رمضان في عمان: أجواء روحانية وتقاليد عريقة تعكس قيم التضامن والتراحم

وطن يُعد شهر رمضان في سلطنة عمان مناسبة مميزة تتجسد فيها معاني الإيمان والتراحم والتواصل الاجتماعي. فهو ليس مجرد شهر للصيام، بل يمثل فترة تزدهر فيها العبادات والتكافل الاجتماعي، وتُعاد فيها إحياء العادات والتقاليد المتوارثة التي تمنح الشهر طابعًا خاصًا لدى العمانيين.
الإقبال على العبادة وأجواء التآخي
مع اقتراب شهر رمضان، يترقب العمانيون إعلان رؤية الهلال من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، حيث ينتظر الجميع لحظة الإعلان الرسمي التي تعلن بداية الشهر المبارك. ومع ثبوت رؤية الهلال، يتجه المواطنون إلى المساجد لأداء صلاة العشاء والتراويح، وسط أجواء روحانية يملؤها الفرح والسكينة.

ويتميز رمضان في عمان بالإقبال الكبير على تلاوة القرآن الكريم، حيث تعج المساجد بحلقات الذكر والتفسير بعد صلاتي الفجر والمغرب. كما تحرص الأسر العمانية على استقبال الشهر الكريم بزيارة الأقارب وتعزيز صلة الرحم قبل بدايته بيومين أو ثلاثة، في تقليد يعكس قيمة التلاحم العائلي والمجتمعي.
الإفطار الجماعي والتقاليد الغذائية
يُعد الإفطار الجماعي من أبرز العادات التي تميز رمضان في عمان، حيث تتجمع العائلات في بيت الأكبر سنًا لمشاركة وجبة الإفطار، كما تنتشر موائد الرحمن في المساجد والميادين العامة لإطعام الصائمين.
يفضل العمانيون بدء إفطارهم بالماء والتمر أو اللبن، اقتداءً بالسنة النبوية، إلى جانب مجموعة من الأطباق التقليدية التي تتوارثها الأجيال، مثل:
- الخبيسة: حلوى عمانية رمضانية مكونة من الطحين والتمر والهيل.
- المسَنف: خبز عماني محشو باللحم أو السمك، يُقدم عادة خلال وجبة الإفطار.
- الأرز واللحم: وجبة رئيسية تتنوع طرق تحضيرها حسب المناطق المختلفة في السلطنة.
احتفالات الأطفال بـ”قرنقشوه”
من التقاليد المحببة لدى الأطفال في منتصف رمضان احتفالية “قرنقشوه”، وهي مناسبة تشبه “القرقيعان” في دول الخليج الأخرى. يجتمع الأطفال مرتدين أزياء تقليدية ويحملون أكياسًا ملونة، يجولون في الأحياء مرددين أهازيج شعبية مقابل الحصول على الحلوى والهدايا، في عادة تراثية تهدف إلى إدخال البهجة على الصغار.


التسوق في أسواق “الحَبَات” الرمضانية
مع اقتراب عيد الفطر، تنتعش الأسواق الشعبية المعروفة بـ**”حَبَات”**، وهي أسواق مؤقتة تُقام في مختلف المدن العمانية، وتختص ببيع المنتجات الرمضانية ولوازم العيد من ملابس وحلويات وبخور وهدايا. تتميز هذه الأسواق بأجوائها الاحتفالية، حيث يتوافد إليها المواطنون لشراء مستلزماتهم وسط أجواء اجتماعية ممتعة.
إحياء الليالي الرمضانية والأنشطة الدينية
في العشر الأواخر من رمضان، تزداد الأنشطة الدينية، حيث يحرص العديد من العمانيين على الاعتكاف في المساجد، كما تقام مراسم “التُمينة”، وهي احتفالية تُنظم لتكريم الأطفال الذين أتموا حفظ أجزاء من القرآن الكريم خلال الشهر المبارك.
رمضان في عمان: روحانية وأصالة
يمثل شهر رمضان في عمان مزيجًا من القيم الدينية والعادات التراثية، حيث تتجلى فيه معاني الإخاء والتسامح والعطاء. وبينما يحرص العمانيون على إحياء العبادات وتعزيز الروابط الاجتماعية، يظل رمضان مناسبة خاصة تحافظ فيها السلطنة على أصالتها وتقاليدها العريقة.