بدأت ملامح مبكرة لمعركة الخلافة داخل الحزب الجمهوري في التشكل، خاصة بعد نتائج الانتخابات الأخيرة التي جرت الثلاثاء، وأظهرت أداءً ضعيفاً للجمهوريين، وأثارت تساؤلات بشأن مستقبل الحزب بعد الرئيس دونالد ترمب، وسط مخاوف من أن عدم وجود اسمه على بطاقات الاقتراع بانتخابات 2028، سيصعب مهمة حشد الناخبين، وهو ما ألمح إليه ترمب بالفعل.

أفادت مجلة “بوليتيكو” بأن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أبلغ مقربين منه أن نائب الرئيس جيه دي فانس هو الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة لعام 2028، مؤكداً أنه سيدعمه في حال قرر خوض السباق.

ونقلت المجلة عن مصدرين مطلعين على مواقف روبيو أن الوزير عبّر عن قناعته بأن فانس سيكون “المرشح الطبيعي” لخلافة الرئيس دونالد ترمب، مضيفين أن دعمه له يعكس تفكير بعض الجمهوريين بالفعل في معركة ما بعد ترمب، رغم أن أقل من عام مضى على بداية ولايته الجديدة.

وقال أحد المقربين من روبيو إن الوزير كان “واضحاً تماماً في قوله إن جيه دي فانس، سيكون مرشح الحزب الجمهوري إذا رغب في ذلك”، مشيراً إلى أنه عبّر عن هذا الموقف في أحاديثه الخاصة والعامة على السواء، فيما أكد مصدر آخر أن “الوزير سيفعل كل ما في وسعه لدعم نائب الرئيس في هذا المسار”.

وترى “بوليتيكو” أن هذا التوجه يعكس ملامح مبكرة لمعركة الخلافة داخل الحزب الجمهوري، خاصة بعد نتائج الانتخابات الأخيرة التي أظهرت أداءً ضعيفاً للجمهوريين، وأثارت تساؤلات بشأن مستقبل الحزب بعد ترمب.

وألمح ترمب في أكثر من مناسبة إلى أن فانس وروبيو هما الأوفر حظاً لخلافته، بل اقترح الأسبوع الماضي، أن يترشح الاثنان على بطاقة واحدة. ورغم تأكيد الرجلين صداقتهما ونفي أي تنافس بينهما، تتزايد التكهنات بشأن من سيقود تيار “اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً” في المرحلة المقبلة.

وقال مصدر ثانٍ مطّلع على العلاقة بين الرجلين، طلب بدوره عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الموضوع، إنه “لا أحد يتوقع أن يستقيل ماركو (روبيو) من الحكومة ليبدأ بمهاجمة نائب الرئيس الحالي. هما صديقان في النهاية”. 

ونقلت “بوليتيكو” عن مصدر مقرب من البيت الأبيض أن “التوقع السائد هو أن يكون فانس المرشح للرئاسة وروبيو نائباً له”، فيما أظهر استطلاع أجرته بوليتيكو بين 18 و21 أكتوبر أن فانس يتصدر قائمة المفضلين لدى ناخبي ترمب بنسبة 35%، مقابل 2% فقط لروبيو، في حين قال 28% إنهم يفضلون ترمب نفسه.

ورغم أن ترشحاً مشتركاً بين فانس وروبيو قد يعزز صورتهما كخليفين محتملين لترمب، فإن استطلاعات “بوليتيكو” تُظهر أيضا حجم العمل المطلوب لكسب الناخبين الذين لم يحسموا موقفهم بعد، أو الذين يفضلون بقاء ترمب لولاية ثالثة.

قلق وسط الجمهوريين

ويزداد الحديث عن الخلافة بعد نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة التي جرت الثلاثاء الماضي، والتي شهد فيها الجمهوريون أداءً ضعيفاً، مما أثار القلق داخل الحزب من أن غياب ترمب عن قوائم الاقتراع يجعل من الصعب حشد الناخبين.

وقال جيمس بلير، مدير حملة ترمب الانتخابية لعام 2024، إن على أي جمهوري يفكر في الترشح عام 2028 أن يركز أولاً على انتخابات التجديد النصفي: “إذا كنت جمهورياً تخطط للترشح في 2028، فعليك الآن أن تركز على إبقاء الحزب في السلطة في انتخابات 2026. الأولوية هي العمل الجماعي لا الطموحات الشخصية”، مضيفاً في مقابلة مع “بوليتيكو” أن “الناخبين سيتعرّفون بسرعة على أي شخص يبدو أنه يفكر بنفسه قبل أن يفكر بالحزب”.

وفي الصيف الماضي، اضطر وزير الصحة والخدمات الإنسانية روبرت إف كينيدي جونيور إلى استبعاد نفسه من سباق 2028 بعد أن صرّحت الناشطة اليمينية لورا لومر لـ “بوليتيكو” بأنها تخشى أن يكون أحد كبار مساعديه يستغل موقعه لتمهيد الطريق لترشحه للرئاسة. 

كما سبق لعدد من أعضاء حكومة ترمب الحاليين أن سعوا إلى المنصب نفسه، من بينهم وزير الداخلية دوج بورجم ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد. 
لكن أحداً من الدائرة الضيقة حول ترمب لا يُنظر إليه على أنه يتمتع بفرصة جدّية للفوز بدعمه مثل فانس وروبيو.

ورأت “بوليتيكو” أن فانس، بحكم موقعه كنائب للرئيس، وروبيو، الذي سبق أن خاض سباق الرئاسة عام 2016، يعدان المرشحين الطبيعيين لخلافة ترمب.

وقد حرص الاثنان على نفي أي حديث عن منافسة بينهما، فيما يشدد مسؤولون في الإدارة على متانة العلاقة التي تجمعهما. وغالباً ما يشاركان معاً في اجتماعات سياسية تنسقها رئيسة موظفي البيت الأبيض، سوزي وايلز، التي تستضيفهما في مكتبها قبيل لقائهما بالرئيس.

ورغم أن روبيو صرّح علناً بأن فانس “سيكون مرشحاً رائعاً”، إلا أن مواقفه قد تتغير، كما حدث مع كثيرين ممن ترشحوا للرئاسة في السابق. فالانتخابات لا تزال بعيدة، وستتغير خريطة المنافسة مع مرور الوقت والنتائج المقبلة للانتخابات النصفية، وفقا لـ”بوليتيكو”.

وكان فانس وروبيو زميلين في مجلس الشيوخ، حيث اعتادا تناول الغداء معاً ومناقشة الأفلام وشؤون الدفاع الوطني، كما عملا سوياً على تشريع “قانون وليام إس. نودسن لإعادة تعبئة الدفاع” الذي يدعو إلى وضع استراتيجية وطنية لإحياء الإنتاج الدفاعي.

شاركها.