعتداء على سيادة دولة عربية بهدف تقويض استقرار المنطقة”.
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، عن إدانته واستنكاره لإعلان إسرائيل الاعتراف بإقليم أرض الصومال، مؤكداً أن هذا الإجراء تجاوز خطير لمبادئ القانون الدولي، وانتهاك صريح لسيادة الصومال ووحدة أراضيه.
وقال البديوي، في بيان، إن هذا الاعتراف يمثل سابقة خطيرة من شأنها تقويض ركائز الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، وفتح الباب أمام مزيد من التوترات والنزاعات، بما يتعارض مع الجهود الإقليمية والدولية لتعزيز الأمن والسلم الدوليين في المنطقة.
وشدد البديوي على وقوف دول المجلس مع الصومال “في كل ما من شأنه أن يدعم أمنه، واستقراره، وسيادته، ووحدة أراضيه”.
كما أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، محمود علي يوسف، رفض الاتحاد لأي اعتراف بإقليم “أرض الصومال”، مؤكداً “التزام الاتحاد الثابت بوحدة، وسيادة الصومال”.
وشدد يوسف، في منشور عبر منصة “إكس”، الجمعة، على أن “إقليم أرض الصومال جزء لا يتجزأ من جمهورية الصومال”، مشيراً إلى أن “أي محاولة لتقويض وحدة الصومال تنذر بتداعيات خطيرة على السلام، والاستقرار بالقارة”.
إسرائيل وأرض الصومال.. اعتراف متبادل
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن، الجمعة، أن إسرائيل تعترف بأرض الصومال، المنطقة المنفصلة عن الصومال، “دولة مستقلة ذات سيادة”، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتي “بروح اتفاقيات أبراهام التي وُقعت بمبادرة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب”.
وذكر نتنياهو، في بيان، على منصة “إكس” أن إسرائيل تخطط لتوسيع علاقاتها مع أرض الصومال “من خلال تعاون واسع في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد”.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة “إكس” إن الاتفاقية تشمل أيضاً “إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بما يتضمن فتح سفارات وتعيين سفراء”، مضيفاً: “وجهت وزارتي بالتحرك الفوري لإضفاء الطابع المؤسسي على العلاقات بين البلدين في مجموعة واسعة من المجالات”.
“جمهورية أرض الصومال”
وتقع أرض الصومال في موقع استراتيجي بالقرن الإفريقي، ويحدها خليج عدن من الشمال وتشترك في حدودها مع جيبوتي في الغرب وإثيوبيا في الجنوب، وتبلغ مساحتها أكثر من 176 ألف كيلومتر مربع، مع خط ساحلي يمتد حتى 800 كيلومتر على طول البحر الأحمر.
ونالت “أرض الصومال” استقلالها عن بريطانيا في عام 1960، قبل أيام قليلة من حصول بقية الصومال، الذي كان تحت الإدارة الإيطالية، على استقلاله.
واعترفت حينها عشرات الدول بأرض الصومال، قبل أن تدخل في اتحاد مع الصومال، لكن اتهامات بتهميش المناطق الشمالية دفعت ساسة أرض الصومال إلى محاولات للتمرد على مقديشو.
وتطورت هذه المحاولات إلى حرب أهلية في أواخر الثمانينيات، مع قيام جيش الرئيس الصومالي السابق محمد سياد بري بقصف منطقة هرجيسا، عاصمة أرض الصومال، وسقط خلالها عشرات الآلاف من الأشخاص.
وعقب الحرب الأهلية، وما تلاها من الإطاحة بحكومة البلاد في بداية عام 1991، تمكنت مجموعة “الحركة الوطنية الصومالية” المعارضة من تأمين المناطق التي تُشكل ما كان يعرف سابقاً بالصومال البريطاني، ثم في مايو 1991 أعلنت هذه المجموعة من طرف واحد أن النظام الفيدرالي لم يعد سارياً، وأن الإقليم بات دولة مستقلة، تعرف بـ”جمهورية أرض الصومال”.
