قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إن كييف مستعدة للمضي قدماً في اتفاق السلام المدعوم من الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه مستعد كذلك لمناقشة “النقاط الحساسة” مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال محادثات قال إنها يجب أن تشمل الحلفاء الأوروبيين.
وفي خطاب ألقاه أمام “تحالف الراغبين”، حث زيلينسكي القادة الأوروبيين على وضع إطار عمل لنشر “قوة تطمين” في أوكرانيا، ومواصلة دعم كييف “ما دامت موسكو لا تظهر أي رغبة في إنهاء حربها”.
من جانبه، قال الرئيس الأميركي، الثلاثاء، في تصريحات صحافية، إنه يعتقد أن التوصل إلى اتفاق بشأن الحرب في أوكرانيا بات قريباً جداً، لكنه لم يقدم أي تفاصيل أخرى، مضيفاً: سنصل إلى ذلك”.
وأضاف ترمب: “أنهيتُ أيضاً 8 حروب في 9 أشهر، ونحن نعمل على تلك الحرب الأخيرة (في أوكرانيا). الأمر ليس سهلاً، لكن لا أعرف. أعتقد أننا سنصل إلى هناك”.
في سياق متصل، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بعد اجتماع عبر الفيديو لـ”تحالف الراغبين”، إن أوكرانيا بحاجة إلى سلام “جاد ويحترم القانون الدولي”.
وأضاف ماكرون أن فرنسا ستُكمل مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى وضع حل لتقديم الدعم المالي لأوكرانيا، مشيراً إلى الأصول الروسية المجمّدة.
ونقل موقع “أكسيوس” الأميركي عن أندريه يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني، أن زيلينسكي يريد لقاء ترمب “في أقرب وقت ممكن”، موضحاً أن الهدف وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق أميركي أوكراني مشترك بشأن شروط إنهاء الحرب مع روسيا.
وذكر يرماك أن زيلينسكي يرغب في التفاوض شخصياً مع ترمب لحسم مسألة التنازلات عن الأراضي.
“أهمية رمزية”
من جهته، أشار مسؤول أميركي لـ”أكسيوس” إلى وجود مناقشات مع الأوكرانيين حول عقد اجتماع هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل، لكنه قال إنه لم يتم تحديد موعد بعد.
وسيغادر ترمب العاصمة واشنطن إلى ولاية فلوريدا، مساء الثلاثاء، لقضاء عطلة عيد الشكر في 27 نوفمبر حتى الأحد المقبل. واعتبر يرماك أن “عقد الاجتماع في خلال العطلة قد يحمل أهمية رمزية”.
وفي مقابلة عبر تطبيق “زووم”، أعرب المسؤول الأوكراني عن أمله بأن “تتم زيارة الرئيس زيلينسكي في أقرب وقت ممكن، لأنها.. ستساعد الرئيس ترمب على مواصلة مهمته التاريخية لإنهاء هذه الحرب”.
وأضاف: “ترمب يمكن أن يقول: انظروا، هذا موقفنا المؤكد والمتفق عليه مع الأوكرانيين. نحن ندعمه، ونواصل الآن التحدث مع الروس”.
وذكر يرماك أن القضية الأساسية التي يتعين على رئيسي البلدين حلها هي الأراضي، مشيراً إلى أن خطة الـ28 نقطة وعدت روسيا بأراضٍ إضافية تتجاوز ما تسيطر عليه حالياً، مما أثار رد فعل قوياً من أوكرانيا وبعض مؤيديها.
وترى الولايات المتحدة أن خسارة أوكرانيا لتلك الأراضي هي مجرد مسألة وقت لا غير، وذلك بالنظر إلى المسار الحالي للحرب.
وباستثناء المسائل المحددة، وعلى رأسها الأراضي، التي يرغب زيلينسكي بحثها مع ترمب، أكد يرماك أن “المسودة الحالية لخطة السلام تتوافق مع مصالح أوكرانيا وتحترم خطوطها الحمراء”.
الضمانات الأمنية
ومن القضايا الرئيسة التي تم تعديلها في المسودة الجديدة هي الضمانات الأمنية التي ستقدمها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون لأوكرانيا.
وفي السياق، قال يرماك: “أعتقد أن الضمانات تبدو قوية جداً الآن”، واصفاً إياها بأنها “قرار تاريخي للرئيس ترمب والولايات المتحدة لإصدار هذه الضمانات الأمنية القوية، التي لم تكن لأوكرانيا من قبل”.
وأوضح أن الضمانات الأمنية ستكون “ملزمة قانوناً”، ولفت إلى “رد فعل إيجابي” من الجانب الأميركي على فكرة تضمينها في “معاهدة رسمية”.
وأفاد “أكسيوس” بأن المسودة السابقة دعت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “الناتو” إلى التعامل مع الهجوم الروسي المستمر على أوكرانيا باعتباره هجوماً على “المجتمع الأطلسي”.
وكانت الخطة الأميركية الأولية قد دعت أوكرانيا إلى التخلي عن طموحها بالانضمام إلى حلف “الناتو”، وحظر وجود قوات الحلف على أراضيها، مقابل الحصول على ضمان أمني.
وذكر مدير مكتب زيلينسكي أن “أوكرانيا لن تلغي التزامها الدستوري بالتحرك نحو الناتو في المستقبل”، لكنه أردف: “الواقع الحالي هو أننا لسنا في الناتو”.
ووفقاً لـ”أكسيوس”، فإن مستوى التفاؤل الذي يعبر عنه الجانبان الأميركي والأوكراني “مذهل”، بالنظر إلى أن ترمب كان يضغط علناً قبل أيام قليلة على زيلينسكي للتوقيع على صفقة قال الأخير إنها ستكلف بلاده كرامتها.
ولفت يرماك إلى أن خطة الـ 28 نقطة كانت “غير مقبولة”، لكنها أصبحت “من الماضي”.
ومضى قائلاً: “اقتراحي هو أن ننسى الـ28 نقطة.. لقد تغيرت الحياة بسرعة كبيرة لدرجة أنني أعتقد الآن أنها أصبحت في الماضي. هذا أمر رائع، أن شركاءنا يدعموننا ويستمعون إلينا، ويعملون على وضع خطة تكون مقبولة لأوكرانيا”.
وأفاد “أكسيوس” بأن المسودة الحالية تتضمن الآن 19 نقطة، حيث تم حذف القضايا غير المتعلقة مباشرة بالسلام في أوكرانيا وتم تعديل نقاط أخرى لتكون مقبولة لدى كييف.
وأثنى يرماك على نظرائه الأميركيين، بمن فيهم وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الجيش دان دريسكول والمبعوثان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر.
تلويح روسي
وفي المقابل، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في وقت سابق الثلاثاء، إن خطة السلام المعدّلة لأوكرانيا، يجب أن تعكس “روح ونص” التفاهمات التي تم التوصل إليها بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترمب خلال قمتهما في ألاسكا.
وأشار لافروف، خلال مؤتمر صحافي في موسكو، إلى أن روسيا رحبت بالنسخة الأولى من خطة السلام الأميركية لأوكرانيا، لكنها تنتظر نسخة “مؤقتة” معدلة بعد أن تنتهي واشنطن من تنسيقها مع أوكرانيا وأوروبا.
وأوضح أنه “إذا لم تعكس النسخة المعدلة ما ناقشه بوتين وترمب في ألاسكا في أغسطس، فإن روسيا ستتخذ موقفاً مختلفاً تماماً تجاه المبادرة”.
وتابع: “تقييماتنا لا تزال صالحة من حيث أن الأحكام الرئيسية لخطة ترمب (الأصلية) مبنية على التفاهمات التي تم التوصل إليها في أنكوراج خلال القمة الروسية الأميركية في أغسطس من هذا العام. وهذه المبادئ منعكسة عموماً في الخطة التي رحبنا بها”.
من جهته، اعتبر يرماك أن الهجمات الروسية على العاصمة كييف صباح الثلاثاء، “علامة على أن موسكو لا تخطط لإحلال السلام”، لكنه أكد أنه في حال تمكنت الولايات المتحدة وأوكرانيا من وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق مشترك، وضغط ترمب على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتفاوض بموجب تلك الشروط، فقد تكون نهاية الحرب قريبة.
وفي السياق، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، في منشور على منصة “إكس”، إن “لا تزال هناك بعض التفاصيل الحساسة، ولكن غير المستعصية، التي يجب تسويتها، وستتطلب مزيداً من المحادثات بين أوكرانيا وروسيا وواشنطن”.
وأضافت ليفيت: “خلال الأسبوع الماضي، حققت الولايات المتحدة تقدماً كبيراً نحو التوصل إلى اتفاق سلام من خلال جمع كل من أوكرانيا وروسيا إلى طاولة المفاوضات”.
