تحولت المركبات غير المأهولة، التي تضم الطائرات والسفن البحرية والغواصات والمركبات الأرضية المسيرة، من مجرد أداة للرصد والاستطلاع إلى سلاح أساسي، وسمة تميز الحروب الحديثة، بداية من المراقبة وليس انتهاءً بشن الضربات القاتلة التي تكبد خسائر مادية وبشرية هائلة.

وبحسب وصف المحلل البريطاني للشؤون الأمنية والاستراتيجية، أوليفر ستيوارد، فإن خطورة المركبات غير المأهولة تشكل “كابوساً” يثير الرعب بين الجيوش، في ظل عدم وجود دفاعات يمكن إيقافها بشكل كامل حتى الآن.

وقال ستيوارد لـ”الشرق”، إنه لا يمكن لسفينة عسكرية مزودة بأفضل الأسلحة في العالم النجاة من هجوم تنفذه شبكة مترابطة من الطائرات المسيرة، إذ لا يوجد حتى الآن “سلاح رادع” لإيقاف تلك الهجمات.

وحذر ستيوارد، من إمكانية أن يزداد الوضع سوءاً إذا قررت “دولة مارقة” أو “جماعة إرهابية” استخدام طائرات مسيرة وتسليحها بـ”قنابل قذرة”، أي تلك التي تحتوي على مواد كيمائية أو بيولوجية، يمكن أن تحدث أضراراَ كبيرة.

وأحدثت الطائرات المسيرة نقلة نوعية في أساليب إدارة الحروب، ليس فقط لقدرتها على شن هجمات فتاكة، بل أيضاً لأنها يصعب مواجهتها والدفاع ضدها.

وتُزيل الطائرات المسيرة الحدود التقليدية للمخاطر التي تُشكلها على المهاجم، فعلى عكس الطائرات المأهولة، يُمكن إرسال الطائرات المسيرة إلى المجال الجوي المعادي دون تعريض الطيار للخطر، ما يسمح للقادة بنشرها بجرأة.

وقالت المحللة الأمنية الأميركية إيرينا تسوكرمان لـ”الشرق”، إن حجم الطائرات المسيرة الصغير، وضعف بصمتها الرادارية يُصعّب اكتشافها واعتراضها، خاصةً عند استخدامها في أسراب.

وأدى انخفاض تكلفة المسيرات ومرونتها وقدرتها على العمل دون تعريض الطيارين للخطر، إلى جعلها ذات قيمة متزايدة في الصراعات العسكرية التقليدية، بل إنها تتمتع بالقدرة على تعزيز الردع النووي، ولكنها تفرض أيضاً مخاطر كبيرة من حيث السيطرة على التصعيد ومبدأ “الضربة الأولى”.

وأدى التأثير الكبير للطائرات المسيرة في الحروب الحديثة، إلى البحث عن حلول رادعة، في ظل عدم وجود منصة دفاعية يمكنها وقف تهديد الطائرات المسيرة بشكل كامل.

“الروبوت الأول”

يُعرف جون روزماندو الخبير الأميركي في شؤون الأمن القومي، الطائرات المسيرة بأنها آلة طيران بدون طيار يمكن توجيهها إلى الهدف باستخدام جهاز تحكم، أو بدون، عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وأشار في تصريحات لـ”الشرق”، إلى أنه يمكن لتلك الطائرات ربطها معا للعمل كجزء من سرب لسحق دفاعات العدو.

فيما أوضح ستيوارد، أن العالم شهد للمرة الأولى استخدام “روبوت أرضي” يتم التحكم فيه عن بعد خلال الحرب العالمية الثانية.

واستخدمت ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، مركبة Goliath المسيرة عن بعد، وسلحتها بقنابل للانفجار في قوات العدو، واستخدمتها لاحقاً الولايات المتحدة بحربها في أفغانستان، خاصة في مراقبة تحركات حركة طالبان، ومن بعدها في العراق.

وقال الكاتب الصحافي والمحلل التكنولوجي البريطاني، ديفيد هامبلينج، إن المركبات غير المأهولة وفرت للمرة الأولى “دقة هائلة”، أي أنه يمكن تنفيذ ضربات دقيقة للغاية بأعداد كبيرة وتكلفة منخفضة.

وأضاف في تصريحات لـ”الشرق”، أن هذه القدرة مثلت تحولاً حقيقياً عن الصواريخ باهظة الثمن والمعقدة التي لا تُشترى إلا بأعداد قليلة، مشيراً إلى أن تلك القدرة تعاظم دورها في ساحة المعركة بأوكرانيا، وتتيح طائرات منظور الشخص الأول FPV المسيرة استهداف كل جندي وآلة عسكرية بطائرة مسيرة موجهة.

أنواع الطائرات المسيرة

تختلف أنواع الطائرات المسيرة حسب مجال الاستخدام، والقدرات، والتصميم، فهناك طائرات مسيرة تُستخدم لأغراض المراقبة، وأخرى لمراقبة للأرصاد الجوية الطقس، ومكافحة الحرائق، والتصوير، وخدمات التوصيل، وبات شائعاً اليوم أن الطائرات المسيرة أصبحت تستخدم على نطاق واسع للأغراض العسكرية، كاستغلالها في التدريب على إسقاط الأهداف الجوية، وجمع المعلومات الاستخباراتية، أو استخدامها كأسلحة هجومية أو انتحارية.

وتختلف قدرات كل طائرة مسيرة عن غيرها بناء على مجال استخدامها، فعلى سبيل المثال، تستخدم طائرات الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية كاميرات ذات جودة عالية، ويمكن دعم الطائرة نفسها بتقنية الذكاء الاصطناعي الذي يمكّنها من متابعة أهداف محددة، فضلاً عن مدة تحليق كل طائرة في الجو، وأقصى سرعة وارتفاع يمكن أن تصل له الطائرة، وأقصى مدى لها.

أما من حيث التصميم، فهناك تصميمان رئيسيان للطائرات المسيرة، النوع الأول هو الطائرات أحادية ومتعددة المراوح، مثل طائرات الترايكوبتر (tricopter) ثلاثية المراوح، والكوادكوبتر (quadcopter)رباعية المراوح، والهيكساكوبتر (hexacopter) سداسية المراوح، والأوكتوكوبتر (octocoptor) ثمانية المراوح.

أما النوع الثاني فيشمل الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، بما في ذلك طائرات الإقلاع والهبوط العمودي (VTOL) والتي لا تحتاج مدرجاً لإطلاقها.

 عملية شبكة العنكبوت

وأكد روزماندو، أنه بالرغم من صغر حجم الطائرات المسيرة يمكنها إحداث تأثير بالغ في ساحة المعركة، لافتاً إلى أن الجيوش لا تزال في المراحل الأولى من تطوير تكتيكات لمكافحة الطائرات المسيرة، وأوضح أنه ثبتت صعوبة التصدي لها في أوكرانيا، وقد أحدثت تغييراً جذرياً في ساحة المعركة.

وقد تكون عملية “شبكة العنكبوت” التي نفذتها الاستخبارات الأوكرانية ضد عدة قواعد روسية، دليلاً بارزاً على قدرة الطائرات المسيرة في الحروب الحديثة، إذ تمكنت 117 طائرة هجومية مسيرة من استهداف مطارات في عمق الأراضي الروسية.

وقالت أوكرانيا، إنها ضربت 41 طائرة روسية مأهولة بطائرات مسيرة، بما في ذلك ثلث القاذفات التي تستخدمها روسيا كحاملات صواريخ كروز استراتيجية، ويعتقد الخبراء أن هذا قد يؤثر سلباً على قدرة روسيا على مواصلة إطلاق صواريخ كروز ضد أهداف أوكرانية.

وساعد إنتاج طائرات هجومية مسيرة أحادية الاتجاه بأحجام ومدى مختلف، بسرعة ونطاق واسع، في أن تحافظ أوكرانيا على نوع من التفوق العسكري ضد روسيا، وذلك وفقاً لمجلس العلاقات الخارجية الأميركي CFR.

ويُسبب استخدام طائرات الهجوم المسيرة قصيرة المدى وطائرات FPV الآن ما يصل إلى 80% من الخسائر على خطوط المواجهة، ما يُمكّن أوكرانيا من منافسة القوات الروسية الأكبر حجماً، ويوفر خيارات إضافية لتوليد القوة النارية.

حرب المركبات غير المأهولة

وأكدت المحللة الأميركية للشؤون الأمنية، إيرينا تسوكرمان، أنه لا يمكن إغفال البعد النفسي لحرب المركبات غير المأهولة، الذي لا يقل تأثيراً عن الدمار المادي، مشيرة إلى أن انتشار الطائرات المسيرة التي تُحلق أو تُطلق في السماء يُولد جواً مُستمراً من الخوف وعدم اليقين.

وتُعاني القوات الخاضعة للمراقبة المُستمرة للطائرات المسيرة أو المُهددة بضربات دقيقة من ضغوط مُزمنة، ما يُضعف معنوياتها وفعاليتها القتالية، وذلك وفقاً لتسوكرمان.

فيما أكد ستيوارد، أنه في حالة تعرض جندي ما في ميدان المعركة للملاحقة من طائرة مسيرة فإنه لا سبيل للنجاة سوى تدميرها بأساليب بدائية مثل إطلاق النار بسلاح ناري نحوها، أو الهرب في خندق عميق لا يمكن للطائرة المسيرة الوصول إليه.

التصدي للطائرات المسيرة

وأكد هامبلينج، أنه في أوكرانيا، تسبب الطائرات المسيرة الصغيرة ما بين 60 إلى 70 % من الخسائر على كلا الجانبين، وأشار إلى أن هذه الطائرات تُلحق ضرراً يُعادل ضعف الضرر الذي يلحقه أي نوع آخر من الأسلحة مجتمعة، وهي لا تزال في تطور مستمر.

فيما أوضح المحلل البريطاني للشؤون الأمنية والاستراتيجية، أوليفر ستيوارد، الأهمية الكبيرة لردع تلك التهديدات المتزايدة، لافتاً إلى أن هناك محاولة من دول حلف شمال الأطلسي “الناتو”، لتطوير استراتيجيات عسكرية للدفاع ضد المركبات غير المأهولة.

وأشار إلى أن الدفاع ضد الطائرات المسيرة تتراوح ما بين الدفاعات التقليدية الصاروخية، مروراً بالهجمات الإلكترونية سواء للسيطرة على الطائرة المهاجمة أو التشويش على المشغل، وحتى الحلول المبتكرة مثل أسلحة الطاقة وغيرها.

فيما أكد روزوماندو، أنه لا تزال الجيوش في المراحل الأولى من تطوير تكتيكات لمكافحة الطائرات المسيرة، مضيفاً أن معظم الطائرات المسيرة القتالية اليوم صغيرة الحجم، ويصعب اكتشافها وردعها مقارنة بالطائرات أو المروحيات التقليدية، ولا تعمل الدفاعات الجوية التقليدية عادة ضدها.

ويكمن التحدي الأكبر في الطائرات المسيرة في عددها، وذلك وفقاً لهامبلينج، الذي أكد أنه قد يكون من السهل التصدي لها منفردة، ولكن بأعداد كبيرة، يُمكنها التغلب على الدفاعات، وعلى سبيل المثال، تُنتج الولايات المتحدة حوالي 700 صاروخ Patriot فقط سنوياً، بينما تُطلق روسيا أكثر من 700 طائرة مسيرة في ليلة واحدة.

طرق مبتكرة للدفاع

وظهرت مؤخراً، طرقاً مبتكرة للدفاع ضد الطائرات المسيرة والمركبات غير المأهولة، ولكنها لا تزال في طور التجارب، إذ لم يتم تبني أيا منها سوى أسلحة الطاقة الموجهة في نطاقات محددة.

وتسعى الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وإسرائيل وغيرها من الدول إلى ابتكار أدوات للدفاع ضد الطائرات المسيرة، يمكن ذكر بعضها:

مقذوفات فرط صوتية

يعتزم الجيش الأميركي منح اتفاقيات النماذج الأولية لشركة BAE Systems لأسلحة جديدة فائقة السرعة لإسقاط الطائرات المسيرة وغيرها من التهديدات المحمولة جواً.

وأجرى الجيش الأميركي مؤخراً، أبحاثاً لتزويده بمعلومات حول سعيه للحصول على قاذف مدفعي متعدد المجالات – MDAC، والمقذوفات فائقة السرعة- HVP، بما في ذلك عبر طلبات المعلومات التي تم إصدارها في يوليو الماضي، وذلك وفقا لموقع Defense Scoop.

وقال مسؤولون في الجيش الأميركي، إنه بناءً على الأبحاث التي أجريت في الفترة من  يوليو إلى أكتوبر 2024، يعتقد مكتب القدرات السريعة والتكنولوجيات الحرجة التابع للجيش الأميركي أن شركة BAE Systems Land & Armaments LP هي الوحيدة القادرة على تطوير، وتسليم كل من النماذج الأولية لـ MDAC وHVP ضمن الجدول الزمني المطلوب.

وبناءً على ذلك، يخطط مكتب القدرات السريعة والتكنولوجيا الحرجة- RCCTO لإصدار طلب مصدر وحيد لتقديم مقترح النموذج الأولي للمقاول، حيث يتطلع إلى منح اتفاقية معاملة أخرى.

ومنح مكتب القدرات الاستراتيجية التابع للبنتاجون- SCO، والذي يخضع لمكتب وزير الدفاع، شركة BAE Systems عقداً بقيمة 16 مليون دولار قبل بضع سنوات لتطوير وإظهار قوة مقذوفاتها فائقة السرعة ضد الأهداف الأرضية على “مسافات طويلة للغاية”، فضلاً عن العمل على تقنية HVP للبحرية الأميركية.

وقالت شركة BAE Systems، إن HVP عبارة عن قذيفة موجهة منخفضة السحب من الجيل التالي، قادرة على تنفيذ مهام متعددة لعدد من أنظمة القاذفات المدفعية، مثل أنظمة البحرية مقاس 5 بوصات؛ وأنظمة البحرية ومشاة البحرية والجيش مقاس 155 ملم؛ والمدافع الكهرومغناطيسية المستقبلية. 

جدار طاقة

أعلنت شركة Epirus الأميركية للصناعات العسكرية، نجاحها في إنتاج نسخة حديثة من سلاح يعتمد على الموجات متناهية الصغر (ميكروويف) لإسقاط الطائرات المسيرة المعادية في الجو.

وقالت الشركة، إن المنظومة الجديدة المعروفة باسم Leonidas Expeditionary تقوم بإنتاج موجات ميكروويف عالية الطاقة، بإمكانها إسقاط أسراب من الطائرات المسيرة، عبر تشكيل جدار ضخم من الطاقة الكهرومغناطيسية في الجو، وفقا لموقع Defense News.

وسلمت الشركة في السابق، أنظمة ميكروويف عالية الطاقة بالفعل للقوات البرية الأميركية كجزء من عقد وقعته العام الماضي بقيمة 66 مليون دولار.

وطورت الشركة سلاحها الجديد Leonidas Expeditionary، بالشراكة مع مكتب البحوث البحرية، ومكتب مكافحة أنظمة الطائرات المسيرة الصغيرة، وكشفت الشركة عن نظامها الجديد في 23 سبتمبر الماضي، ومن المتوقع أن تقوم بتسليم هذه المنظومة الجديدة إلى مختبر سلاح مشاة البحرية الأميركية بحلول نهاية العام الجاري.

ويوجد حتى الآن 4 فئات من السلاح المذكور، لكن أحدثها هي ما أعلنت عنها الشركة والمعروفة باسم ExDECS، وكانت الفئات الأخرى الثلاث التي قدمتها الشركة، في وقت سابق، يمكن دمجها بالمركبات أو الطائرات المسيرة.

وقال المتحدث باسم شركة Epirus، أندرو وارجوفتشيك، إن الفئة الجديدة من السلاح قادرة على إسقاط سرب كامل من الطائرات المسيرة، ويمكن نقلها من مكان لآخر بسهولة.

طائرات تقذف اللهب

أعلنت روسيا تطوير طائرة بدون طيار تحمل قاذفة لهب مصممة لمواجهة الطائرات المسيرة الأوكرانية من منظور الشخص الأول– FPV.

وقال خبراء إن التكتيك الجديد الذي طورته روسيا، من المرجح أن يكون غير فعال ضد الأهداف المتحركة، وفق موقع Defense News.

ونشرت قنوات تليجرام الروسية، لقطات تظهر ما يبدو أنه مركبة جوية مسيرة مزودة بمزيج قابل للاشتعال، والتي بمجرد ارتفاعها في الهواء، أطلقت ألسنة لهب قوية.

وقال فيديريكو بورساري، الزميل المقيم في المركز الأميركي لتحليل السياسات الأوروبية، تعليقاً على الفيديو، إن الطائرة يعتقد أنها رباعية المراوح تجارية، تحمل خزاناً صغيراً مملوءاً بمادة قابلة للاشتعال، ربما تزن حوالي رطل أو رطلين، ويمكنها رشها إلى الأسفل، ما يخلق تأثير قاذف اللهب بمدى فعال يتراوح بين مترين إلى ثلاثة أمتار.

وقال خبراء، إن المنصة يبدو أنها صُممت خصيصاً لاستهداف الطائرات المسيرة المعادية، ويرجح أن يكون هذا الإجراء الروسي المضاد رداً على استخدام الجيش الأوكراني لطائرات بدون طيار من طراز FPV لرش مادة الثرميت فوق المناطق الحرجة التي يشتبه في وجود قوات ومعدات معادية فيها.

ومع ذلك، يشكك بعض المحللين في فعالية قاذفات اللهب، إذ إن توجيه تيار اللهب بدقة نحو الطائرات الأوكرانية المسيرة سريعة الحركة، والتي تسقط الثرميت سيكون أمراً صعباً.

وقال صامويل بينديت، المستشار في مجال التكنولوجيا العسكرية الروسية في مركز التحليلات البحرية: “لضرب طائرة أخرى بقاذفة اللهب، يجب أن يكون الطيار المتحكم أكثر دقة”، لافتاً إلى أن ذلك التكتيك قد ينجح ضد بعض الطائرات التي تحوم في مكانها للمراقبة، وإلا إذا كانت الطائرة المسيرة تتحرك، فسيكون من الصعب جداً إطلاق هذا النوع من السائل على هدف متحرك.

وأشار بورساري إلى أن الكمية المحدودة من المحلول القابل للاشتعال التي يمكن أن تحملها الطائرة الروسية المسيرة تشكل قيداً مهماً آخر، والذي يقدر أنه يكفي بالكاد لطلعة جوية واحدة قبل الحاجة إلى إعادة تعبئته.

وأضاف أنه مع استنفاد الطائرة بدون طيار للسائل القابل للاشتعال وانخفاض ضغط آلية الرش، فإن الحرارة العائدة قد تتسبب في إتلاف الطائرة بدون طيار نفسها وتتسبب في تحطمها إذا استمر المشغل في تحليقها.

حائط الصين العظيم

وكشفت الصين عن نظام أسلحة مبتكر، يُعد الأول من نوعه في العالم، قادر على التصدي بفعالية لأسراب من الطائرات المسيرة.

وتحمل منظومة الدفاع الجوي الصينية مسمى “نظام وابل الأسلحة المضادة للطائرات المسيرة والمضاد للصواريخ”، وذلك وفقا لمجلة  Modern Weaponry، ونقل عنها موقع Global Times الصيني.

وأكد كبير مصممي النظام الصيني، يو بين، أن “الوابل” الذي يُطلقه السلاح هو جدار من المقذوفات يغطي المواقع القادمة لجميع الأهداف، محققاً اعتراضاً فعالاً من خلال مفهوم “الطائرة إلى الهدف”.

وأضاف يو أن مدافع الدفاع الجوي التقليدية تستخدم مفهوم الاعتراض من “النقطة إلى الهدف”، ولكن عند إطلاق عدة مدافع دفاع جوي النار معاً، فإنها تزيد من كثافة النيران واحتمالية الاعتراض، مشيراً إلى أن نظامه الجديد مُطور بمفهوم مماثل.

وعرضت مجلة Modern Weaponry نموذجاً أولياً للسلاح الجديد، يتميز بـ 16 سبطانة مدفع مصممة بدقة وذخائر فريدة، وقال يو إن نظام الدفاع الجوي القريب هو الأول من نوعه في العالم، ويهدف إلى التعامل مع التهديدات الجوية مثل أسراب الطائرات المسيرة.

ويتميز بسرعة إعادة التعبئة العالية، وكثافة النيران العالية، وحجم القصف الذي يمكن التحكم فيه، والقوة التدميرية المتميزة، والقدرة على مرافقة القوات في المناورات.

وأجرى النظام الصيني الجديد، عروضاً توضيحية متعددة ضد أسراب الطائرات المسيرة، وأظهرت النتائج أنه يمكنه إسقاط جميع الطائرات المسيرة صغيرة الحجم بقصف واحد.

وبالإضافة إلى أسراب الطائرات المسيرة، يمكن للسلاح الصيني أيضاً اعتراض الذخائر عالية السرعة التي تُطلق من الجو مثل الصواريخ.

ويمكنه أيضاً مواجهة الصواريخ وقذائف الهاون وقذائف الهاوتزر، وقال إنه في حين أن الأهداف الأساسية للسلاح الصيني هي الأهداف الجوية القادمة مثل أسراب الطائرات المسيرة والطائرات ذات الأجنحة الثابتة والمروحيات والصواريخ المجنحة وغيرها، فإنه من الممكن أيضاً مهاجمة أهداف أرضية أو سطحية عند الضرورة.

وأضاف كبير المصممين أن النظام مقسم أيضاً إلى وحدات، ما يجعل من الممكن تثبيته على الشاحنات والمركبات المدرعة المجنزرة أو ذات العجلات، وكذلك السفن الحربية.

وقال فو تشيانشاو، الخبير في الشؤون العسكرية الصينية، لصحيفة Global Times إنه يرى آفاقاً جيدة في السلاح الجديد نظرا لكفاءته العالية من حيث التكلفة وفعاليته الجيدة ضد أسراب الطائرات المسيرة والصواريخ.

وأضاف أن النظام الصيني الجديد ليس جذاباً للمستخدمين المحليين فحسب، بل يمكن طرحه أيضاً في السوق الدولية، حيث تواجه ساحات القتال التهديدات المتزايدة التي تشكلها الطائرات المسيرة.

الشعاع الحديدي

أعلن الجيش الإسرائيلي، استخدام أسلحة ليزر بالفعل في التصدي لهجمات “حزب الله” بالطائرات المسيرة والصواريخ.

وقالت مجلة  The National Interest، إنه في حين أن قدرات الدفاع الجوي المتدرجة في إسرائيل مثل “القبة الحديدية” نجحت في حمايتها من معظم هذه الهجمات، فإن إدخال Iron Beam سيضيف مستوى جديداً تماماً للحماية.

وكشفت شركة Rafael للمرة الأولى عن نظام Iron Beam البحري في معرض IMDEX Asia عام 2023. 

وكما هو الحال مع النسخة البرية، يمكن دمج Iron Beam البحري في أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية الحالية، مثل “القبة الحديدية”. 

وأوضح  ران جوزالي، نائب الرئيس التنفيذي ورئيس مديرية الأنظمة البرية والبحرية في  Rafael، أن Iron Beam نظام “بالغ الأهمية” لمواجهة التهديدات الناشئة. 

وأضاف أن محفظة Rafael البحرية تشهد “نمواً مستمراً”، وتحديث للأنظمة باستمرار، وينصب التركيز على البحث والتطوير لإيجاد حلول جديدة للتحديات الحالية والمستقبلية. 

بينما يتم ربط أسلحة طاقة الليزر للوهلة الأولى بالخيال العلمي، يُقيم الإسرائيليون مفهوم Iron Beam منذ أكثر من عقدين. 

وترتبط أنظمة الطاقة بمبادرة الدفاع الاستراتيجي الأميركية، التي تم تشكيلها في عهد إدارة رونالد ريجان في ثمانينيات القرن الماضي، وأُطلق على هذا  البرنامج اسم “حرب النجوم”، وكان هذا البرنامج دراسة مبتكرة لمفاهيم الأسلحة المتقدمة الجديدة، بما في ذلك الليزر. 

ومع ذلك، نظراً لعدم توفر التكنولوجيا اللازمة خلال تلك الفترة لتحويل هذا المفهوم إلى واقع، لم يُكتب له النجاح، ولم تتوصل إسرائيل إلى التكنولوجيا اللازمة للكشف عن  برنامج Iron Beam إلا  في عام 2014 خلال معرض سنغافورة الجوي.

وبينما لا تزال المواصفات والتفاصيل المتعلقة بهذا المسعى سرية للغاية، يُعتقد حالياً أن Iron Beam يتمتع بمدى فعال أقصى يصل إلى سبعة كيلومترات، وهو قادر على اعتراض وتدمير مجموعة من المقذوفات باستخدام كابليه المزدوجين عاليي الطاقة من الألياف الضوئية. 

وإلى جانب التقنيات المتطورة المُدمجة في Iron Beam، فإن توفير تكاليف التشغيل والذخيرة تجعل هذا السلاح عالي الطاقة مفضلا لدى إسرائيل.

وبينما يتراوح سعر صاروخ اعتراض “القبة الحديدية” بين 50000 و100000 دولار أميركي للصاروخ الواحد، فإن Iron Beam سيكلف جزءاً ضئيلاً من هذا السعر، ولن تُكلف كل  عملية اعتراض من Iron Beam سوى بضعة دولارات من الكهرباء.

كيف تطورت الدفاعات؟

أكد ستيوارد، أنه لا دفاع فعال حتى الآن ضد جميع أنواع الطائرات المسيرة، ولكن يمكن مواجهة كل طراز من الطائرات المسيرة على حدى، فيما أوضحت تسوكرمان، أن ردع الطائرات المسيرة يمثل تحدياً للأطر التقليدية، نظراً لرخص ثمنها وانتشارها الواسع وسهولة استبدالها.

وأضافت أنه نادراً ما يُحمّل تدمير طائرة مسيّرة المهاجم تكلفةً كبيرة، على عكس خسارة الطائرات المأهولة أو مخزونات الصواريخ، ما يؤدي هذا التفاوت الاقتصادي إلى تعقيد عملية الردع، إذ يُمكن للمهاجم أن يتكبّد خسائر متكررة مع إلحاق أضرار جسيمة.

وأكدت تسوكرمان، أن أنظمة مكافحة الطائرات المسيرة الفعالة تشكل آلية مكلفة، ما يزيد من مخاطر استخدامها، ويُشكل هذا عاملاً محبطاً، خاصة للجهات الحكومية المعنية بالحفاظ على قدراتها وتجنب التصعيد.

وأشارت إلى أن “الردع الحالي هش” ويجب تحديثه باستمرار لمواكبة تطور تكنولوجيا الطائرات المسيرة.

وتُوفر الحرب السيبرانية والإلكترونية وسيلة مُكملةً للردع من خلال تعطيل البنية التحتية للقيادة والتحكم في عمليات الطائرات المسيرة.

ويخشي المهاجمون من الاستيلاء على طائراتهم المسيّرة أو اختطافها أو تعطيلها من خلال هجمات سيبرانية أو تشويش الإشارات.

وأوضحت تسوكرمان، أنه في نهاية المطاف، سيتضمن الردع ضد الطائرات المسيرة تكاملاً بين المجالات العسكرية والتكنولوجية والسياسية والقانونية، ولا يوجد إجراء واحد يوفر حماية أو ردعاً كاملين.

فيما أكد هامبلينج، أن التشويش على الطائرات المسيرة من الوسائل المهمة والفعالة للدفاع ضدها، وكذلك المدافع المضادة للطائرات، لكن أفضل حماية ضد الطائرات المسيرة قد تكون طائرة أخرى.

وأشار إلى أن كلا الجانبين في ساحة أوكرانيا يستخدمان طائرات اعتراضية مسيرة، وقد تزداد أهمية هذه الطائرات.

وأوضح هامبلينج، أنه توجد طريقة أخرى تتمثل في مهاجمة “النقطة اليسرى من نقطة الإطلاق”: أي تدمير الطائرات المسيرة قبل أن تُشكل تهديداً، وهذا يعني ضرب منشآت إنتاج وتخزين وإطلاق الطائرات المسيرة.

شاركها.