ركود بسوق الدراجات النارية في تل أبيض ورأس العين

لم يسهم انخفاض أسعار الدراجات النارية وتوفر إمكانية شرائها بالتقسيط بتحفيز حركة البيع في مدينتي رأس العين وتل أبيض، إذ يسود ركود في الأسواق، وسط تراجع في الطلب على هذا النوع من المركبات.
وبحسب أصحاب معارض للدراجات النارية، شهدت الأسعار تراجعًا ملحوظًا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إذ انخفض سعر دراجة “البارت” من 515 إلى 430 دولارًا أمريكيًا، و”الجيلانك” من 800 إلى 650 دولارًا، بينما تراجعت دراجة “البيتي هوندا” من 700 إلى 530 دولارًا للدراجات الجديدة.
أما أسعار الدراجات المستعملة، فقد انخفضت بنسبة تصل إلى 50% لمختلف الأنواع، وسط تقديم عروض تقسيط مغرية تشمل دفعة أولى منخفضة وأقساطًا مريحة تمتد لأشهر.
أوضاع اقتصادية متردية
تؤثر الأوضاع الاقتصادية المتردية في تل أبيض ورأس العين على المبيعات، حيث يقتصر اعتماد السكان على الزراعة كمصدر رئيس للدخل، مما يحد من تنوع فرص العمل، إضافة إلى أن ضعف البنية التحتية والخدمات يعوق جذب الاستثمارات، ما يفاقم من تراجع القدرة الشرائية ويحد من الإقبال على الدراجات النارية وغيرها من المنتجات.
وترتبط عمليات شراء وبيع الآليات والدراجات النارية في رأس العين بالموسم الزراعي، وعادة ما يشتري السكان ما يحتاجون إليه من دراجات وآليات لتلبية احتياجاتهم اليومية.
وبسبب الجفاف وتضرر غالبية المحاصيل هذا العام، شهدت الأسواق حالة من الجمود والركود العام، خاصة في قطاع شراء الدراجات النارية التي يعتمد عليها أكثر من 75% من السكان كوسيلة أساسية للتنقل.
كان الأربعيني علي العرداة من قرية العيساوي في تل أبي، يأمل بشراء دراجة نارية جديدة هذا العام، لتعوّضه عن الدراجة المتعطلة لديه، وتساعده في الوصول إلى أرضه المزروعة بالشعير.
تكبد علي خسائر وصلت إلى 25 مليون ليرة سورية، لأن الموسم الزراعي فشل بسبب الجفاف، ما اضطره إلى تأجيل شراء الدراجة النارية إلى ما بعد موسم القطن، آملًا أن يكون موسمًا جيدًا يمكّنه من شراء الدراجة وسداد جزء من ديونه.
ولم يكن انخفاض أسعار الدراجات النارية كافيًا ليمنح الشاب الثلاثيني علاء عز الدين من ريف رأس العين، فرصة امتلاك واحدة.
ورغم حاجته الماسّة لها للتنقل اليومي بين بيته ومكان عمله كحارس ليلي، لم يستطع شراء دراجة، كون راتبه لا يتعدى 850 ألف ليرة سورية.
ولم يجد علاء سوى إصلاح دراجة معطلة كانت موجودة في منزل عائلته، بمبلغ 450 ألف ليرة سورية.
وذكر أنه على الرغم من انخفاض الأسعار ووجود عروض تقسيط مريحة من قبل أصحاب معارض الدراجات النارية، فإنه لا يملك القدرة على شرائها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

ركود في سوق الدراجات النارية رغم العروض والتخفيضات – 6 أيار 2025 ()
المعارض تغلق أبوابها
مورد الدراجات النارية لتل أبيض ورأس العين، هلال العباس، قال ل، إن هذه التجارة أصبحت غير مجدية ماديًا، وذلك بسبب حالة الركود التي أصابت المنطقة.
وأوضح أنه قبل نحو عامين، كان يورّد يوميًا عبر طرق “التهريب” من الرقة والحسكة أكثر من 50 دراجة، لكن هذا العدد انخفض حاليًا إلى نحو عشر دراجات فقط لكلا المدينتين.
وأضاف أن حالة الركود هذه تسببت في انخفاض عدد معارض الدراجات النارية، إذ لم يتبقَ في تل أبيض سوى معرضين، وفي رأس العين معرض واحد فقط، وتعرض جميعها عددًا محدودًا من الدراجات.
وأشار إلى أن الغالبية من السكان باتوا يتجهون إلى صيانة دراجاتهم القديمة، بغض النظر عن حالتها المتدهورة، واستبدال القطع الضرورية فقط بدلاً من التفكير في شراء دراجات جديدة، وذلك على الرغم من العروض المغرية التي قدمها بالتعاون مع أصحاب المعارض، والتي لم تجد أي إقبال.
صيانة نشطة
في المقابل، شهدت محال صيانة الدراجات إقبالًا كون تكاليف الصيانة أقل من شراء دراجة جديدة.
صاحب محل لصيانة الدراجات النارية في رأس العين، حسناوي مراد، قال ل، إن غالبية سكان مدينة رأس العين يتجهون لصيانة دراجاتهم النارية، وذلك بسبب قلة تكاليفها مقارنة بالدراجات الجديدة.
وأوضح أن صيانة دراجة نارية بشكل كامل لا تتعدى 600 ألف ليرة سورية، بينما سعر الدراجة الجديدة، رغم انخفاضه، يتعدى حاجز الأربعة ملايين ليرة سورية.
وأضاف أنه قبل الحصار الذي فُرض على المنطقة والجفاف، كان عمل محال صيانة الدراجات النارية يعتمد بشكل أساسي على الزينة وتجميل الدراجات، بخلاف الوضع الحالي حيث تقتصر الصيانة على الأساسيات فقط.
وذكر أنه يستقبل يوميًا ما يقارب 15 شخصًا لصيانة دراجاتهم بالدّين أو على الراتب، رغم أن بعض الدراجات لم تعد تتحمل حتى الصيانة الأساسية.
وتعيش مدينتا تل أبيض ورأس العين أوضاعًا اقتصادية ومعيشية صعبة تتأثر بشكل كبير بمردود موسم الزراعة، إذ تعتبر الزراعة وتربية المواشي من المهن الأساسية التي يعتمد عليها أغلب السكان وتشكل مصدرًا رئيسًا لدخلهم.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي